مسلسل الضغوط متواصل: عقوبات غربية-عربية-تركية على دمشق
عواصم – تواصلت فصول الضغوط الشرسة على سوريا، خلال الأسبوع الماضي، مستندة على حزمة عقوبات أوروبية ومباشرة بعض الدول الخليجية بتطبيق عقوبات “جامعة الدول العربية” ضد دمشق. وفي المقابل تواصل القيادة السورية عملية الصمود ملوحة بالانتقال الى الهجوم في المرحلة المقبلة.
وردت سوريا، على العقوبات الأوروبية والتركية، بتعليق انضمامها إلى الاتحاد من اجل المتوسط الذي أنشئ بمبادرة من فرنسا، وتعليق العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، وتحذيرها أنقرة من “انها تدرس اتخاذ إجراءات أخرى”. وفي خطوة تأتي في توقيت لافت، اعلنت موسكو انها سلمت سوريا منظومة متحركة متطورة للدفاع عن السواحل تتضمن صواريخ “ياخونت” المضادة للسفن، بعد انتقادها اقتراب السفن الأميركية من السواحل السورية مشددة على أن هذه الإجراءات تعقد عملية إيجاد حل للازمة.
وجاء الموقف الروسي بعد ساعات من فرض أوروبا وواشنطن عقوبات جديدة على سوريا، التي اعتبرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أنها “دخلت في حرب أهلية”، قبل أن تعود وتصحح أنها على “شفير الحرب الأهلية”. ومن المقرر أن يبحث أعضاء اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا في الدوحة (مع صدور هذا العدد) التوصيات التي قدمتها لجنة الفتها الجامعة بوضع 17 شخصية سورية على قائمة حظر السفر وتجميد الأرصدة. وأوصت اللجنة بوقف الرحلات الجوية من وإلى سوريا بدءا من منتصف كانون الأول (ديسمبر).
عقوبات أوروبية وأميركية
وفي بروكسل، تبنى الاتحاد الأوروبي تشديد العقوبات على النظام السوري، وأضاف 11 كيانا اقتصاديا و12 شخصية سيخضعون لحظر السفر وتجميد الأصول المالية. وشملت العقوبات قطاعات الطاقة والمال والبنوك والاتصالات. وحظر الاتحاد الأوروبي التجارة بالسندات الحكومية السورية، وتعاملات شركاء التأمين وإعادة التأمين الأوروبية مع الجانب السوري.
وفرضت واشنطن عقوبات اقتصادية على اوس اصلان، قائد احد ألوية الحرس الجمهوري السوري، ومحمد مخلوف خال الرئيس السوري بشار الأسد ووالد رامي مخلوف، وعدد من المؤسسات الحكومية.
كما ضمت قائمة العقوبات الجديدة مؤسسة الإسكان العسكرية، والمصرف العقاري السوري المملوك للحكومة، الذي يعد ثاني اكبر البنوك في سوريا. وقالت وزارة الخزانة الاميركية ان مؤسسة الاسكان العسكرية “تزود النظام بالتمويل” كما ان المصرف العقاري السوري “مسؤول عن إدارة اقتراضات الحكومة السورية”.
دعوة إسلامية
ومن جهة أخرى، نقلت “وكالة أنباء الشرق الأوسط” عن مصادر صحافية في جدة قولها ان سوريا سجلت اعتراضها على البيان الختامي للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي “خاصة ما يتعلق بإدانة أعمال القتل والمذابح التي يرتكبها النظام السوري ضد المدنيين العزل وكذلك حث دمشق على وقف العنف وعلى توقيع برتوكول المراقبين”. وقالت المصادر إن “جلسات الاجتماع المغلقة التي استمرت لساعات طويلة شهدت في بعض جوانبها نقاشات حادة، خاصة بين وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو ونظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني من جهة، ووزير الخارجية السوري وليد المعلم من جهة أخرى، بسبب عدم تجاوب دمشق مع مبادرة الجامعة العربية”.
وقال حمد للمعلم “لست ضدكم وسيشهد التاريخ بذلك”. وكرر داود أوغلو “إن سوريا لم تتجاوب مع خطة العمل العربية باعتبارها الفرصة الأخيرة، بل أهدرتها”، معتبراً أن “الحل الوحيد هو زيادة الضغط الدولي والإقليمي على النظام الذي فقد شرعيته بقتل المدنيين”. وتابعت “تحول النقاش إلى مشادة، حيث اتهم المعلم تركيا باحتضان المعارضة السورية، لكن داود أوغلو رد عليه بالقول إن هؤلاء قدموا إلى بلاده هربا من قمع نظام الأسد”.
