واشنطن – باشر الرئيس الأميركي باراك أوباما مطلع الأسبوع الماضي عملياً في جهوده لإقناع الكونغرس الأميركي لتمرير خطته لإنعاش الاقتصاد الأميركي بعد أن رفع اليه الإثنين الماضي مشروع “قانون الوظائف” الذي يواجه معارضة من تيارات جمهورية مختلفة.
ويخوض أوباما معركة شرسة لكسب تأييد الجمهوريين لتمرير خطته لخلق الوظائف التي تتكلف 447 مليار دولار. وقد وضعت إدارة أوباما المقترحات بعناية لترجح كفة تخفيض الضرائب المفروضة على العمال والشركات وبالتالي مناشدة واستمالة الناخبين من الطبقة المتوسطة لتأييد خطته، وقام أوباما يوم الجمعة الماضي بزيارة إلى ولاية فرجينيا لكسب التأييد وحشد الدعم الشعبي للضغط على الجمهوريين لقبول خطته رغم معارضة الجمهوريين الشديدة لمعظم أفكاره قبل أن يقوم بزيارة مماثلة الى ولايتي أوهايو ونورث كارولاينا، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين.
وعارض الجمهوريون مقترح القانون الذي تقدم به ، قائلين ان الرئيس يريد أن يفرض فاتورة على “موفري الاعمال” أي رجال الاعمال والشركات الذين ينجم عن نشاطهم الاقتصادي توفير اعمال ووظائف في البلاد.
ويشمل مقترح القانون الذي تقدم به اوباما تقليل الاعفاءات الضريبية، وازلة الثغرات في هذا المجال بالنسبة لشركات النفط والغاز.
ويجب ان يصادق الكونغرس المنقسم على مشروع القانون ليصبح نافدا.
ويرى البيت الأبيض في الخطة التي تحتوي على مزيج من التخفيضات الضريبية والإنفاق على مشروعات لبناء الطرق والجسور والمباني المدرسية أفضل حل لمعدلات البطالة التي وصلت إلى 9,1 بالمئة مما يهدد مستقبل الرئيس الأميركي وآماله في إعادة انتخابه العام القادم.
وقد أثارت أرقام البطالة والبيانات الاقتصادية مخاوف من انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى مرحلة ركود، وأدت المشاكل الاقتصادية إلى تراجع شعبية أوباما إلى مستوى قياسي. ويدرك الجمهوريون أنهم قد يعانون من تداعيات سياسية إذا نجح أوباما في تصويرهم أنهم السبب في عرقلة جهود إنعاش الاقتصاد وعرقلة حل مشكلة خلق الوظائف.
وجاء في صدارة الإجراءات التي قدمها أوباما اقتراح بخفض مؤقت بمقدار النصف لضريبة الأجور البالغة 6,2 بالمئة والتي تدفع لبرنامج الضمان الاجتماعي الوطني. وسيجد كل العمال تحقيق زيادة في أجورهم بمقدار 1500 دولار سنويا للأسرة في المتوسط، بينما سيتمتع أرباب العمل بمدخرات تستهدف بشكل غير متناسب الشركات الصغيرة.
وقال أوباما إن “الغرض من مشروع قانون الوظائف الأميركي هو ببساطة: إعادة المزيد من الناس إلى العمل ووضع المزيد من الأموال في جيوب أولئك العاملين”.
وسيتم بشكل مؤقت إعفاء الشركات من دفع ضريبة الأجور على العمالة الحديثة أو على زيادة الأجور للموظفين الحاليين وذلك بطريقة تم تصميمها لصالح الشركات الصغيرة.
كما أن الإجراء الآخر هو تقديم ائتمان ضريبي إضافي عندما يقوم أرباب العمل بتوظيف الأشخاص العاطلين عن العمل لأكثر من 6 أشهر.
وقال أوباما للكونغرس إن الخطة ستكون بمثابة “صدمة كهربائية” للاقتصاد ويعطي الثقة للشركات بأنه إذا قامت بالاستثمار والتوظيف، وأضاف “سيكون هناك مستهلكون لشراء منتجاتها وخدماتها… ينبغي أن توافقوا على خطة الوظائف هذه حالا”.
