الحريري و”دير شبيغل” يرسمان مجددا مسار المحكمة: تورط ايراني وسوري!
بيروت –
عبثا يحاول تيار المستقبل استغلال مسار المحكمة الدولية لتحقيق مآرب سياسية داخلية بأي ثمن، حتى لو على حساب توتير الاجواء في لبنان، من دون ان تلقى جميع تصريحات نوابه او زعيمه النائي بنفسه عن البلاد بذرائع أمنية صدى في الشارع المقابل، نتيجة قرار اتخذته قيادة الأكثرية الجديدة، وعلى رأسها السيد حسن نصر الله بعدم الرد والانجرار الى الاستفزاز.
مجددا عادت المحكمة لتتصدر اخبار البلد وإن كانت خطوتها برفع السرية عن اجزاء من القرار الاتهامي لم تحمل أي جديد على ما نُشر طوال السنوات الماضية في “دير شبيغل” وأخواتها من الصحف الغربية والعربية والاسرائيلية. فأكد القرار العلني ما كان معلوما، غير ان العنصر المستجد تمثل في غياب أي دليل حسي يستند اليه القرار في اتهام اربعة مقاومين، ما يشكل ورقة مجانية سيستخدمها “حزب الله” في دحض مزاعم القرار، علما انه حتى ضمن المسار القانوني لا يحظى القرار أي قيمة يعوّل عليها تبعا للإستنتاجات وآليات التحليل التي قام عليها.
ولعلّ الأبرز في مسلسل المحكمة حتى الآن أن جميع الخطوات التي رافقت التلويح بها في الأشهر القليلة بهدف ممارسة ضغط على “حزب الله” تحديدا ومعه الحلفاء، والرهان على فتنة مذهبية، لم تحقق النتيجة المرجوة لدى المستفيدين منها، ذلك ان صدور القرار ومن ثم “رفع السرية” عنه مرا مرور الكرام في الشارع، حتى ان الإعلام اللبناني المحسوب على قوى “14 آذار” عالجته بأداء باهت يفتقد لحماسة معهودة في ملفات اخرى تُستخدم عادة في التصويب على المقاومة وسلاحها.
وكما كان متوقعا، بنى التحقيق الدولي روايته الضعيفة على دليل الاتصالات، من دون ان يقدم سوى ادلة ظرفية لا تعني بأي حال من الأحوال –في حال صحتها– قرينة الاتهامات. على ان الخطوة المقبلة تتجه لاستخدام المحكمة في إطار تصفية حسابات اقليمية ودولية مع سوريا وايران بحسب ما توحي التسريبات الحديثة لـ”دير شبيغل” والصحافة الاسرائيلية، فضلا عن دانيال بلمار نفسه قد اعترف ضمنا بهذا التوجه، بإشارته الى أن “الستار لن يُرفع عن القصة الكاملة إلا في قاعة المحكمة” تاركا الباب مفتوحا امام اي مستجدات.
وفي حين جاء رد السيد نصر الله “الأولي” على القرار متوقعا لجهة دحضه بالمنطق واعتبار ان المتهمين هم “مقاومون مفترًى عليهم”، أسقط الحريري جميع الحواجز وخاطب “حزب الله” مباشرة مطالبا بفك الإرتباط بين الحزب والمتهمين الأربعة. ودعا الحريري السيد نصر الله وقيادة “حزب الله” “الى موقف تاريخي لوضع حد لسياسات الهروب الى الأمام، والإعلان عن التعاون التام مع المحكمة الدولية بما يؤدي الى تسليم المتهمين والمباشرة في إجراء محاكمة عادلة”، معتبرا أن خطاب نصر الله “لم يكن موفقاً خصوصاً لجهة الكلام غير البريء الذي حاول من خلاله أن يضع الطائفة الشيعية في دائرة الخطر”.
وكان لافتا توسيع الحريري لدائرة هجومه ليشمل الجمهورية الاسلامية الإيرانية، في توقيت لا ينفصل على ما يبدو عن المشهد الاقليمي الأوسع، علما ان موقف الحريري تزامن مع قيام صحيفة “دير شبيغل” بنشر تقرير يتحدث عن صلات لايران وسوريا باغتيال الحريري، بينما خرج عضو كتلة “الكتائب النيابية” النائب ايلي ماروني ليكشف أن “القرار الإتهامي الجديد سوف يكشف عن اسماء كثيرة أخرى رسمية وغير رسمية وهي بحدود الثلاثين”.
بدوره، لم يخرج الرئيس نجيب ميقاتي عن وسطيته في موضوع المحكمة، فأعاد تأكيد احترام الحكومة للقرارات الدولية، مشيرا الى أن “السلطات اللبنانية كانت تلاحق المطلوبين للمحكمة الدولية وحاولت القاء القبض عليهم، وهي قدمت تقريراً للمحكمة الدولية”.
وبطبيعة الحال لم ينل موقف ميقاتي، بعد رفع السرية عن القرار الاتهامي، رضا قوى “14 آذار”، فنال حصته من الهجوم السياسي في معرض حملتها على سلاح المقاومة.
المفتي يُغضب المستقبل
لا يخفي اقطاب في الأقلية امتعضاهم من استقبال مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني للسفير السوري في بيروت قبل ايام، ومن ثم لقاءه مؤخرا وفدا من “حزب الله”.
وما يزيد حنق تيار المستقبل وحلفائه ان اوساط الشيخ قباني تصف اجواء اللقاءات بـ”الممتازة جدا”، موضحة ان “حزب الله” هو من طلب الموعد.
موقف المفتي تعكس قرارا منه بالإبقاء على داء الافتاء ساحة للحوار والتفاهم في هذه المرحلة تحديدا.
على صعيد اخر، رفع الجنرال ميشال عون ونواب كتلته سقف الموقف من قضية اقرار خطة الكهرباء بالتلويح بالخروج من الحكومة في حال رفض الخطة، ما ادى الى جملة اتصالات بهدف معالجة هذا الملف الذي يُعنى بمعيشة كل مواطن لبناني. وبدا واضحا انخفاض حدة التوتر بفعل الاتصالات وان كان حسم الموضوع لا يزال رهينة الأيام المقبلة، علما ان مجلس الوزراء اقرّ في جلسته الاخيرة تخصيص اعتمادات استثنائية بقيمة 8900 مليار ليرة لتغطية الانفاق حتى اخر السنة بطلب من وزير المالية محمد الصفدي.
وكان ملف الكهرباء محور لقاء جمع ميقاتي بوزير الطاقة جبران باسيل، انتهى بأجواء ايجابية لجهة التوافق “على اسلوب معالجة ملف الكهرباء”، بعدما اعرب باسيل عن انفتاحه على أي صيغة حل “لا تمس بمضمون” المشروع المقدم.
ومن المتوقع أن يُستكمل النقاش حول ملف الكهرباء في الجلسة المقبلة للحكومة الأربعاء المقبل.
في هذا الوقت، انشغل المسؤولون بزيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لبيروت، بغية تأمين الدعم اللبناني لقرار السلطة بالتوجه الى الامم المتحدة في أيلول المقبل للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية، لا سيما ان لبنان يترأس مجلس الامن في الشهر المذكور.
وعقد عباس سلسلة لقاءات مع اركان الدولة شدد خلالها على رفض التوطين ووجوب احترام سيادة الدولة اللبنانية على كامل اراضيها
Leave a Reply