وشددت الحكومة السعودية على “أهمية التنسيق والتجانس بين الجهد الإسلامي وما تقوم به جامعة الدولة العربية لتتضافر بذلك جهود العمل العربي والإسلامي المشترك لحل الأزمة في سوريا وتداعياتها”.
دمشق.. والانتقال الى الهجوم
وفي مطلع الأسبوع الماضي، رأى وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمر صحفي عقد في دمشق، ان العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على البنك المركزي السوري هي “اعلان حرب اقتصادية” مؤكداً ان 95 بالمئة من الارصدة السورية تم سحبها قبل تجميدها، معتبراً ان الجامعة العربية أغلقت بقراراتها جميع النوافذ مع سوريا وإن بعض أعضاء الجامعة يدفعون الأمور باتجاه التدويل. واذا أكد ان العقوبات طريق ذو اتجاهين، شدد على ان “سوريا لا تعُامل بمبدأً العصا والجزرة”، مجدداً استبعاده لأي عمل عسكري ضد سوريا.
وعن سياسة “الدبلوماسية الهادئة” التي تتبعها سوريا، قال المعلم “انا قلت لا اريد ان أهدد أحد لانني وزير خارجية مهذب واذا كان الاخرون دون تربية فهذا شأنهم، يريدون تأديب سوريا”، متسائلا “هل هذا هو العمل العربي المشترك؟”.
وأشار المعلم الى انه “واعتبار من اليوم انتهت “السياسة الهادئة، واجبرنا على انهائها، والموقف المستقبلي هو الصمود مع شعبنا”، متسائلا “لماذا يقولون ان ايام النظام معدودة اذا كانت الحكومة قادرة على اخراج الملايين في تظاهرات؟”، معتبرا أنهم “يجهلون ان شعبنا يمتلك حساً وطنياً عالياً نُحسد عليه”.
وبعد عرضه لفيلم وثائقي عن الجرائم التي ارتكبتها المجموعات الارهابية المسلحة في الأراضي السورية، أبدى المعلم اعتذاره عن “المشاهد المروعة”، مهدياً اياها إلى أعضاء اللجنة الوزارية العربية، والذين ما زالوا ينكرون هذه المجموعات المسلحة على رغم اعتراف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بوجودهم، وانهم مسلحون تسليحا جيدا وممولون بشكل جيد.
وعن رؤيته لكيفية حل الازمة في سورية أكد المعلم ان “الازمة ستحل عن طريق السير قدما بالاصلاحات التي اعلن عنها الرئيس بشار الأسد والتي اصبحت مراسيم، لافتاً الى ان لجنة اعداد دستور جديد للبلاد ستنتهي قريباً من انجاز دستور عصري يضاهي معظم دساتير العالم، الى جانب الحوار الوطني، مؤكداً في هذا السياق على “الجدية بهذا الموضوع لاننا نرى فيه حلا وهو ليس بين السلطة والمعارضة، بل هناك ملايين من المواطنين غير المشاركين لا بالسلطة ولا بالمعارضة”، مجدداً دعوته للمعارضة وخصوصاً في الخارج للحوار.
وفي رده على تصريح وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه بأن “أيام النظام السوري معدودة”، رأى المعلم أن الوزير الفرنسي “يعتقد ان ايام النظام السوري معدودة فأقول له عيش وبتشوف.. اذا الله كتب له طول العمر”.
وعن التحريض الاعلامي تجاه سوريا قال المعلم أنه “لا نستطيع ان نقول اننا نواكب قناتي “الجزيرة” و”العربية” بتأثيرهم على الرأي العام، فإنهما تخوضان حرب على دماء السوريين وتواصلان التحريض وقد وصل الأمر الى التحريض الديني المرفوض في مجتمعنا”.
روسيا متمسكة بسوريا
وإضافة الى رفض موسكو الواضح لحظر السلاح عن دمشق وتزويدها بصواريخ متطورة للدفاع الجوي والبحري، نقلت وكالة “ايتار تاس” الروسية عن مصدر في هيئة أركان القوات المسلحة الروسية قوله، إن موسكو سترسل اعتبارا من كانون الأول (ديسمبر) الجاري سفنا حربية إلى سوريا. وقال المصدر إن حاملة الطائرات “الاميرال كوزنتسوف” والسفينة الحربية “الأميرال تشاباننكو” “ستتوجهان على الارجح بعد العاشر من كانون الاول الى المحيط الاطلسي والبحر المتوسط”.
وفي سياق آخر، نقلت قناة “برس تي في” الإيرانية، عن مصادر تركية قولها إن سوريا وجهت صواريخ من طراز “سكود” باتجاه تركيا. وقالت المصادر التركية للقناة إن سوريا نشرت صواريخ “سكود” في القامشلي ودير الزور، قرب الحدود السورية مع تركيا والعراق.
Leave a Reply