الجامعة العربية (وليدة الإستعمار البريطاني) التي لم “تهش ولم تنش” ولم تحل أي معضلة أو أزمة عربية واحدة وكانت كل قراراتها المضحكة مجرد حبر على ورق بعد أن انقلبت إلى أداةٍ من أدوات “مجلس التعاون الخليجي”، حققت “إنجازاً” هذا الأسبوع من خلال الورقة النهائية للخطة العربية بشأن الأزمة في سوريا، والتي تنص على وقف أعمال العنف كافة من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين، والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة، وإخلاء المدن والاحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، وفتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الاعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع أنحاء سوريا للاطلاع على حقيقة الاوضاع ورصد ما يدور فيها من أحداث، كمقدمة لاجراء اللجنة الوزارية العربية الاتصالات والمشاورات اللازمة مع الحكومة ومختلف أطراف المعارضة من أجل الاعداد لانعقاد مؤتمر حوار وطني خلال فترة اسبوعين.
لقد صدقت هذه الجامعة “المفرقة” أنها إخترعت البارود، في حين أن ما طرح في الورقة كانت السلطة في سوريا تدعو إليه منذ بدء الأحداث المؤسفة بينما كانت المعارضة المسلحة منشغلة تنادي بشعار “العلوي بالتابوت والمسيحي عبيروت”.
حتى بعد إعلان الورقة من قبل وزير خارجية قطر (المحايد تماماً مثل قناة “التزويرة”) لم يعجب “المجلس الوطني السوري” ما حصل فطالب “بتجميد عضوية سوريا لدى الجامعة وتوفير حماية دولية للمدنيين بغطاء عربي”. كما طالبت المعارضة عملياً النظام إما بحل نفسه بنفسه أو تسليم السلطة لها. أي كمن يسلم السكين إلى عدوه ويسلم رقبته للذبح معاً متكلاً على ضمير المسلحين، ذلك لأن العناصر المسلحة التي شاهدنا عينات منها على الشاشات وهي تذبح القوى الأمنية وترميهم في نهر العاصي، هي عناصر راقية وديمقراطية وتعترف بالآخر تماماً! ما علينا، غداً عندما لا تلتزم المعارضة بنصوص الورقة العربية وتوقف دورة العنف المسلح سيكون الملام، طبعاً، النظام الذي يعلق على مشجبه كل الافتئات والأعذار والإتهامات لكن المعارضة ستكون في حلٍ من كل المسؤوليات! فمن سيراقب المعارضة ومن سوف يتأكد من قبولها وتنفيذها للإتفاق والحوار السلمي لا المسلح؟
مهزلة هذه الجامعة التي لم توقف إسرائيل، العدو العلني، مرةً واحدة ولا تتخذ قراراتها إلا بالإجماع، كما أرادت بريطانيا حتى لا يتحقق التفاهم بين العرب. ومهزلة حين تؤمن غطاءً للأطلسي في سرقته لثورة الشعب الليبي وخائنة عندما تبحث مجرد البحث في تجميد عضوية سوريا. ولكن ما نفع هكذا عضوية في مؤسسة بالية لا جدوى منها بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر وتوقيع السادات لإتفاقية “كامب ديفيد”؟
هذه الحماسة غير المحمودة من الجامعة العربية على الشعب السوري تشبه حماسة “١٤ آذار” على الشعب السوري أو تأييد سمير جعجع لثورة السوريين وحزبه بدأ الحرب الأهلية “لتحرير لبنان من الغرباء”. رحم الله العمال السوريين!
أين يحصل في العالم أن منظمة “جامعة” لدولها تلوح بالتدويل ضد أحد أعضائها، أوتقبل أن تكون غطاءً لتدخل خارجي؟ بل كيف يقطع أعضاؤها علاقاتهم مع دولةٍ ما بسبب “قمعها لشعبها” بينما أنظمة هذه الدول هي الأسوأ من بين الديكتاتوريات الوراثية في العالم من حيث تكبيل الحريات؟ ثم لماذا تتم تغطية التظاهرات المعادية، مهما صغرت، على قناة “العبرية” وأختها بالتبني والتي تحدث في أنحاء متفرقة من سوريا، بينما تتجاهل تماماً التظاهرات الشعبية المؤيدة للرئيس بشار الأسد والوطن السوري التي أقيمت مؤخراً في دير الزور والرقة؟
الخلاصة من كل ذلك أنه بوريقة الجمعية العربية أو بدونها، فالمؤامرة مستمرة على سوريا وطناً وشعباً وسلطةً وجيشاً لكن سوريا تخطت القطوع الكبير وحطمت أماني تركيا وقطر وإسرائيل و”١٤ آذار” في تقسيم سوريا أو إخضاعها ولولا هزيمة هؤلاء المنكرة لما رضخت “الجامعة” للتسوية الجديدة. في الماضي كان العثمانيون، القدامى والجدد يتبعون سياسة “فرق تسد”، لكن هذا الدور إنتقل اليوم إلى جامعة “الدول العربية المشتتة”. انها “رجل المنطقة المريض”.
Leave a Reply