مراهقة” الحريري السياسية توتر الشارع
بيروت –
يشهد الاسبوعان المقبلان توترا سياسيا اججته مناكفات قوى “١٤ آذار” التي لم توفر ساكنا في شن حملة ضد مشروع قانون برنامج تقدم به تكتل التغيير والإصلاح لحل مشكلة الكهرباء المتفاقمة في لبنان، بعد أن دخل البلد في نفق عتمة حقيقية نتيجة الأزمة التي تتكرر في كل فصل صيف، من دون أن تجد حلولا جذرية لدى اهل الحكم.
ولم يستطع رئيس المجلس نبيه بري سوى ارجاء مناقشة الاقتراح في الجلسة التشريعية الاخيرة لجلسة لاحقة بعد اسبوعين علّ اللطف الإلهي في شهر الصوم يرأف بحال الشعب اللبناني، ويُسفر عن توافق بين مختلف الأطراف السياسية حول ملف شائك يأتي في طليعة حاجات المواطن اليومية.
وفور انتهاء الجلسة التشريعية لمجلس النواب، شنّ الجنرال ميشال عون ووزير الطاقة جبران باسيل حملة قاسية، ولكن محقة، طالت شظاياها الحكومة التي اعتبرها باسيل بحكم الساقطة معنويا وشعبيا في حال عدم نجاحها في اقرار مشروع الكهرباء، في حين دعا صراحة الجنرال الشعب الى “احتلال” البرلمان، معلنا استنفاذ جميع الوسائل لحل مشكلة الكهرباء في لبنان.
ولفت قول عون ان “بزّة الموالاة باتت ضيّقة عليه وقد تتمزّق في أيّ لحظة بسبب التعامل مع أشخاصٍ بلا ضمير”، في موقف يعكس تباينا في وجهات الرأي مع الرئيس ميقاتي.
على أن مرحلة “تصفية الحساب” السياسي بين الأكثرية والأقلية لم تقف عند حدود ملف الكهرباء، حيث تحول انفجار قنبلة اثر خلاف فردي في انطلياس الى مادة دسمة للسجال أطلق على اثرها نواب الرابع عشر من آذار حملة باتجاه “ثقافة السلاح”.
وقد أودى الانفجار الذي وقع في موقف للسيارات قرب مركز تجاري بحياة شخصين هما إحسان ضيا وحسان نصار. وصودف وجود سيارة تعود الى نجل القاضي البير سرحان كانت مركونة قرب مكان الانفجار، ما ادى الى تفتق الخيال البوليسي لقوى “14 آذار”، قبل ان يصدر عدة توضيحات من القوى الامنية.
وفي السياق نفسه، يصوب اقطاب ثورة الأرز باتجاه قضية الخلاف على أراض في بلدة لاسا في قضاء جبيل الى حد وصف تواجد مواطنين من الطائفة الشيعية في المنطقة بأنه دليل على اقامة “حزب الله” لـ”مستوطنات”! غير أن هذه الحملة لم تنل مباركة البطريرك بشارة الراعي الذي يحاول معالجة المسألة بصمت بالتعاون مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الشيخ عبد الامير قبلان.
علما ان مواقف الراعي الأخيرة من العديد من القضايا المحلية والاقليمية لا تلقى استحسان الكثيرين في الأقلية، وفي مقدمهم رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع.
لبنان مجددا في لعبة الامم
يسعى تيار المستقبل، ومن خلفه حلفائه، جاهدا لادخال لبنان في ازمة اقليمية عنوانها الأحداث السورية.
والحق يُقال ان أقصى مطالب حلفاء سوريا في لبنان ازاء ما تشهده دمشق كان بالدعوة الى عدم التدخل في الشأن السوري، وتجنب زج البلد في صراع دولي لا تبدو التركيبة الحساسة للمجتمع اللبناني قادرة على تحمل تبعاته. واقع يدركه جيدا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يشدد على ضرورة تحييد لبنان، مع تصاعد وتيرة التحريض وحماسة أكثر من طرف لاستخدام الشارع ساحة لتبادل الرسائل السياسية تحت عنوان الموقف من سوريا.
