شاهدت خبر تظاهرة »شلعوطين ونصف«، في مصر، مؤيدة لحسني مبارك داعيةً لتكريمه بدل محاكمته على جرائمه بحق الشعب المصري والإنسانية والقضية العربية المقدسة، فتساءلت: ما الذي يدفع هؤلاء للدفاع عن دكتاتور ساقط وما الذي قدمه لهم عبر ٣٠ عاماً عدا إكتنازه وعائلته الفاسدة للذهب والفضة، في حين أدى الفقر ببعض المصريين ليسكنوا في المقابر؟ يحتمل أن يكمن الجواب في أن البعض يعمل وفق قاعدة »خالف تعرف«، أو أن عناصر الثورة المضادة المستفيدة دائماً من فتات النظام تتحرك في الظلام ظناً منها أنها سوف تعيق مسيرة التاريخ.
لعل هذا ما يفسر بعض أسباب »الثورة المضادة« في سوريا المستفيدة من الحقد الخارجي الغربي على الشعب والنظام ومستغلةً ربيع الثورات العربية لكي تثأر من النظام الممانع وللقضاء على المجال الحيوي للمقاومة وللقوة الإعتراضية الواقفة في وجه إسرائيل. وإلا بماذا نفسر ردة الفعل السريعة للغرب وقوى »المعارضة الخدامية« في الخارج، بمجرد إنتهاء خطاب الرئيس بشار الأسد الذي قدم فيه إصلاحات لم يكن ليحلم بها في حياتهم المتشدقون في عواصم الغرب الذين ينعتون بلدهم بأقذع النعوت وهم أنفسهم مطيةً لمصالح خارجية تريد تفتيت سوريا إلى كانتونات طائفية، مثل المدعو الناطق بإسم ما يسمى »لجان التنسيق« في واشنطن، الفاقد للتنسيق والتوازن بتجاهله، خلال حديثٍ متلفز على محطة »العبرية« السعودية، للمظاهرات المؤيدة للوطن السوري ولنظامه الشريف ولمشروع الإصلاح الهام فيه. لكن الظاهر، لو أن الرئيس بشار »بصم بالعشرة« فلن يستكين هؤلاء المرتبطين، لكن القافلة تسير وستسحقهم عجلة التاريخ. فها هي سوريا اليوم تتخطى »صيبة العين« الأمنية والسياسية بعد تسرب أخبار غربية أن جماعات مسلحة تكفيرية تهاجم مواقع أمنية في حين إنكشفت نوايا ما يسمى »معارضة الخارج« بعد إنعقاد مؤتمر للمعارضة الوطنية السورية في دمشق وتحت سقف القانون وبعد التظاهرات الشعبية العارمة المؤيدة لكرامة سوريا.
»الثورة المضادة« التي كانت خطة الغرب لإحباط الربيع العربي إبتداءً من سوريا، لم تحقق اهدافها وبالتالي إنكشف زيف أدعياء المعارضة الذين يريدون رفع علم إسرائيل في دمشق، وستخرج سوريا قيادةً وشعباً رأس حربة من جديد لإحياء الثورة العربية وقضيتها المقدسة: فلسطين.
أما في وطن »خيال الصحراء« موئل »الثورة الجيفية« (نسبةً إلى عرابها جيف)، أكبر »ثورة مضادة« عرفها التاريخ، فهناك العجب العجاب! هناك جمهورٌ يتبع سعد الطائر (الهارب) »على العمياني«، ولو لم يحترم رأيه مرةً واحدة عند تبديله لمواقفه ١٨٠ درجة مثل أكله من الصحن السوري مشاركاً الرئيس بشار في طعامه واستضافته في قصر الضيافة السوري معززاً مكرماً رغم كل ما تسبب فيه مع جماعة »١٤ عبيد زغار« من تجريح وتحريض عنصري على سوريا تسبب بقتل عشرات العمال السوريين، إلى إستنكاره لشهود الزور وتبرئة سوريا من جريمة الحريري، ثم انقلابه وإنكاره للجميل واشهار قلة وفائه للخبز والملح بالمشاركة في تخريب الأمن السوري عبر لبنان حتى وصل به الأمر إلى الطرح-التحدي: إما هو أو الرئيس بشار! الله الله يا زمن! كم كان المتنبي محقاً عندما قال: إن أكرمت الكريم ملكته وإن أكرمت اللئيم تمردا.
ماذا فعل »سعد« لأهالي طرابلس وعكار والشمال بشكلٍ عام والبقاع الغربي وهم وقود حربه المذهبية العنصرية؟
بل ماذا فعل لصيدا ولبيروت؟ وماهي المشاريع الإنمائية التي قام بها؟ أين هي المدارس، بل العيادات التي بناها سعد الطائر في الشمال وبالأمس توفت طفلة بعد نقلها من مستشفى حلبا إلى عكار؟ ماذا أعطى وجه السعد إلى أبناء الشمال الذين يحلفون بحياته غيرالوعود الإنتخابية المزيفة في كل حفلة إقتراع؟ لماذا يقف هؤلاء دعماً لمخطط الحريري والسنيورة في التحريض المذهبي وهم لا يملكون شروى نقير بينما السنيورة نهب١١مليار دولار بالتمام والكمال، هذا غير المخفي الأعظم في مغارة »علي بابا« في وزارة المال؟
إن عمق أبناء الشمال والبقاع الغربي وشريانهم الحيوي هو سوريا الأبية التي ضحت بأبنائها من أجل »شبه الكيان«. سعد الحريري عطل هذا الشريان من دون أن يقدم لهم البديل عن حسن الجوار والتواصل الإستراتيجي. ومن علائم الإنقلاب على الربيع العربي التلاعب في »شبه الوطن« بسلعة ووقت صدور قرار المحكمة الإسرائيلية »الزاني« وأن يكون على رأس الحكومة، للأسف، أحد حيتان المال الذي لا ركب له، مع وزير إعلامه »الناشف« الذي »خصه« بكل شيء إلا بالإعلام، (على فكرة، لماذا تقبل الأكثرية بإبقاء وهاب وقنديل ورفيق نصرالله خارج الحكومة، ولماذا لم يكافأ عدنان حسين على موقفه الذي أسقط حكومة الجوال؟)، أو أن يكون مدعي عام التمييز (العنصري) الذي يأتمر بأوامر سعد صلة الوصل مع هذه المحكمة المتآمرة، أو أن يعلن فؤاد السنيورة، بطل الأموال المخفية، عزمه على النضال ضد الحكومة التي جاءت بعد تصويب المسدس لرأس ميقاتي كما أوحى لنا »الخبير الفتنوي المذهبي« كبارة مع »جزار حلبا« خلال اجتماعهما مع السلفيين التكفيريين في طرابلس.
هذا الإجتماع الذي طلب نزع السلاح وهو يقصد سلاحاً واحداً فقط. لقد أفلس المساكين ايتام عمر سليمان الذي إتهمه القضاء المصري مؤخراً، مع عمرو موسى، بمؤامرة تصدير الغاز إلى إسرائيل وأصبحت حتى تعابيرهم متطابقة حرفياً مع الحكومات الغربية حيال معزوفة السلاح والتدخل السوري والإيراني.
من حسن الحظ ، إن عزف المتآمرين على سوريا وعناصر »الثورة المضادة« سيبقى عزفاً منفرداً.. وبالنهاية لا يصح إلا الصحيح!
Leave a Reply