شيكاغو – خاص “صدى الوطن”على الرغم من أن السرية بين المحامين وموكليهم هي حق يضمنه النظام القضائي الأميركي، إلا أن المحامي المعروف عالميا والبروفسور في “جامعة شيكاغو– تشامباين” فرانسيس بويل يؤكد أن عملاء حكوميين انتهكوا ذلك الحق (حق السرية) خلال زيارتهم له في صيف العام 2004 مطالبين إياه بالكشف عن أسرار بعض موكليه من العرب والمسلمين الأميركيين.
وقال بويل في حديث لـ”صدى الوطن” إن عميلين سريين من “مركز فيوجن (الإنصهار) لمكافحة الإرهاب” المتصل مع “مكتب التحقيقات الفدرالي” (أف بي آي) و”وكالة الاستخبارات الأميركية” (سي آي أي) قد قاما بزيارة مكتبه وحاولا تجنيده كمخبر ليقدم معلومات وأسرار عن موكليه من العرب والمسلمين.
وأضاف، أنه نتيجة لرفضه طلبهما وجد اسمه موضوعا على لائحة المراقبة الأميركية المتعلقة بمسألة الإرهاب. ونوه بويل إلى أنه يوجد خمس أو ست لوائح من هذا النوع من المراقبة وقد أخبره محاميه بأنه اسمه موجود عليها جميعا.
وأشار “لقد تقدمت بطلب استئناف ولكنهم أخبروني أن اسمي سيظل مدرجا حتى تقوم الوكالات (“أف بي آي” و”سي آي أي”..) التي وضعته بإزالته.
وكان بويل قد ترافع في قضايا مدافعا عن موكلين عربا ومسلمين في الماضي، وقام العملاء (الأمنيون) مرارا بإخباره أن ظهوره على وسائل الإعلام يحرج الحكومة الأميركية لجهة سياساتها الخارجية مع البلدان العربية والإسلامية.
وتجدر الإشارة أنه في السياق ذاته، ظهرت عدة تقارير مؤخرا تكشف إن عملاء يتجسسون على الكاتب والبروفسور في “جامعة ميشيغن” خوان كول.
وأكد بويل أن العميلين قد دخلا مكتبه وقدما نفسيهما للسكرتارية بصفتهما رجلي أعمال ويريدان بعض الاستشارات القانونية حول مسائل تتعلق بالقانون الدولي. وعندما دخلا المكتب قاما باستجواب بويل لمدة ساعة تقريبا ثم غادرا من دون إعلامه بأن اسمه سيوضع على لائحة المراقبة الخاصة بالإرهاب.
وتضمن الاستجواب أسئلة حول محاضرة قدمها بويل في كندا أواخر صيف العام 2004، كما تطرق الحديث إلى كتاب بويل المعنون بـ”الحرب البيولوجية والإرهاب” الذي يربط بين التطويرات الأميركية للحرب البيولوجية وهجوم الانثراكس (الجمرة الخبيثة) على الكونغرس الأميركي في تشرين الأول (أوكتوبر) 2001، إضافة إلى كتاب آخر حمل عنوان “الحق الفلسطيني (للعودة) تحت القانون الدولي” وصدر في آذار (مارس) 2011.
وروى بويل “كنت عائدا من السفر من ماليزيا، عندما تقدم إلي في المطار عميلان فدراليان مسلحان وطلبا رؤية جواز سفري، وقاما باحتجازي. وبعد أن قاما بالتدقيق، عادا وقالا لي: “إننا نبحث عن شخص اسمه فرانسيس أنتوني بويلز وهو مدرج على لائحة الإرهاب”.
وعلق بويل حول هذه الفكرة: “ولكن كم شخصاً في العالم يحمل هذا الإسم؟”.
ولدى البحث المستفيض تبين أن هناك شخصين يحملان الإسم نفسه، واحد سويسري والآخر يقيم في مدينة شيكاغو.
ومازال بويل ينتظر أن يعرف الأسباب التي أوجبت إدراج اسمه على لائحة المراقبة الخاصة بالإرهاب، وهو يبدي قلقا كبيرا حول مستقبله.
ويؤكد أنه ليس من المفروض أن يفشي أسرار موكليه لأي أحد كان ومهما كان السبب ولن يخضع لمسألة تجنيده كمخبر يتجسس على موكليه لأن في ذلك انتهاك للحقوق الدستورية والقيم الأخلاقية والمناقبية التي تستوجب السرية التامة لدى كل محام في علاقاته مع موكليه.
