الخطوة تؤمن الاحتياجات المالية لواشنطن حتى ٢٠١٣
واشنطن – بعد أشهر من المفاوضات بين الجمهوريين والديمقراطيين دفعت الرئيس للتدخل، ومناوشات استمرت لساعات الليل واستغرقت عدة عطل أسبوعية وافق مجلسا النواب والشيوخ الأميركيين برفع سقف الديون الفدرالي متجنبين بذلك كارثة اقتصادية كانت ستنتج عن إخفاق واشنطن عن الإيفاء بالتزاماتها المالية.
القرار الذي صادق عليه أغلبية من الجمهوريين ومجموعة من الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ كانت كافية لتمريره، يضمن رفع سقف الديون الفدرالي 2,1 تريليون دولار ليصبح السقف 16,4 ترليون، مع خفض الإنفاق بأكثر من تريليوني دولار.
التسوية التي توصل إليها الحزبان تضمن السماح للحكومة الفدرالية باقتراض المزيد من الأموال للإيفاء بالتزاماتها المالية من دفع الرواتب الى الإنفاق على برامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي الى دفع الفائدة على ديونها السابقة. مقابل ذلك سيقوم الديمقراطيون بتخفيض الإنفاق الحكومي بمبلغ 2,1 ترليون خلال السنوات العشر المقبلة. التسوية لم تضمن زيادةَ الضرائب على فئة الأغنياء الأمر الذي كان يأمله الرئيس، لكن بالمقابل تم رفع سقف الديون الى حد يسمح للإدارة بعدم الحاجة لتصويت جديد على المزيد من الديون قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، الأمر الذي يُعتبر في صالح الرئيس والديمقراطيين.
في السياق التاريخي، لا تعتبر قضيةُ رفع سقف الديون شيئا مخالفا للمعتاد. كما قال المستشار السياسي الديمقراطي بيتر فن: “لقد تم التصويت على رفع سقف الديون منذ عام 1917 وتم أكثر من 80 مرة، منها 17 مرة أثناء رئاسة الجمهوري رونالد ريغان. في كل مرة يكون فيها حزب في الأغلبية، يعترض الحزب الآخر على رفع الديون، لكن القضية لم تصل إلى هذه الدرجة من التأزم من قبل”.
الاختلاف هذا العام هو أن ناشطي “حزب الشاي” الجمهوريين في الكونغرس والمحافظين ماليا ضغطوا على قيادة الحزب الجمهوري ذو الأغلبية في مجلس النواب للتصويت ضد رفع السقف الاقتراضي، الأمر الذي أدى الى احتدام المشكلة. لكن حتى بعد رفعِ سقف الديون وتجنب إخفاق الحكومة عن دفع مصروفاتها فإن الكثير من المحللين الاقتصاديين يقولون إن الأثر السلبي للجدل قد لا يتم تجنبه، و أنه على الأغلب سيتم رفعُ نسبة الفائدة على الديون الأميركية، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الدين الفدرالي في السنوات المقبلة.
في النواب الأميركي
وصادق مجلس النواب الاثنين الماضي على مشروع قانون لزيادة سقف الدين الحكومي، وإحالته إلى مجلس الشيوخ الذي صوت عليه في وقت لاحق (الثلاثاء الماضي) وهو ذات اليوم الذي حددته وزارة الخزانة موعدا لإشهار عجزها عن الاقتراض لدفع فواتير البلاد، قبل أن يوقعه الرئيس باراك أوباما فور تسلمه.
وجاءت موافقة النواب على المشروع بأغلبية 269 ضد 161 صوتا، وانضم نصف الأعضاء الديمقراطيين إلى غالبية كبيرة من الجمهوريين الذين يسيطرون على المجلس في التصويت على مشروع القانون.
وكان معظمهم المعارضين من الديمقراطيين الليبراليين ومن الجمهوريين في تيار “حفلة الشاي”.
وكان الغموض يلف مصير مشروع القانون بمجلس النواب، حيث أكد الجمهوريون المحافظون أن الإجراء لم يذهب بعيدا وبشكل كاف في خفض الإنفاق، في حين قال الديمقراطيون إنه يتضمن خفضا كبيرا في بعض البرامج بينما لم يفرض ضرائب أكثر على الأغنياء.
وكان أوباما أعلن عن التوّصل إلى اتفاق بين قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلسي النواب والشيوخ من شأنه أن يقلّص العجز بالبلاد، ويجنّبها التخلف عن سداد الدين.
