إيران لن تتراجع عن برنامجها النووي.. والغرب يلوح بعقوبات صارمة
عواصم – مرة جديدة، اشتعلت، الأسبوع الماضي، جبهة المناوشات الكلامية بين طهران من جهة وتل أبيب والغرب من جهة أخرى، على خلفية تهديد إسرائيل بقصف إيران لوقف برنامجها النووي الذي كان بدوره، تحت المجهر، الأسبوع الماضي، بعد صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن البرنامج النووي الايراني، متضمناً ملحقا طويلا خاص بـ”الابعاد العسكرية المحتملة” للبرنامج، حيث تحدث التقرير عن “مخاوف جدية” من إمكان وجود “بعد عسكري” للبرنامج الايراني، استنادا إلى معلومات “جديرة بالثقة” معظمها مرتبط بمرحلة ما قبل العام 2003.
ردت طهران على حملة التصعيد الدولية ضدها، التي واكبت صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول “الأبعاد العسكرية” لبرنامجها النووي، مؤكدة أنها لن تتراجع في مسار هذا الأخير “قيد أنملة”، مدعومة من موسكو التي انتقدت التقرير ورفضت مزيدا من العقوبات على إيران التي هدد أحد قادتها العسكريين بـ”تدمير” اسرائيل إذا أقدمت على مهاجمة بلاده. لكن طهران أكدت، في الوقت، نفسه استعدادها للتفاوض على أساس “المساواة”، فيما قطع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الصمت الرسمي للدولة العبرية حول التقرير، ودعا العالم إلى “إنهاء مساعي ايران للحصول على أسلحة نووية”.
في إيران، حذّر المرشد الاعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، “أعداء” إيران وخاصة أميركا واسرائيل، من أن بلاده سترد على أي عدوان أو تهديد “بكل قوة”، بحيث “تدمر المعتدين من الداخل”. وفيما قال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي قد يوافق على فرض عقوبات جديدة ضد ايران خلال الأسابيع المقبلة، أكدت روسيا والصين رفضهما لهذه العقوبات.
وأفادت وكالة “مهر” الايرانية للانباء بان خامنئي وصف في كلمة ألقاها في مراسم أداء القسم لطلبة “جامعة الامام علي” العسكرية، القوات المسلحة بانها تشكل “مبعث عز وفخر للشعب والبلاد، ورأس الحربة في الدفاع الوطني”، مؤكدا: “ليعلم الاعداء وخاصة اميركا وعملاءها والكيان الصهيوني، ان الشعب الايراني ليس اهلا للعدوان على اي بلد او شعب، الا انه سيرد بكل قوة على اي عدوان او تهديد بحيث يؤدي رده الى تدمير المعتدين من الداخل”.
واضاف خامنئي ان “على كل من يخطر بباله ان يعتدي على الجمهورية الاسلامية الايرانية، ان يعدّ نفسه لتسلم صفعة قوية وقبضة فولاذية من الجيش والحرس والتعبئة، وبكلمة واحدة الشعب الايراني العظيم”. ودعا خامنئي “جميع ابناء الشعب الايراني وخاصة القوات المسلحة الى الحفاظ على الجهوزية من اجل استمرار مسيرة العزة الوطنية والاقتدار على الصعيد الدولي”، مؤكدا “ان تعزيز صرح نظام الجمهورية الاسلامية والاتحاد الوطني والتآلف بين قلوب ابناء الشعب الايراني، يشكل اهم قوة رادعة، وان الجميع مكلفون بصيانة الصرح المرصوص للنظام، وان يعملوا على تقويته”.
وقال دبلوماسيان في الاتحاد الأوروبي إن حكومات الاتحاد الأوروبي قد توافق على فرض مجموعة عقوبات جديدة على إيران خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن اعتبر تقرير للأمم المتحدة أن طهران عملت على تصميم قنبلة ذرية. وبدأت بالفعل مباحثات مبدئية بين عواصم دول الاتحاد الأوروبي بشأن اتخاذ إجراءات جديدة. وقال الدبلوماسيان إنه ربما يجري التوصل إلى صيغة نهائية بهذا الصدد بحلول اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل في الاول من كانون الأول المقبل. وقال دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي “يبحث الخبراء عددا من الخيارات المطروحة لكن من الصعب استشراف نتيجة النقاشات”. وتوقع آخر اتخاذ قرار رسمي في الاول من كانون الاول (ديسمبر) المقبل.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن العقوبات التي سيكون من شأنها فرض ضغوط كبيرة على طهران كي تعدل سياستها ويتعين ان تستهدف قطاع الطاقة الإيراني. ولكن هذه العقوبات غير محتملة على ما يبدو بسبب المخاوف حول تأثير هذه الإجراءات على الاقتصاد العالمي الذي هزته بالفعل أزمة الديون في أوروبا.
