كثر التهويل الإسرائيلي مؤخراً حول ضربة مرتقبة لإيران تجر إليها الولايات المتحدة من أجل منع إيران من إمتلاك القوة النووية، عبر التسريب الإعلامي في دولة الكيان الإرهابي، وكثرت الأقاويل أن رأسي “الدولة” يخططان معاً لهذه الضربة رغم معارضة روؤساء الأجهزه الأمنية والعسكرية من أن تهوراً مجنوناً كهذا سوف يؤدي إلى كارثة مهولة على كيانهم. وكان أول المؤيدين للعمل العسكري الإسرائيلي المزعوم، رأس الفتنة والأفعى خليفة المجرم طوني بلير (الذي استقبله السنيورة بالترحاب)، وهذا أمرٌ غير مستغرب من قبل الدولة التي قسمت العالم وقتلت الابرياء وميّزت بين مواطنيها، والتي ارتضت أن تكون ذنباً لإسرائيل منذ أن تولت، سيئة الذكر، مارغريت تاتشر السلطة هناك.
كاتب هذه السطور له رأي مخالف بأن إسرائيل وتهويلها وكل قوتها العسكرية لا تساوي “قرشان بوقت الغلاء”! ثم أن أية مغامرة من هذا القبيل لن تتحمل إسرائيل أكلافها التي قد تطيح بالكيان نفسه، والأيام التي كانت فيها تعربد وتزمجر و”تتفرعن” وتستبيح أراضي العرب المستعربة، قد ولت إلى غير رجعة. فالعصر اليوم هو عصر المقاومة والممانعة وتلقين “الجيش الذي لا يقهر” درساً بليغاً بأنه لم يصمد أمام حفنة من الرجال الذين إنتصر دمهم على.. الميركافا!
بل أكثر من ذلك، يا ليت ترتكب إسرائيل هذه الحماقة التي إذا حصلت سوف تحرق نصف الكيان وتتسبب بهرب الصهاينة “زرافات زرافات” في المراكب وكل وسائل النقل البري والجوي والبحري لإعادتهم من حيث أتوا. فأي إعتداء على إيران لن يحقق اهدافه المعلنة بوقف البرنامج النووي السلمي أو خرق التحصينات الخرسانية والتمويهات العسكرية الإيرانية، عدا عن أن إيران منذ بدء البرنامج تتحسب لعمل عدواني صهيوني، كما سيستدعي رداً إيرانياً قاسياً عبر السفن الحربية والطائرات والصواريخ المتطورة التي أضحت كابوس الكيان منذ حرب تموز ٢٠٠٦. أما إذا تدخل الغرب لمساندة إسرائيل فقد يؤدي هذا التدخل إلى إغلاق مضيق “باب المندب”، شريان الحياة النفطي للإقتصاد الغربي، خصوصاً الأوروبي الذي يعاني من ركود إقتصادي خانق أدى حتى الآن لدحرجة رأسي حكومتي اليونان وإيطاليا (والأخير برلسكوني لم يصمد طويلاً بعد سيده الهالك مدمرا لقذافي الذي قبل يده يوماً). فاليورو على أسوأ حال، وعجز الموازنة مستفحل في خزائن الدول الغربية وأميركا، والبطالة ثم التفاوت الفاحش في توزيع الثروة بين طبقات المجتمع تنتج حركات “إحتلال” مدن على غرار الإعتكاف في ميدان التحرير في القاهرة، وعلى نسق ثورات “الربيع العربي”، فأي هبة حربٍ ساخنة في منطقة النفط العربي سوف تلهب السعير المستتب في دول الغرب.
إسرائيل اليوم تعيش أكثر أيام تاريخها قلقاً وإحراجاً وهي غير قادرة إلا على “البعبعة” كما نقول بالعامية. ذلك أن هذا الكيان الذي لم يتعود الكلام على شاكلة “عرب الهزيمة” الذين يقولون ولا يفعلون. إسرائيل انقلبت لتصبح مثلهم فيما مضى، وهذا أمرٌ ليس بالهين والفضل يعود فيه للمقاومة التي صنعت الإنتصار. ولو كانت إسرائيل قادرة على تنفيذ تهديداتها “الهوائية” لكانت فعلت منذ زمن بعيد ولما سألت أحداً، ولا حتى حاضنتها الولايات المتحدة. وهي عندما ضربت المفاعل النووي في العراق عام ١٩٨٠ لم توقفها إدانة العالم أجمع، ومن ضمنها أميركا، ومضت قدماً من دون أن تنبس ببنت شفة، كما أنها ضربت مصنعاً قالت أنه يحوي سلاحاً نووياً في دير الزور السورية من دون سابق إنذار أو كلام. إذاً لماذا كل هذا التصعيد الإسرائيلي فجأةً ضد إيران ولماذا “تكشف” إسرائيل نواياها فتجعل الخصم يستعد لعدوانها وبالتالي تخسرعنصر المفاجأة التي عرفت به في كل إعتداءاتها؟
إنها الحرب النفسية، تشنها إسرائيل مستفيدةً من موسم الإنتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة وإنشغال الغرب بأزماته المالية، من أجل الضغط على إيران لوقف برنامجها النووي وإجبار العالم الغربي على القيام بأي شيء لكي يمنع الحرب ويحفظ ماء وجه إسرائيل. فرؤوس إسرائيل الحامية يعلمون علم اليقين أن إيران أصبحت من القوى الإقليمية المتطورة في المنطقة وأن قدرتها العسكرية وردها الصاعق سيشل القدرات العسكرية الإسرائيلية من دون سلاح نووي إيراني. كما أن إيران، بعكس ما يزعم المحللون، ليست بحاجة لأحدٍ لمساعدتها على الرد، لأنها وصلت إلى درجة متطورة على صعيد التكنولوجيا والخطط العسكرية بحيث أنها قادرة على القيام بالدفاع والهجوم على أكمل وجه.
من يذكر تهديد اسرئيل للبنان بتهديم البنية التحتية والأهداف المدنية، إلى أن جاء من يرد أن المعركة المقبلة ستبدأ من تل أبيب، فصمت التهديد صمت القبور؟ في الماضي كان أحمد سعيد يمثل صوت العرب الإعلامي المجلجل كلامياً والمهزوم عسكرياً في عصر “البهورة” العربية والأكاذيب حول محاربة العدو والوصول إلى تل أبيب، واليوم “بقّت” إسرائيل له مئة “بحصة” في “العنتريات” الكلامية ضد الجمهورية الإسلامية. مئة “بحصة” ليست إلا “فقاقيع صابون”!
Leave a Reply