صنعاء، الرياض – كشفت التطورات على الساحة اليمنية، الأسبوع الماضي، عن إحياء الوساطة الخليجية عبر خطة نصّت أساسا على استقالة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مع منحه الحصانة، في وقت استمرت فيه المظاهرات المطالبة برحيل النظام، وسط تفاقم للوضع الأمني في الجنوب بين صدامات بين الأمن وقبليين مؤيدين للثوار، وبين اشتباكاتٍ مع عناصر “القاعدة”.
وفي سياق آخر دعا الرئيس صالح في أول ظهور له بعد محاولة اغتياله في صنعاء، في كلمة مسجلة بثها التلفزيون الرسمي الخميس الماضي إلى تقاسم السلطة في إطار الدستور، وقال “نحن مع مشاركة كل القوى السياسية على ضوء برنامج يتفق الناس عليه”. وطالب القوى السياسية بالاحتكام إلى الدستور لحل القضايا العالقة بين الحكومة والمعارضة.
وقال صالح مخاطبا اليمنيين إنه يرحب بالشراكة على أسس ديمقراطية وعلى أساس حرية الرأي والرأي الآخر، وليس قطع الطرقات وإخافة السبيل، ودعا إلى إعادة النظر بين كل القوى السياسية دون تعاطف أو مجاملة. وأكد أنه سيرحب بالشراكة سواء كانت من المعارضة أو الحزب الحاكم، وأي شي خلاف ذلك فهو مفهوم متخلف وجائر، على حد قوله. كما أعلن صالح في أول ظهور له منذ نقله إلى السعودية دعمه “للجهود” التي يبذلها نائبه عبد ربه منصور هادي، لكنه لم يشر إلى مسألة عودته إلى اليمن.
واعترف الرئيس اليمني بأنه خضع لثماني عمليات جراحية ناجحة نتيجة حروق أصيب بها خلال محاولة اغتياله في الهجوم الذي استهدف قصره الشهر الماضي. وأضاف صالح، الذي ظهر وعلى ذراعيه ويديه ضمادات كثيفة، أن عمليات أجريت أيضا لبعض المسؤولين بينهم رئيسا مجلس النواب والشورى، مؤكدا أن أكثر من 87 من كبار المسؤولين أصيبوا أيضا في الحادث. وأشار إلى أن منهم من “استشهد” وبينهم ضباط، ومنهم من جرح.
كما توجه صالح بالشكر للسعودية ولملكها على الرعاية التي قدموها له وللفريق الذي معه. وللمؤسسة العسكرية والأمنية التي قال إنها وقفت إلى جانب الشرعية، كما شكر “الشعب اليمني العظيم في الداخل والخارج رجالا ونساء شبابا على صمودهم ومواجهة التحدي من قبل عناصر الإرهاب” متعهدا في ختام كلمته بالوقوف في وجه خصومه قائلا “سنواجه التحدي بالتحدي”.
من ناحيته، قال وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي لوكالة الأنباء الفرنسية إن الخطة الخليجية لا تزال قائمة، وتحدث عن مشاورات مكثفة مع أطراف الأزمة، وأبدى أملا في أن تثمر تقدما يخرج اليمن من أزمته. ونصت الخطة الخليجية على استقالة صالح خلال 30 يوما وتسليمه السلطات إلى نائبه، على أن تشكل حكومة وحدة وطنية تنظم انتخابات. وقبلت المعارضة الخطة، لكن صالح رفض توقيعها ثلاث مرات، وهو يقول الآن إنه يريد العودة من مشفاه في المملكة للإشراف على المرحلة الانتقالية.
لكن دبلوماسيين في صنعاء استبعدوا عودة صالح قريبا إلى اليمن، الذي يشهد انفلاتا أمنيا شديدا خاصة في الجنوب حيث سيطر مسلحون تقول السلطات إنهم من القاعدة على مدينتي جعار وزنجبار في محافظة أبين سقط فيها عسرات القتلى.
وأبلغ مسؤول يمني هذا الأسبوع وفدا أمميا يزور اليمن أن نحو 54 ألف شخص نزحوا عن أبين إلى عدن هربا من المعارك، التي سببت نقصا حادا في الغذاء والماء.
ويتهم الثوار النظام بخلق الانفلات في الجنوب والسماح لمسلحي القاعدة بإيجاد موطئ قدم، وأيضا بقطع الكهرباء والماء ومشتقات النفط عن السكان.
ومن جهة أخرى، أعلنت السلطات إيقاف رواتب العسكريين المنشقين، في إجراءٍ وصفه مسؤول عسكري بأنه أقل مما ينص عليه القانون، وهو الفصل من الخدمة.
ويفكر اللقاء المشترك المعارض في إعلان مجلس انتقالي لإنهاء ما يعتبره فراغا دستوريا يسود اليمن حاليا. لكن النظام حذر من المجلس، ووصفه على لسان نائب وزير الإعلام عبده الجندي بدولة داخل الدولة.
وقال عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني يحيى منصور أبو أصبع إن السعودية وأميركا والاتحاد الأوروبي هددوا بعدم الاعتراف بالمجلس، لكنه أضاف أن المعارضة لن تأبه بهذه المواقف.
وتواجه مساعي أحزاب اللقاء المشترك المعارضة في اليمن، لتأليف مجلس انتقالي يدير شؤون البلاد، اعتراضات سعودية وغربية، من المتوقع أن تحول دون إعلانه في وقت قريب، في موازاة تأكيدات غربية جديدة بأن الرئيس صالح بحكم الـ”ميت سياسياً” جراء وضعه الصحي المتردّي.
Leave a Reply