وتضمن الاتفاق توفير تسعمائة مليار دولار عبر تحديد سقف الإنفاق، بينها توفير 350 مليار من الميزانية الدفاعية الأساسية، وهو أول اقتطاع دفاعي منذ تسعينيات القرن الفائت.
كما تضمن رفع سقف الدين بـ2,1 مليار دولار على الأقل، ملغياً الحاجة لمزيد من الزيادة حتى عام 2013.
وبلغت الولايات المتحدة سقف الدين المسموح به، وهو 14,3 تريليون دولار في أيار (مايو) الماضي، وقالت إدارة أوباما إن الحكومة ستفشل بالإيفاء بمتوجباتها إذا لم ترفع سقف الدين بحلول الثاني من آب.
في مجلس الشيوخ
أما مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون فقد صادق الثلاثاء الماضي وبأغلبية 74 صوتاً مقابل اعتراض 26 على مشروع القانون. وعلى الفور علق الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إقرار الكونغرس لمشروع القانون بالقول إنه “أول خطوة مهمة لضمان أننا كدولة لا نعيش بعيداً عن قدراتنا ووسائلنا”.
وكان قد تم التوصل إلى الاتفاق الأحد الماضي، حيث أعلن أوباما عنه في تصريح مقتضب للصحفيين مساء الأحد. وقال أوباما حينها إن بعض الأصوات كانت ما تزال مطلوبة للموافقة على القانون الذي “سيقلل من العجز ويجنب البلاد الفشل في سداد الديون”.
وعندما أعلن أوباما عن مشروع القانون والتوصل إليه، سرت انفراجة فورية في الأسواق العالمية التي تراقب الوضع فيما البلاد تستعر بالغضب والإحباط بشأن التجاذبات السياسية التي هددت بإلحاق الضرر بالاقتصاد الذي يعاني حالياً، إلا أن البورصة الأميركية عادت يوم الخميس الماضي لتسجل خسائر فادحة ما قرأه المحللون بأنه دليل على عدم الثقة بالاقتصاد الأميركي رغم تخطيه لأزمة الدين.
ميزانية البنتاغون لن تتأثر
وفي سياق آخر، لن يواجه البنتاغون حالياً أي تغيير جراء الخطة الأميركية لخفض العجز في الميزانية وقد باشر العمل على تحقيق 400 مليار دولار من المدخرات على 12 سنة كان الرئيس باراك أوباما اعلن عنها في نيسان (أبريل).
ولم تطاول الخطة الأميركية لخفض العجز في الميزانية بشكل يذكر ميزانية البنتاغون الهائلة التي ازدادت بأكثر من الضعف منذ اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) ٢٠٠١، الا انها تترك المجال مفتوحاً أمام اقتطاعات اضافية قد ترغم الولايات المتحدة على اعادة تقييم استراتيجيتها الدفاعية.
ويسمح الاتفاق الذي اقر برفع سقف الديون ويترافق مع تخفيض اولي في النفقات بمقدار ألف مليار دولار على عشر سنوات.
وستكلف بعدها لجنة خاصة في الكونغرس تضم الحزبين تحديد مجالات جديدية للاقتطاع قبل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، بما يسمح بتحقيق ادخارات إضافية بقيمة 1500 مليار دولار، والا طبقت آلية تلقائية تفرض تخفيضات في الميزانية بقيمة 1200 مليار دولار نصفها تقتطع من النفقات العسكرية.
وفي المرحلة الاولى من الخطة فان ميزانية الدفاع التي تمثل 20 بالمئة من الميزانية الفدرالية، ستنخفض بمقدار 350 مليار دولار، بحسب ما اوضح البيت الابيض. وبالتالي لن يواجه البنتاغون حاليا أي تغيير وهو قد باشر العمل على تحقيق 400 مليار دولار من المدخرات على 12 سنة كان الرئيس باراك اوباما اعلن عنها في نيسان (ابريل). ورأى تود هاريسون الخبير في مركز التقييم الاستراتيجي والمالي أن هذا التخفيض ممكن بفعل تطور النفقات بوتيرة التضخم اي من دون تحقيق نمو فعلي. وبالتالي فإن الامر برمته سيتوقف على توصيات اللجنة الخاصة في الكونغرس في تشرين الثاني
Leave a Reply