بعد أن حل الشتاء ببرده الشديد، لم يعد ممكنا الجلوس والتسامر في مكان مكشوف كباحة دارنا، وصار السهر في ليل كل خميس في مقهى الحي، وبما أن “أبو سلمو” عنده الكثير من القصص والحكايا، عما جرى معه، أو شاهده، أو سمع به في بلاد الأميركان، وخص نص، بالمكان يللي ساكنين فيه عرب واللي بيحكو عربي، لذلك كان أصحابه، يحبون سماع هالقصص.
سأله أبو عجاج الحلاق: ليش ابنك سلمو ما إجا معك من هنيك؟ رد أبو سلمو: “ابني سلمو، الله يسلّمو ويسلّم أولادكم، ما خلّص رسالة الدكتوراه”. فسأله أبو عجاج: “وقديش صارلو عم يكتبها”؟ أبو سلمو قال له: “ما عم يكتب مكتوب”. أبو عجاج: “شلون يعني”؟ أبو سلمو: “عم يدرس منشان ياخد شهادة دكتور”. أبو عجاج قال (بصوت عال): “ما شاء الله.. عم يدرس ليصير حكيم.. دقو على الخشب يا شباب.. الله يوفقو وينجحو ويرجع ويصير يداوي هالفقرا”..
أبو سلمو: “لأ.. لأ يا شباب عم يدرس ليصير دكتور.. بس مو حكيم للبشر”.
وتتعالى أصوات الزبائن: “حكيم دواب”؟
أبو سلمو: “كمان لأ..”، فقال أبو عجاج: “والله حيرتنا دكتور شو لكان”؟
أبو سلمو مترددا: “متخصص بالشفط والنفخ”.
أبو عجاج: “يعني دكتور مجاري مصطومة وبلاليع”؟
أبو سلمو: سبحان الله لوين راحت أفكاركن.. بأميركا بيقدر الواحد يدرس شو ما بدو.. وأوقات ما بيدرس شي، وبسمي حالو دكتور.. بيطبع كروت وبيحط قبل اسمو حرف “الدال” مع نقطة.
أبو عجاج: حرف “الدال” يمكن دربكاتي مع الرقّصات.
ويعلق أحد الزبائن: يمكن حرف “الدال” يكون الدلاّل.
أبو سلمو يتابع: وبعد ما يوزع الكروت على الناس بصيرو ينادولو دكتور.. دكتور.. بدون ما يشوفو شهادته “ولا بطيخو”..
كمان في دكتور بطيخ؟
أبو سلمو لا يجيب، ويكمل: ابني سلمو بدو يصير دكتور بأمور كتير مهمة.
أبو عجاج يخاطب صاحب القهوة: “يا حبيبنا.. يا ريت توطيلنا صوت هالراديو شوي.. كمّل أخي كمّل”. أبو سلمو يتابع: “سلمو يا شباب وبعد طول تفكير وبعد مراقبة طويلة شاف أنو شفط الدخان من بربيش الأركيلة عند الرجال، غيرو عن النسوان”.
أبو عجاج يقاطعه: شلون شلون شلون؟ أبو سلمو: متل ما عم قلكن.. وكمان نفخ الدخان من التم لبرا مختلف وغير شكل، وبدو يعمل مقارنة بين الأركيلة وبربيشها ودخانها يللي بينزل على الفشة والمعلاق وبين شي متل الأركيلة مع بربيش وبيستعمل لتنظيف البطن.
أبو عجاج: يا سلام.. يا سلام.. الله يبارك فيه.. شو هالشب الذكي هاد؟
أبو سلمو يعدل جلسته بعد المديح: و”ابني توصل أنو يخترع فرشاية عالكهربا لتنظيف البلاعيم عند الرجال يللي بأركلو”. أبو عجاج: “والنسوان ما إلهم فرشاية”؟
أبو سلمو بانفعال: “شلون ما إلهن.. معقول ينسى نص المجتمع.. بعد المساواة مع الرجال؟ الستات يللي بدخنوا أراكيل بدهن عناية خاصة أكتر من الرجال”. أبو عجاج: “يعني عم يدللهن”. أبو سلمو: “يا أخي النسوان وضعهن غير شكل ولازم يكون إلهن عدة خاصة للتنظيف مثل بواري وبايبات الدفايات والصوبيات، لأنو أكثرهن خلال النوم، بتنفجر فيهن شغلات وبيصير يطلع منهن شحّار وغبرة سودا”.
ابو عجاج: “والله ابنك عم يقول كلام جواهر والماس، هيك صار مع أم عجاج” (ويقول محدثاً نفسه: عم قول لحالي ليش عجاج طالع لونه متل فحم الأركيلة). تابع “طيب شلون بدنا نجيب ماكينات التنظيف”؟ أبو سلمو: “والله إذا فيكن تستنو لنتصل بسلمو.. أنا جاهز ولازم تكتبو ورقة، كم ماكينة للرجال وكم ماكينة للنسوان”..
ويعلو صوت الجميع: سجلو أسامينا ولا تنسو ولا إسم. أبو سلمو: وما بدكن تجيبو للنسوان يللي بأركلو؟ فيسأل أحد الحاضرين: شو رأيك أبو عجاج؟
أبو عجاج وكله ثقة بنفسه: خلي النسوان هلق يستعملو خضاضات الحمامات وبعدين بنفكر شو بدنا نعمل!!
ونلتقي..
Leave a Reply