وفي هذه الأثناء، اعتبر وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أن سعي الولايات المتحدة لحل العديد من النزاعات في العالم عبر فرض العقوبات “غير جائز”. وقال في مقابلة مع قناة “روسيا 24”: “نحن واثقون من أن العقوبات ليست طريقا صحيحا بل يجب حل النزاعات والخلافات والأزمات عبر إشراك جميع الأطراف”. وأضاف لافروف “يجب أن يسري ذلك على جميع الحالات بما فيها تسوية النزاع الفلسطيني الإســـرائيلي أو البرنامج النووي الإيراني والقـــضية النووية في شبه الجزيرة الكورية” .
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن العقوبات لا يمكن أن تقدم حلا “جوهريا” للنزاع النووي الإيراني.
تقرير الوكالة.. وإسرائيل
وجاء في تقرير الوكالة الدولية ان “لدى الوكالة مخاوف جدية من وجود بعد عسكري محتمل للبرنامج النووي الايراني”، وقالت الوكالة ان ايران استفادت في تطوير عدد من نشاطاتها النووية المثيرة للجدل من مساعدة “شبكة نووية سرية”، في تلميح الى معلومات صحافية مفادها ان عالما روسيا وخبراء باكستانيين ساعدوا طهران. واكدت الوكالة انها استندت في صياغة هذا التقرير الى معلومات حصلت عليها من عشر دول اعضاء، يرجح ان يكون مصدرها اجهزة الاستخبارات، وايضا من مصادرها الخاصة ولا سيما صور التقطتها الاقمار الصناعية لقاعدة بارشين العسكرية قرب طهران.
وشدد تقرير الوكالة على “قلق خاص” حول معلومات من دولتين عضوين في الوكالة تفيد بأن ايران قد أجرت عمليات محاكاة على الكمبيوتر لدراسات مهمة لتصنيع الأسلحة النووية في العامين 2008 و2009. وأشارت إلى “تطبيق هذه الدراسات على أي شيء غير المتفجرات النووية ليس واضحا للوكالة”. كما اشارت الوكالة إلى معلومات تفيد بأن ايران قد بنت مركبا ضخما في قاعدة بارشين لاجراء تجارب هيدروديناميكية، تعتبر “مؤشرا قويا على تطوير محتمل للأسلحة”، بحسب الوكالة.
أما اسرائيليا، وبحسب ما نقلت القناتان الخاصتان الثانية والعاشرة في التلفزيون الاسرائيلي عن مسؤولين في الدولة العبرية فإن هذا التقرير سيتيح لاسرائيل الانتظار “لبضعة اسابيع او حتى لبضعة اشهر” لمعرفة ما اذا كان المجتمع الدولي سيفرض “عقوبات تشل” ايران، مثل المقاطعة التامة للمصرف المركزي الايراني او لصادرات النفط الايرانية.
من جهته دعا وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان في تصريحات نقلتها صحيفة “معاريف” الاسرة الدولية الى فرض عقوبات دولية “صارمة جدا وتشل ايران”.
ايران “لا تحتاج الى القنبلة النووية”
وكان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد اكد مجددا ان ايران “لا تحتاج الى القنبلة النووية” لمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها. وقال نجاد في تصريحات بثها التلفزيون الحكومي ان “الولايات المتحدة التي تملك خمسة آلاف قنبلة ذرية تتهمنا بانتاج السلاح الذري، لكن يجب ان يعرفوا اننا اذا اردنا قطع اليد التي اطالوها على العالم فلن نحتاج الى القنبلة النووية”.
وتابع قائلا “يمكننا ان نحقق اهدافنا باستخدام الفكر والثقافة والمنطق”، متهما الولايات المتحدة بنهب ثروات الشعوب واهانتها. واكد انه “اذا كانت الولايات المتحدة تريد المواجهة مع الشعب الايراني فستندم على ردنا”. وحذر الرئيس الايراني “القوى الاستكبارية في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من مواجهة ايران”، و قال “ان نهاية اسرائيل امر حتمي”.
Leave a Reply