القدس المحتلة – تنسم مئات الأسرى الفلسطينيون المحررون، الأسبوع الماضي، هواء الحرية، في خطوة وصفها المراقبون بانتصار كبير للخيار المقاوم وبالتحديد لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث بدا أن تحرير الأسرى الذي تم إبعاد جزء منهم الى دول إقليمية، بينها سوريا وقطر وتركيا ومصر مقابل الإفراج عن الجندي جلعاد شاليت، قد ساهم في دفع عملية المصالحة الوطنية في اتجاه ايجابي، إذ تردد أن وفدين من حركتي “فتح” و”حماس” سيلتقيان الأسبوع المقبل في القاهرة للتوصل إلى توافق حول ترتيبات لتنفيذ اتفاق المصالحة الذي وقع قبل أشهر برعاية مصرية، وهو ما تبدّى أيضاً في إعلان مصادر قريبة من الرئاسة الفلسطينية أن الرئيس محمود عباس سيقترح على رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل إجراء انتخابات تشريعية كخطوة أولى على طريق إنهاء الانقسام، في وقت أنهى الأسرى المضربون عن الطعام حملة “الإمعاء الخاوية” بعدما تردد أن سلطات الاحتلال تراجعت عن إجراءاتها القمعية بحقهم.
وأمضى الأسرى المحررون صباحهم الأول مطلع الأسبوع الماضي، في رحاب الحرية، في الوقت الذي تواصلت فيه الاحتفالات في الشارع الفلسطيني بتحريرهم. ونظمت حركة حماس احتفالية مصغرة في أرض الكتيبة في وسط مدينة غزة للأسرى المفرج عنهم الى غزة، وعددهم 293 أسيراً، حضرها رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية، وقيادات في “حماس” في مقدمتهم الدكتور محمود الزهار.
كما قدمت حركة “فتح” في قطاع غزة التهنئة للأسرى. وأشارت إلى أن الإفراج عنهم خطوة على طريق تحرير كافة الأسرى والمعتقلين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية. كما أعربت الحركة عن أملها في أن يشكل تحرير الأسرى دعما وطنيا لمسيرة العمل والبناء الوطني وإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة وتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة الوطنية.
وأعلنت الحكومة الفلسطينية المقالة أنها قررت صرف مبلغ ألفي دولار أميركي لكل من الأسرى الفلسطينيين الذين وصلوا الى غزة ضمن صفقة التبادل.
وأكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، أنه ليس من صالح العدو الإسرائيلي التنصل من تنفيذ المرحلة الثانية لصفقة تبادل الأسرى وفق ما اتفق عليه. وكشف المتحدث الإعلامي باسم كتائب القسام أبو عبيدة عن المعايير التي تم الاتفاق عليها لتنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى، وعددهم 550 أسيرا، وهي ألا يكون الأسرى المفرج عنهم من الجنائيين، وألا يكونوا ممن شارفت محكومياتهم، على الانتهاء، وأن تكون الأولوية لكبار السن، وأصحاب الحالات المرضية، وأن تكون الأولوية للأسرى الذين أمضوا 20 عاما وما فوق في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وتنص صفقة التبادل التي ابرمتها حماس واسرائيل على اطلاق شاليط مقابل اطلاق الدولة العبرية سراح 1027 اسيرا فلسطينيا، من بينهم 27 امرأة، على ان يتم الافراج عن الاسرى الفلسطينيين على دفعتين. الاولى، وقد تمت الثلاثاء وتشمل 477 اسيرا تقرر ابعاد 40 منهم الى الخارج (تركيا وقطر وسوريا) وترحيل 163 من سكان الضفة الى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس، في حين يفترض الافراج عن الدفعة الثانية التي تضم 550 اسيرا في غضون شهرين.
وأضاف أبو عبيدة أن مصر تعهدت، كراعية للاتفاق، بضمان تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة بناء على المعايير التي نص عليها الاتفاق. وأوضح أبو عبيدة أن حركة حماس لن تشارك في وضع الأسماء التي سيتم الإفراج عنها في المرحلة الثانية، لكنه أشار إلى أن مصر ستشارك في ذلك وفق المعايير والشروط التي وضعتها الحركة ونص عليها الاتفاق.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مصادر أمنية أن المرحلة الثانية من صفقة التبادل ستشمل الإفراج عن سجناء فلسطينيين أدينوا بارتكاب أعمال جنائية كسرقة السيارات والمنازل، والذين ضبطوا في إسرائيل من دون ان تكون في حوزتهم التصاريح اللازمة.
إلى ذلك، أعلن وزير شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع أن الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات علق إضرابه عن الطعام بناء على الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إدارة سجون الاحتلال بإنهاء العزل الانفرادي. وشدد قراقع على أن إضراب الأسرى عن الطعام حقق هدفه برغم الضغوطات التي مارستها إدارة السجون عليهم، وذلك من خلال إصرارهم ومنذ اللحظة الأولى على عدم فشله قياسا بإضراب عام 2004.
وعلاوة على إنهاء العزل الانفرادي، يقضي الاتفاق بإعادة الأوضاع في السجون الى سابق عهدها قبل الهجمة الأخيرة على الأسرى، والتي جاءت بقرار سياسي من حكومة بنيامين نتنياهو، وإلغاء كل العقوبات التي فرضت على الأسرى جراء الإضراب.
في هذا الوقت، أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” عزام الأحمد عن عقد اجتماعين لوفدي “فتح” و”حماس” سيتم تحديد موعدهما بعد انتهاء جولة سيقوم بها عباس لبعض الدول العربية. وأوضح الأحمد أن “الاجتماع الأول سيبحث آليات تنفيذ المصالحة الفلسطينية، أما الاجتماع الثاني فسيناقش آفاق المستقبل الفلسطيني والإستراتيجية الفلسطينية”.
وكان مشعل دعا عباس إلى عقد لقاء الأسبوع المقبل في القاهرة لانجاز ملفات المصالحة العالقة، وإجراء مراجعة سياسية للمسار التفاوضي في ضوء الانسداد السياسي الحالي.
من جهة ثانية، قال مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور إن مجلس الأمن سينتهي من إجراءات النظر في الطلب الفلسطيني المتعلق بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بحلول نهاية الرئاسة الدورية التي تتولاها نيجيريا لأعمال المجلس في أواخر تشرين الأول الحالي. وأضاف “نعتقد أن هذا الموضوع يجب أن يصل إلى نهايته المنطقية، ونحبذ أن يكون ذلك تحت الرئاسة النيجيرية هذا الشهر وأن يتم التصويت على مشروع قرار يوصي فيه مجلس الأمن بالموافقة على عضوية فلسطين”. وكان مصدر دبلوماسي غربي أشار إلى أن مجلس الأمن الدولي قد يصوت في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل على حصول الفلسطينيين على مقعد دائم في الأمم المتحدة.
Leave a Reply