واشنطن – جرفت الأوضاع الاقتصادية المتعثرة في الولايات المتحدة الأميركية المزيد من الأميركيين إلى حالة الفقر العام الماضي، وفقاً لبيانات الإحصاء السكاني الجديدة التي تم الكشف عنها الثلاثاء الماضي، بينما كشفت التقارير زيادة ثراء الطبقة الغنية وبنسب كبيرة، حتى مقارنة بالطبقة المتوسطة التي انخفض معدل الدخل لديها عما كان عليه سابقاً.
فقد أظهرت أرقام نشرها مكتب الإحصاء الأميركي أن عدد الأميركيين الذين يعيشون في فقر ارتفع إلى مستوى قياسي وهو 46,2 مليون السنة الماضية. وأشارت الإحصائيات إلى أن المتوسط السنوي لمداخيل الأسر تراجع عما كان عليه من قبل.
وهذه الإحصائيات هي الأكثر ارتفاعا منذ أن بدأ مكتب الإحصاء الأميركي جمع هذه المعطيات عام 1959. كما ارتفعت نسبة الفقر من 14,3 بالمئة التي سجلت عام 2009 إلى 15,1 بالمئة.
وارتفع “مؤشر الفقر الوطني” الذي يرمز إلى كل أسرة أميركية متكونة من أربعة أشخاص وتعيش على دخل سنوي قيمته 22 ألف دولار أو أي شخص أعزب يعيش على 11 ألف دولار للسنة الرابعة على التوالي ويقف الآن عند نسبة 15 بالمئة. ويذكر أن متوسط الفقر هو الأعلى منذ عام 1993. ويشار إلى أن مكتب الإدارة والميزانية يعمل على تحديث خط الفقر سنوياً بحسب التضخم في البلاد.
وأوضحت الأرقام الرسمية أن المواطنين الأميركيين الأقل حظا لم يشعروا بفوائد التعافي الاقتصادي. وتشير هذه الإحصائيات إلى أن الأميركيين من أصول أفريقية والأميركيين من أصول لاتينية هم الأكثر تأثرا بنسب الفقر مقارنة مع باقي الأميركيين.
وفي هذا السياق، أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الأميركي أن 25,8 بالمئة من الأميركيين السود يعيشون في فقر في حين أن 25,3 بالمئة من الأميركيين من أصول لاتينية يواجهون نفس الوضع.
وأظهر أحدث تقرير صادر عن المكتب أن متوسط الدخل السنوي لكل أسرة أميركية انخفض بنسبة 2,3 بالمئة عام 2010 ليستقر عند مبلغ 49,445 دولار في السنة. وأوضح المكتب أيضا أن عدد الأميركيين الذين لا يغطيهم التأمين الصحي يظل على حاله أي نحو 50 مليون شخص. وتزامن صدور هذه الإحصائيات مع استمرار متوسط البطالة فوق نسبة 9 بالمئة.
يذكر أن الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة كانت قد حققت تحسناً طفيفاً خلال الثلاثين سنة الماضية، وحققت زيادة نسبتها 11 بالمئة في العام 2010، مقارنة بالعام 1980، بينما حقق أغنى خمسة بالمائة من الأميركيين زيادة في الدخل بلغت 42 بالمئة.
بمعنى أن الأثرياء زادوا ثراء وبنسب كبيرة حتى مقارنة بالطبقة الوسطى، في حين ازداد الفقراء فقراً.
وبحسب البيانات فقد سجلت 60 بالمئة من الأسر الأدنى دخلاً تراجعاً في الدخل، في حين حققت الأسر ذات الدخل الذي يزيد على 100 ألف دولار سنوياً زيادة أكبر في دخلها. وأشارت البيانات إلى أن معدل الفقر بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، ارتفعت إلى 22 بالمئة عام 2010، في حين ارتفعت نسبة الفقر بين الفئة العمرية من 18 إلى 64 بالمئة إلى 13,7 بالمئة.
15 مليون طفل أميركي يعانون الفقر
وكان صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” قد كشفت مطلع العام الجاري إن فقر الأطفال ارتفع في العقد الماضي في ثمانية وثلاثين ولاية بأميركا، وأوضحت أن انكماش الاقتصاد وفقدان المساكن بسبب أزمة الرهون العقارية من بين أكبر الأسباب.
وأوضحت الصحيفة أن تقريرا صدر حديثا أشار إلى تردي الوضع الاقتصادي للأسر ذات الدخل المنخفض في العقد الماضي بنسبة 18 بالمئة.
ونقلت الصحيفة عن تقرير لمؤسسة “آني كيسي الخيرية” الخاصة أن تراجع الاقتصاد ومشاكل السكن أهم سببين لذلك، وقالت لورا سبير مديرة سياسة الإصلاحات بالمؤسسة “إن التراجع الاقتصادي نسف كل الإنجازات التي تحققت للأطفال في عقد التسعينيات”.
وجاء في التقرير أن “نحو 8 ملايين طفل يعيشون مع أحد الأبوين الذين يبحثون عن عمل، وكانوا بدون عمل في عام 2010، وهذا ضعف العدد الذي كان قبل ثلاث سنوات”. وأضافت سبير تقول “أعداد الأطفال الذين تأثروا بفقدان المنازل ترتفع بصورة مخيفة، وما يزيدها سوءا هو التحديات الاقتصادية التي تواجه كثيرا من العائلات الأميركية”.
ونقلا عن “المركز الوطني للطفولة” التابع لـ”جامعة كولومبيا” فإن نسب فقر الأسر التي لديها أطفال صغار أعلى منها لدى الأسر التي بها أطفال كبار، حيث يعيش 43 بالمئة من الأطفال الذين أعمارهم أقل من ست سنوات لدى عائلات فقيرة، مقابل 37 بالمئة من الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ست سنوات.
Leave a Reply