وحده النائب وليد جنبلاط تريث قبل أن يتخذ أي قرار بتموضع اخر، فقام بجولات على اكثر من مسار، ابرزها تركيا واخرها سوريا ليخرج بخلاصة ان لا خوف على النظام السوري، وبالتالي تأجلت الانعطافة الجنبلاطية الجديدة حتى اشعار اخر!
وتدفع عمليات تهريب السلاح المستمرة التي تورط فيها تيار المستقبل الى الداخل السوري باتجاه احداث ازمة حقيقية بين البلدين، قد لا تتجلى سوى بأعمال امنية لا يمكن لأحد توقعها مع انكشاف لبنان على عشرات الاجهزة الاستخبارية التي من مصلحتها اضعاف الخاصرة الرخوة لدمشق.
ويواصل سعد الحريري مسيرته بعيدا في معاداة النظام السوري بشخص رئيسه الدكتور بشار الأسد، في موقف وصفه ميقاتي بـ”المراهقة السياسية”، علما انه بحسب اوساط قيادية في الأكثرية فإن الحريري “الخاسر الاكبر” في حال سقوط نظام الأسد، لأسباب عديدة اسهلها انقلاب حلفاء الحريري الجدد من تيارات سلفية على حلفائهم عند تحقيق مآربهم.
خطورة الاصطفاف على خلفية التباين من سوريا، دفع برئيس المجلس نبيه بري الى شن هجوم هو الأعنف له منذ سنوات ضد فريق “14 آذار”، داعيا “دعاة التهدئة مع العدو والمتربصين بالشقيق، الرحماء المتواضعين مع كل غربي والقساة العتاة الرافضين لأقرب عربي، الذين هالهم الدور الريادي الذي قادته حكومة “حيّ على العمل” في مجلس الامن والذي أدى الى إبعاد قرار الحرب ضد سوريا وسهّل صدور بيان متوازن يدعو الى الاصلاح ووقف الفتنة في آن وبقي أميناً على سياسة لبنان المستدامة بالنأي بنفسه عن كل صراع في ما بين العرب والعرب”.
وأضاف بري أن خصوم سوريا في لبنان “اعتبروا ان موقف لبنان عار في مجلس الامن وهم الذين لم يدعوا إكليل غارٍ لنا الاّ واستبدلوه بإكليل عار في مجلس الامن”.
المحكمة والنفط مجددا
ما ان تبلغت المحكمة الدولية من السلطات اللبنانية أن “أياً من افراد حزب الله المتهمين لم يعتقل حتى الآن” عشية انتهاء مهلة الثلاثين يوما التي تحددها قواعد الاجراءات، حتى انتقل القيمون على المحكمة الى المستوى الثاني من مسيرتهم المرصودة والمقررة مسبقا، فأعلن رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي أن “الخطوة التالية التي تنص عليها قواعدنا للإجراءات والإثبات قد تتطلب منّا إعلان قرار الاتهام المصدَّق على نطاق أوسع”، مشيرا الى انه “وقبل اتخاذه قراراً بشأن هذه الخطوة، يرغب في التوجّه مباشرةً إلى المتهمين، وأسرهم، وشركائهم المقربين منهم، وكذلك إلى الجمهور اللبناني”.
على مسار مواز، ابلغ وفد من المحكمة الوزير السابق الياس المر هوية الجهة المنفذة لعملية محاولة اغتياله. وبدا واضحا ان هناك قرارا بزج المقاومة في ملفات جديدة، بعد أن أعلن المر أن “إنضمام ملفي الى ملف اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري يدل على أن منفذي الإغتيالين هما الأشخاص ذاتهم”.
في هذه الأثناء، حاز ملف الحدود البحرية والنفط باهتمام بالغ في كيان العدو الاسرائيلي الذي اطلق مهمات مراقبة وحماية جوية وبحرية لحقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط بذريعة التخوّف من أن يستهدفها “حزب الله”. في وقت سارع منسق الامم المتحدة الخاص بلبنان مايكل وليامز الى التأكيد على ان الجانبين اللبناني والاسرائيلي يريدان تجنب المواجهة في ملف النفط بعد “اشارات” تلقاها من مكتبي رئيسي الوزراء في الطرفين
Leave a Reply