وكانت مقالة قد ظهرت في مجلة “كريمينال جاستس” صيف العام 2004 قد أشارت إلى أن المحامي العام جون أشكروف قد أصدر تعليمات مثيرة للجدل تسمح للحكومة الأميركية بمراقبة الاتصالات بين المحامين وموكليهم في حال وجود اشتباه مرجح “لإثبات فيما إذا كان نزيل ما (سجين) يستغل تواصله مع محاميه لتسهيل أعمال عنفية أو إرهابية”.
وكانت تلك الأوامر والتعليمات قد أثارت قلقا دستوريا كونها تتعارض مع الحقوق التي أقرتها المواد التعديلية الأولى والرابعة والخامسة والرابعة عشر بحسب المؤلفين بويل رايس وبينجامين سول.
وبويل يؤمن أن حقوق المحامين ومنتقدي الحروب (الأميركية) تتعرض للهجوم والتهديد، وكذلك الدستور الأميركي بشكل عام بحسب الكثير من المحللين.
وحول هذه المسألة أكد بويل “أنهم لاحقوا العديد من المحامين، وما فعلوه مع خوان كول لا يفاجئني”. أضاف “إننا نعيش في دولة بوليسية الآن، والناس، وخاصة العرب والمسلمين، بحاجة فعلا أن يفهموا أن البوليس ليس صديقا لهم”.
وشدد: “إن أي عربي أو مسلم لا ينبغي أن يتكلم مع الـ”أف بي آي” بدون وجود محام، وعليهم أن يكونوا حذرين تماما بالتعامل مع هؤلاء الأشخاص (العاملين في مكتب التحقيقات)”.
ولفت بويل إلى أن حوالي 1200 شخصا من غير المواطنين (لا يحملون الجنسية الأميركية) تم تجميعهم مباشرة بعد أحداث 11 ايلول 2001، وكانت التهم الوحيدة الموجهة ضدهم هي أنه يخالفون القوانين الخاصة بمسألة الهجرة، أو جرائم عادية في بعض الحالات، وكانت تلك التهم قد تم إدراجها في تقرير من 165 صفحة حمل عنوان “التحدي الأميركي” حول مسائل مثل الحريات الأميركية والأمن المحلي والوحدة الوطنية، وقد صدر ذلك التقرير بعد هجمات أيلول عن “معهد سياسات الهجرة في واشنطن”.
أضاف أن مليون شخص توجد أسماؤهم حاليا على لوائح المراقبة بحسب تقرير صادر عن “يو أس أي توداي” في العام 2009، ولكن بويل يعتقد أن اسمه موجود على لائحة خاصة تضم حوالي 5000 إسم ممن تمت محاولة تجنيدهم كمخبرين.
ودعا بويل العرب والمسلمين ومن يقف إلى جانبهم إلى تنظيم أنفسهم والتوقف عن افتراض أن مكتب التحقيقات الفدرالي هو صديق لهم، والعمل على تثقيف أنفسهم وحماية حقوقهم المدنية والدفاع عنها في المحاكم.
وقال “إن الأمور تسير نحو الأسوأ، والـ”أف بي آي” والـ”سي آي أي” لا أحد يستطيع السيطرة عليهما، وعلى العرب والمسلمين أن يجلسوا ويفكروا في طريقة مواجهة هذه المسألة”.
أضاف “عليهم أن يجمعوا أنفسهم وأن يطالبوا “وزارة العدل” بإعادة تأسيس مبادئ “ادوارد هيرتش ليفي” لإنهاء برنامج “كوينتال” التجسسي الذي تنفذه الـ”أف بي آي” والذي حظي بدعم وزير العدل الأميركي السابق جون أشكروفت بعد هجمات ١١ أيلول 2001. وشدد أن المجتمعات بحاجة أكثر إلى المحامين والصحفيين للمحاربة في هذا الشأن. وختم بويل حديثه مع “صدى الوطن” بالقول “المسألة بمثابة بندقية مصوبة بوجهي.. ولكن أنا ولدت هنا وسوف أبقى هنا كمواطن أميركي وسوف أقف وأحارب من أجل حقوق ومستقبل هذا البلد وأهله”.
Leave a Reply