كان يفترض بالقيمين على إدارة شؤون “غرفة التجارة الأميركية العربية” أن يعتذروا للجالية العربية التي ساءها وآلمها استضافة رئيس جامعة “وين ستايت” آلان غيلمور كمتحدث رئيسي في حفل الغرفة السنوي الـ19 الأسبوع الماضي، أو كان عليهم أن يقوموا بتوضيح ذلك الأمر في أضيق الأحوال، ولكنهم وبدلا من ذلك، تجاهلوا معارضة نشطاء الجالية وفعالياتها وطلابها الذين وقفوا لساعات في البرد الشديد منتصرين لكرامة الجالية وأبنائها، وهاتفين: العار عليكم!
إن أي شيء يثبت أو يوحي أن أصحاب الغرفة يهتمون لشؤون وقضايا أبناء جلدتهم لم يحدث، بل على العكس، قاموا بنشر صورة غيلمور محاطا برئيس الغرفة ومديرتها التنفيذية، لا لإظهار مدى الحفاوة التي لقيها “الضيف” وحسب، بل لإدعاء نجاح موهوم أيضا. في هذا السياق يحق القول: إذا لم تستح فاصنع ما شئت!
وفي الموضوع ذاته، يحق للمرء أن يتساءل: إذا كانت الغرفة تستخدم إسم الجالية العربية لسنوات عديدة وتدعي خدمة مصالحها، فمن هو الأهم: هل آلان غيلمور أهم من هيلين توماس؟ بالطبع إنه من الظلم مقارنة ما قدمته توماس للمجتمع الأميركي وللجالية العربية بأي عطاء آخر، وليس مطلوبا في آخر الأمر أن تقوم “الغرفة” بمساندة حق توماس في القول والتعبير، إذا رأت أن مثل هذا الموقف يضر بمصالحها، ولكن السؤال يبقى: لماذا تقوم هذه “الحفنة” من “المقاولين” بمباركة من كان سببا في “ظلم” توماس وسحب جائزتها التي كانت فخرا للعرب الأميركيين طوال ربع قرن من الزمن؟
حسنا.. إذا لم تكونوا معنا فلا تكونوا ضدنا، وإذا “ارتكبتم المعاصي فاستتروا” بدل التفاخر الكاذب.. والمخالفة الطائشة..
ما دامت الغرفة ذات وظيفة اقتصادية، فلنتساءل بمنطق التجّار الشطّار: ما ربحت الغرفة من استضافة غيلمور؟ وماذا كانت ستخسر لو دعت شخصا آخر؟ وبالطبع فنحن لا نتتظر الجواب من “أصحاب” الغرفة لأنه لديهم بالتأكيد أجوبتهم الخاصة التي تضمن مصالحهم الشخصية، ولكن هذا السؤال موجه إلى جميع أبناء الجالية العربية: قولوا لنا ماذا ربحت الغرفة؟
وما دامت الغرفة تقوم بأعمال “البيزنس” فهي حرة في ذلك، ولكن ألا يفيدها استخدام إسم الجالية العربية والادعاء بتمثيل مصالحها في تحقيق تلك المصالح ودوبلة “أرباحها”، فإذا كانوا المشرفين على الغرفة غير مستعدين لأخذ مشاعر وكرامة العرب الأميركيين بعين الاعتبار، فليتوقفوا عن الكلام والعمل بإسمهم.
ليس العيب في أن يكون المرء تاجراً. العيب أن يكون فاجرا. والطامة الكبرى أن يكون تاجرا فاجرا، ونحن إذ نقف مثل هذا الموقف، فهو ليس موقفا ضد تجارتهم “التي ستبور”، بل ضد “فجرهم” الذي يستهين بجرحنا العميق ومحاولات الحط من قدرنا وتهميش دورنا.
كان هناك في المسألة نقطة مضيئة لا يمكن إهمالها وهي انضمام عدد كبير من طلاب المرحلتين الثانوية والجامعية.. شباب وشابات في مقتبل العمر انضموا إلى تظاهرة رمزية، وهتفوا ضد غيلمور ومن جاء به وانتصروا لهيلين توماس ولحرية التعبير والأهم من ذلك، لكرامة الجالية العربية.. شباب وشابات يتفتح وعيهم على انتمائهم وفخرهم بخصوصيتهم الحضارية واللغوية، في الوقت الذي كان فيه “عتاولة” كبار يديرون حفلا في صالة فخمة ومكيفة، يلعبون على الحبال ويتشاطرون ويساومون.. من أجل فتات.. إذا ما تمت مقارنته بمستقبل أبناء الجالية!
عشرات، شيبا وشبانا وقفوا في البرد القارس، وكان موقفهم حارا، وهو بكل تأكيد أكثر حرارة من التصفيق الذي لقيه آلان غيلمور أثنار إلقاء كلمته!!
Leave a Reply