غراند رابيدز – خاص “صدى الوطن”
قضية أشبه بقصص افلام الغموض والرعب الكلاسيكية، بطلها عالم بيولوجيا فاشل وشريكه زميل في المهنة لكن هذا الاخير حقق ازدهاراً في العلم والبحوث. الضحية في هذه القضية عامل في بريد متقاعد ووحيد، شديد البخل، من شدة بخله لم يتزوج ولم ينجب، ولم يواعد امرأة في حياته، بل ان حذاءه كان مقطعاً وسيارته موديل 1997 كان يركنها جانبا ويستخدم دراجته الهوائية في “مشاويره” النادرة، جمع سنتاً على سنت حتى اترعت حساباته في البنوك لتصل الى 444 الف دولار، كانت سبب الطمع فيه وقتله ودفنه في قفص حتى لا تنهش جثته الذئاب والوحوش الضارية.
في التفاصيل، ان هذا الرجل من ساراناك في غرب ميشيغن اختفى في 2007 وكأنه غبار تذروها الرياح، إذ لا شهوداً ولا سلاح جريمة ولا بصمات ولا عينات من حامض نووي، لكن العالمين ثبت ضلوعهما في جريمة اختفاء عامل البريد المتقاعد، وينتظر احدهما وهو رامي سابا (39 عاما) من اصل لبناني الحكم عليه خلال أيلول (سبتمبر)، فيما صديقه روجو أودروغو (41 عاما) وأصله من بوركينا فاسو (غرب إفريقيا) ينتظر صدور حكم بتجريمه في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، وكلاهما قد ينال السجن مدى الحياة.
بالنظر الى خلفية سابا فإنه كان باحثاً فاشلاً في “جامعة ميشيغن ستايت”، طُرد من وظيفته وغرق في الديون حتى وصلت 160 ألف دولار، وعمل مندوبا في احدى المؤسسات المالية، وفي الاثناء تردد عدة مرات على منزل الضحية دون دياتز (66 عاما) الكائن على هضبة مرتفعة تحيط به الغابات، محاولا اقناعه لايداع أمواله في المؤسسة المالية التي كان سابا يعمل فيها، لكنه فشل.
وفي إحدى المرات رأى سابا كشفاً بحساب الضحية في البنك وصل الى 300 الف دولار دفعه الى التخطيط لجريمته.
بعد اعتقاله عام 2007 على خلفية الجريمة والإفراج عنه بكفالة بدأ سابا يتخبط. حاول الانتحار. وفي هذا كان ايضاً فاشلاً، فقد بعث برسالة لزوجته يتساءل فيها كيف لها ان تمضي حياتها بعد موته، اشترى بوليصية تأمين على الحياة بـ1,5 مليون دولار، وقام بضرب سيارته في بوابة بناية، تحطمت سيارته ونجا من عملية الانتحار، ثم ما لبث تحول للاسلام واطلق لحيته وحلق شعر رأسه وطرد محاميه، وقام نفسه بالدفاع عن نفسه في جلسة أيار (مايو) الماضي، حينها استأذن القاضية الفدرالية جانيت نيف بالسماح له بذكر كلمة “الله” قبل كل عبارة يقولها، فرفضت، وحينها قال للقاضية “الله معي.. انتم من معكم”.
وبالعودة الى تفاصيل الجريمة وبعد أن أغلقت كل المنافذ أمام سابا وضاق الخناق المالي عليه وضع خطته لاخذ مال دياتز الذي جمعه طوال حياته، وسيناريو تنفيذ الخطة بحسب المدعين بدأ عندما سابا ذهب الى منزل دياتز وحاول ارغامه على تحويل ماله الى حساب والده في بنك لبناني، تحت تهديد السلاح، اذ كان اشترى سابا بندقية صعق كهربائية وقضيب حديد، حينها لا يعرف ما اذا كان سابا قتل دياتز عمدا أم صدفة.
بعد ذلك بيوم احضر سابا قفص دجاج وضع فيه جثة القتيل ودفنها خشية النبش عليها من الذئاب، هكذا يتصور المدعون، وعقب ذلك بأسبوع حاول سابا انتحال شخصية دياتز وقام بالاتصال ببنك “كريدت يونيون” لتحويل امواله الى “بنك في لبنان” بحسب شهادة موظف البنك، لكن الموظف شك في الامر، وقام بالاتصال بشقيقة دياتز، جيني، التي قامت بابلاغ الشرطة.
ومن فرط الحاجة الى المال قام لاحقا سابا بالاتصال بجيني يطلب منها تحويل أمواله الى بنك في الخارج، وحين سالته عن السبب قال انه حاليا في بوسطن وان امراة اتصلت به مدعية ان لديها ابن منه، وهو يرغب بالسفر إليه في اليونان، لكن جيني أفادت بأن اخيها لم يواعد امرأة في حياته. وقالت جيني للمتصل ان صوته مختلف عن صوت اخيها، وقال لها انه من فرط حزنه على ابنه اصيب بذبحة صدرية ولذلك كان صوته مختلفاً.
بالعودة الى صديق سابا، عالم الاحياء والباحث في “جامعة توماس جيفرسون” في مدينة فيلادلفيا، روجو أودروغو فقد كانا تعرفا الى بعضهما اثناء الدراسة في بروكسل وظلا صديقين، حتى أن سابا أوصى باعطاء صديقه 20 بالمئة من تعويضات بوليصية التأمين على حياته لو انه كان نجح في عملية الانتحار.
وقد تبين ان هذا الصديق جاء الى ميشيغن في فترة اختفاء دياتز، كما تبين ان هناك اتصالات هاتفية كثيرة جرت بينهما قبيل الجريمة.
Leave a Reply