حرب كلامية في الحكومة اللبنانية مع اقتراب استحقاق تمويل المحكمة الدولية
بيروت –
صارت الخلافات داخل مجلس الوزراء، المحسوبة على خط سياسي واحد نسبيا، امرا اعتياديا لدى اللبنانيين، مع التقدم في بحث الهموم المعيشية والملفات السياسية.
في الجلسة الأخيرة للحكومة، برز الى العلن التناقض الحاد في الرؤية السياسية بين مكوناتها، من خلال نقاشات عنيفة كلاميا بين وزراء تكتل التغيير والإصلاح ووزراء جبهة النضال الوطني على خلفية العديد من الملفات، علما ان البلاد لم تلم بعد أذيال ملف الزودة على الرواتب التي اقرتها الحكومة أخيرا بشكل عشوائي لا يراعي وضع شريحة واسعة من المواطنين. وتمخضت جلسة الحكومة عن اتخاذ قرار بالمباشرة بأعمال التنقيب عن النفط والغاز في البر بعد اجراء المسوحات اللازمة، في حين استطاع وزراء التيار الوطني الحر الضغط باتجاه الغاء قرار حكومة فؤاد السنيورة الذي أعفى شركات الهاتف الخليوي من دفع الضرائب والرسوم المتوجبة عليها.
وبالعودة الى الهم المعيشي، نجحت هيئة التنسيق النقابية في فرض ارادتها من خلال الاضراب الذي ساد القطاع التربوي احتجاجا على قانون زيادة الاجور.
سبق ذلك اجتماع بين الهيئة والرئيس نجيب ميقاتي افضى الى دخول ممثلين عنها الى “لجنة مؤشر غلاء المعيشة”. وفي وقت متزامن، شهد وسط بيروت، وتحديدا ساحة رياض الصلح، اعتصاما حاشدا لأساتذة من مختلف المناطق اللبنانية.
“حزب الله” في موسكو
برز تطور دولي هام بتوجه وفد نيابي من “حزب الله” الى روسيا، في توقيت سياسي حساس على الساحة الاقليمية، حيث زار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد يرافقه حسن فضل الله ونوار الساحلي موسكو لثلاثة أيام التقوا خلالها العديد من المسؤولين الروس.
الزيارة التي تشكل سابقة من نوعها، شملت لقاءات مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الدوما (مجلس النواب) قسطنطين كوساتشوف، الذي يعتبر بحسب خبراء في الشأن الروسي، “شخصية محورية وهو أحد خمس شخصيات روسية تساهم في ترك بصماتها على السياسات الخارجية للاتحاد الروسي”.
كذلك التقى الوفد نائب رئيس مجلس الدوما فلاديمير جيرنوفسكي ونواب لجنة الدوما للعلاقات في الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. وتهدف الزيارة، بحسب المؤشرات، الى بحث الاوضاع في سوريا وتمويل المحكمة الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري.
المحكمة مجددا
طلب قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين الى غرفة الدرجة الأولى برئاسة القاضي السويسري روبرت روت، “الفصل في جواز الشروع في إجراءات المحاكمة غيابيا”. وربط فرانسين طلبه بانقضاء مهلة الثلاثين يوما من دون توقيف المتهمين وهي المهلة التي بدأت اعتبارا من 15 أيلول الماضي، أي من تاريخ نشر ملصق يتضمّن صور المتهمّين ومعلوماتهم الشخصية والتهم المسندة إلى كلٍّ منهم في أبرز الصحف اللبنانية.
وحسب بيان المحكمة، “على غرفة الدرجة الأولى الآن الفصل في استيفاء الشروط اللازمة لبدء إجراءات المحاكمة غيابياً، وذلك بما يضمن حماية حقوق المتهمين”.
وتأتي هذه الخطوة غداة إعلان رئيس قلم المحكمة الهولندي هيرمان فون هيبل عن صدور لوائح اتهامية جديدة قبل نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل، وأن قائمة بالشهود الذين سيستدعون لتقديم إفاداتهم أمام المحكمة ستصدر مطلع العام 2012، فيما كان أحد القضاة اللبنانيين في المحكمة يسرب لمواقع إلكترونية لبنانية أن المحاكمة ستبدأ في مطلع العام المقبل وليس في حزيران 2012 كما كان قد أعلن سابقا.
هذا التطور، قد يسرّع في ملف تمويل المحكمة، في ظل مؤشرات على اختلاف حاد في وجهات النظر حيالها داخل الحكومة. وفي أبرز المواقف من قضية اغتيال الحريري، اعلن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أن سعد الحريري أبغله أن “اكبر مظلوم بمقتل الحريري هو بشار الأسد”.
بدوره أطلق اللواء جميل السيد موقفا عنيفا من رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط على خلفية مقابلة تلفزيونية أجراها الأخير وتطرق فيها الى الحرية، فاعتبر السيد أن “عموم اللبنانيين يعرفون تماماً أن كل الإرتكابات والأوصاف إنّما تنطبق على جنبلاط قبل أي أحد آخر، وحيث يكفيهم أن يتذكّروا ما فعله ويفعله، كديكتاتور طائفي صغير في لبنان، في إرهاب خصومه من الدروز وغيرهم، وفي الفساد في الدولة وغير الدولة، وما أمر به من مجازر وإغتيالات، ليس أقلّها تهجير وقتل آلاف المسيحيين في الجبل وقضية إغتيال سماحة العلاّمة الشيخ صبحي الصالح والمستشار الرئاسي محمد شقير وكثيرون غيرهم وصولاً الى دوره المباشر والمعروف في مؤامرة شهود الزور وإعتقال الضباط الأربعة وتهديد عائلاتهم وأولادهم بالقتل، مستغلاً بأبشع الصُوَر جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري”.
وتجدر الإشارة الى ان اوساطا سياسية عديدة نقلت امتعاض جنبلاط من تمويل إيران لمستشفى ودار عجزة في الجبل بناءً لطلب الوزير السابق وئام وهاب، وهو ما يعدّه المراقبون رسالة قوية الى جنبلاط في ظل التذبذب الحاصل في مواقفه الاقليمية.
Leave a Reply