كما يشمل اقتراح أوباما توفير مبلغ 50 مليار دولار للإنفاق الفوري على مشروعات الطرق السريعة والسكك الحديدية والطيران وأموال أخرى لتحديث الأبنية التعليمية العامة.
وستقدم إجراءات أخرى مزايا ضريبية للشركات التي تستثمر في معدات جديدة وتشجع في توظيف العاطلين عن العمل مدة طويلة. كما سيجري أوباما تعديلا على نظام التأمين ضد البطالة بحيث يجعله أيسر على العمال للانتقال إلى وظائف جديدة.
واقترح مساعدة الولايات التي تعاني من سيولة نقدية والحكومات المحلية في منع تسريح أو إعادة عمل المدرسين ورجال المطافئ والشرطة المسرحين.
وقال أوباما إن “الدافع لانتعاشنا في نهاية المطاف لن يكون من جانب واشنطن وإنما من جانب شركاتنا وعمالنا. لكننا نستطيع المساعدة”. وقال إننا “نستطيع تحقيق اختلاف. هذه هي الخطوات التي يمكن أن نتخذها بشكل فوري لتحسين حياة الشعب”.
ويعارض الجمهوريون بقوة اقتراحات بمزيد من الإنفاق فيما سعوا إلى تحقيق خفض غير مسبوق في الميزانية كرد فعل على العجز الفدرالي القياسي.
وكان أوباما والكونغرس اتفقا مطلع آب (أغسطس) الماضي على خفض الإنفاق بمقدار تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة إضافة إلى إجراء يتطلب خفض العجز بمقدار آخر يبلغ 1,5 تريليون دولار.
واقترح الرئيس الأميركي تكليف لجنة الكونغرس الخاصة بوضع الإجراء الثاني لخفض العجز، بخفض الإنفاق وزيادة الإيرادات الضريبية بالبحث عن أموال إضافية لتغطية اقتراحه بشأن الوظائف.
ووعد أوباما أكثر من ذلك بأن يعلن عن “خطته الأكثر طموحا بشأن العجز” في 19 أيلول (سبتمبر) الجاري، بحيث تغطي كل إجراءاته للوظائف وتحقيق “استقرار لديوننا على الأجل الطويل”.
وكرر اوباما القول ان خططه “لن تضيف اي مبلغ مهما كان صغير لمبلغ العجز” الحالي، وقد بدأ البيت الابيض الاثنين الماضي في بحث تفاصيل كيفية جمع وتوفير الاموال الاضافية المطلوبة.
وقال المسؤول المالي في البيت الابيض جاكوب ليو إن الرئيس اوباما سيقترح سلسلة من الزيادات الضريبية لتمويل القانون الجديد.
واضاف: “سيجمع جزء كبير من المبلغ المطلوب، نحو 400 مليار، من تقليص الاعفاءات والاستقطاعات الضريبية من الافراد الذين يكسبون أكثر من 200 الف دولار والعوائل التي تكسب دخلا أكثر من 250 الف دولار.
كما سيتم غلق الثغرات الضريبية التي تتمتع بها شركات النفط والغاز، وستجرى تعديلات على الطريقة التي تجبى بها الضرائب من شركات الطيران فضلا عن الضرائب على الفوائد التي يحققها مدراء الصناديق الاستثمارية.
من ناحيته، قال زعيم الاغلبية في الكونغرس أريك كانتور “آمل بالتأكيد إن الرئيس لا يقترح أن ندفع لمقترحاته بزيادة ضريبة هائلة على موفري الاعمال في نهاية عام 2012”.
وسترفع خطة اوباما الى “لجنة عليا” جديدة في الكونغرس مهمتها تخفيض 1,2 ترليون دولار من المصروفات الفدرالية. ولهذه “اللجنة العليا” الخيار في قبول مقترحات اوباما أو تقديم مقترحات جديدة بدلا عنها.
ووفق الخطة الجديدة ستمنح الدولة والحكومات المحلية مبلغ 50 مليار دولار لمشاريع النقل، 35 مليار للمدارس والشرطة وشرطة الاطفاء ومديريات الرواتب و30 مليار دولار لتحديث المدراس العامة والكليات.
Leave a Reply