تسوية اللحظة الأخيرة تحفظ ما تبقى من هيبة الدولة
نجت الحكومة اللبنانية من “قطوع” الكهرباء، وانتقلت الى مواجهة استحقاقات لا تقل اهمية وحساسية، بعد أن كاد رفع مستوى التحدي بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الطاقة جبران باسيل يطيح بالحكومة على خلفية تهديد كل منهما بالاستقالة.
ولئن كان من المبكر اصدار حكم على النتيجة التي توصلها اليها الأفرقاء بخصوص الكهرباء، فإن الأيام الحكومية المقبلة قد تحمل مواجهات اخرى حول ملف التعيينات وتمويل المحكمة الدولية، خاصة بعد أن دخل تيار المستقبل بقوة على خط التصويب باتجاه الرئيس نبيه بري من خلال نشر وثائق صادرة عن “ويكيليكس” تنسب اليه كلاما معاديا للمقاومة، وهو ما استدعى ردودا حاسمة من بري و”حزب الله”، على أن يستكمل رئيس مجلس النواب رده العملي من خلال نشر وثائق (او كتاب) يحكي بالتفصيل مجريات حرب تموز سياسيا ويفضح تواطؤ الفئة الحاكمة آنذاك. في حين يتوقع المراقبون ان لا يمر ملف تمويل المحكمة بالسهولة التي كانت مرجوة بعد أن قرر تيار المستقبل كسر كل امكانية للحوار مع الأكثرية الحالية.
وبالعودة الى مشروع قانون الكهرباء الذي أقرته الحكومة، فقد تقرر إنتاج 700 ميغاوات ونقل وتوزيع طاقة كهربائية وتخصيص اعتماد عقد إجمالي قدره 1772 مليار ليرة لبنانية، بحيث يجاز للحكومة عقد كامل لهذا الاعتماد والمباشرة في التنفيذ قبل توفر الاعتمادات اللازمة للموازنة، على ان السمة البارزة للمشروع تجزئة التمويل على أربع سنوات عبر تخصيص 414 مليار ليرة سنة 2011 ، و461 مليارا سنة 2012 ، و418 مليارا سنة 2013 ، و380 مليارا سنة 2014. ويجاز للحكومة إيجاد مصادر تمويل من خلال قروض ميسرة أو إصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية او بالعملات الاجنبية.
على ان السجال الذي واكب اقرار خطة الكهرباء لم يحظَ بالتأكيد باهتمام المواطن اللبناني بقدر ما كان الهم الحصول على تيار كهربائي على مدار الساعة، وهي أمنية باتت تقارب الأحلام في بلد صغير لا يستطيع تأمين ابسط مقومات العيش في القرن الحادي والعشرين.
وسبق اقرار الخطة مفاوضات طويلة ادارها رئيس مجلس النواب الذي سعى الى تذليل العقبات والخروج بتوافق يضمن تمرير المشروع في جلسة مجلس الوزراء، فقعد لقاءات مع الرئيس ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان وادار حركة معاونه النائب علي حسن خليل.
وكان الجنرال عون قد أكد بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح ان مجلس الوزراء ملزَمٌ اليوم أن يبلّغ قرارَه إلى مجلس النّواب، ولا يمكن لأحد أن يتلاعب بهذا الامر وسيحصل تصويت. وأضاف: “نريد أن نعرف من هو صديقنا، ومن ليس كذلك”.
وتابع: “اننا نتساهل في كل ما يطلب منا إلا إذا كان يضرب الخطة. نحن لا نريد أن نكسر أحداً، بل نريد أن نكسر العتمة، والكهرباء تكون أو لا تكون، ونحن لا نساوم على جوهر الموضوع”. إشارة الى أنه في خضم المفاوضات، جمع عشاء سياسي بامتياز في منزل مدير عام الأمن العام عباس ابراهيم كل من النائب وليد جنبلاط واطرافا من “حركة امل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر”.
العشاء الذي وصفه جنبلاط بـ”الممتاز” بحث في التفاصيل التقنية لملف الكهرباء، مكرسا دور المدير العام الجديد للامن العام في السياسة المحلية.
على صعيد آخر، قررت الحكومة في الجلسة نفسها تشكيل لجنة وزارية تضم وزراء الخارجية والداخلية والسياحة للبحث في آلية دخول الرعايا الإيرانيين الى لبنان، على قاعدة ان تعطى تأشيرة الدخول في المطار، شرط ان تتم المعاملة بالمثل.
وفي مسار موازٍ، صدرت مراسم انشاء مجلس قيادة قوى الامن الداخلي على ان يعقد اجتماعها الاول في النصف الثاني من الشهر الجاري، وفي اولوياته انجاز التشكيلات والترقيات. ويأتي انشاء المجلس في سياق اعادة اطلاق مؤسسة قوى الامن بما يتوافق مع دورها الوطني الجامع.
ويضم مجلس القيادة الجديد كلا من المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، رئيس الأركان العميد جوزف الحجل، قائد الدرك العميد صلاح جبران، قائد جهاز أمن السفارات العميد محمود ابراهيم، قائد الشرطة القضائية العميد ناجي ملاعب، قائد شرطة بيروت العميد أحمد حنيني، قائد معهد قوى الامن العميد ابراهيم بصبوص، قائد الخدمات الاجتماعية العميد لحود تنوري، قائد القوى السيارة العميد جوزف جبور، المفتش العام في قوى الامن العميد روجيه سالم، ورئيس الدائرة المركزية العميد محمد قاسم.
الحرية لفايز كرم بعد 11 شهرا!
أخيرا، أصدرت المحكمة العسكرية حكماً على العميد فايز كرم بالسجن ثلاث سنوات خفضت الى سنتين مع الاشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية والسياسية بتهمة التعامل مع إسرائيل.
ويُعتبر اللغط الذي أثارته قوى الرابع عشر من آذار تعليقا على الحكم المخفف على كرم له مسوغاته المنطقية، ذلك ان موقع كرم السياسي والحملة الإعلامية التي أطلقها التيار دفاعا عنه (ملمحا الى نوايا فرع المعلومات المحسوب على تيار المستقبل) لا يجيبان بأي حال عن مسار التحقيق (الذي اعترف فيه كرم بالإتصال بالعدو) وصولا الى قرار المحكمة غير المتناسب مع حجم التهمة.
والأكيد ان القضية دخلت اتون السجال السياسي في البلد بعيدا عن الموضوعية، في حين التزم حزب الله الصمت التام ازاء هذه القضية.
في هذه الأثناء، تواصل الحكومة متابعة ملف الحدود البحرية شرقي المتوسط دوليا. وفي هذا السياق، أبلغت وزارة الخارجية الأمم المتحدة رفض لبنان للاحداثيات بشأن المنطقة الخاصة معتبرة في رسالة رسمية أن “الإحداثيات الجغرافية التي أودعتها إسرائيل لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة والعائدة للجزء الشمالي من المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة والتي تدعي أنها تابعة لها، تنتهك وتعتدي بشكل واضح على حقوق لبنان السيادية والاقتصادية في مياهه الاقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة وتقتطع منهما مساحة تقدر بنحو 860 كلم مربع، وبالتالي تعرض السلم والامن الدوليين للخطر”.
Leave a Reply