عواصم – حملت تطورات الأسبوع الماضي، خروقات إيجابية لصالح النظام السوري على أكثر من جبهة سياسية ودبلوماسية وعسكرية.
من ناحيته، أعلن الرئيس السوري بشار الاسد، انه لا يسعى لأن يكون رئيساً لسوريا مدى الحياة، وقال “حينما اشعر ان الدعم الشعبي قد تضاءل، لن أبقى (في السلطة). حتى اذا طلبوا مني ذلك”، مشيرا الى ان السلطات السورية ستواصل عملية الاصلاح، موضحا انه ستجري انتخابات عامة العام المقبل، لكنه أكد ان الانتخابات الرئاسية لن تجري قبل العام 2014، مبررا بأنه “لا يمكن التسرّع بالانتخابات”. وقال “يستغرق الامر وقتا طويلا، والكثير من النضوج حتى الوصول الى ديموقراطية كاملة”.
ونفى الأسد، في مقابلة مع الصحافية باربرا وولترز على قناة “أي بي سي نيوز” الاميركية، ان يكون قد اصدر اوامر بقتل محتجين. وقال “نحن لا نقتل شعبنا. ليس من حكومة في العالم تقتل شعبها، إلا اذا كانت تحت قيادة شخص مجنون”.
وأقر الأسد بأن بعض أعضاء القوات المسلحة تجاوزوا الحد لكنه قال إنهم عوقبوا على أفعالهم. وقال “كل تصرف وحشي كان تصرفاً فردياً وليس مؤسسياً.. هذا هو ما يجب أن تعرفوه. هناك فرق بين اتباع سياسة قمع وارتكاب بعض المسؤولين أخطاء”.
وعما إذا كان يشعر بالذنب من العنف الذي عصف ببلاده، أوضح الأسد أنه بذل كل ما في وسعه “لإنقاذ الناس”. وقال “لا يمكنني ان أشعر بالذنب عندما أبذل قصارى جهدي. تشعر بالأسف على الأرواح التي فقدت. لكن لا تشعر بالذنب عندما لا تقتل الناس. لذلك الأمر لا يتعلق بالذنب”.
وفي واشنطن، كرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر الموقف الاميركي من أن الأسد فقد الشرعية ويجب عليه التنحي. واعتبر ان تصريحات الأسد تدل على انه “اما انه فقد تماما كل سلطة له داخل سوريا، او انه مجرد أداة، او انه منفصل تماما عن الواقع”. وأضاف “اما ان يكون ذلك انفصالا عن الواقع، او استخفافا، او كما قال، جنونا. لا أعلم”.
الجامعة والبروتوكول
عربياً، تمت حلحلة بعض العقبات على مستوى الضغوط والحصار الاقتصادي على دمشق، حيث تم استئناف الحوار بين سوريا والجامعة العربية اللتين تبادلتا الرسائل الاستيضاحية حول بروتوكول المراقبين، قبيل الاجتماع المقترح للجنة العربية المكلفة بمتابعة الازمة السورية خلال الايام المقبلة، ما يوحي برفض الجامعة ضغوطا خليجية على الامين العام نبيل العربي لإعلان فشل الحوار مع دمشق، ولا سيما انه كرر دعوته السلطات السورية للتوقيع على بروتوكول المراقبين بأسرع ما يمكن إذا أرادت وقف العقوبات العربية بحقها.
ومن بغداد، قال العربي إن “الامر يتعلق بسوريا الآن، والكرة في ملعبها”، مضيفا “ان الامر يعود اليهم، اذا ارادوا وقف العقوبات الاقتصادية فعليهم ان يوقعوا” على بروتوكول المراقبين. واضاف “يمكنهم ان يأتوا ويوقعوا في أي وقت، وربما بعد 24 ساعة من ذلك سيكون المراقبون هناك”، في سوريا. وذكر ان “العنف مستمر وكل يوم يموت اناس، لكن السؤال عما اذا كان ما يجري في سوريا عبارة عن حرب اهلية لا يمكن طرحه هنا”.
ولم يفصح العربي عما إذا كانت الجامعة تضع موعدا نهائيا لتسلم الرد السوري بشكل رسمي، لكنه شدد على انه إذا كان السوريون يسعون إلى رفع العقوبات عنهم فإن عليهم قبول المبادرة “بأسرع وقت ممكن”. وتوقع أن يكون هناك “اجتماع قريب” لمجلس وزراء الخارجية العرب لاتخاذ موقف بشأن الرد السوري. وأشار إلى أن الرد السوري تضمن مقترحا وصفه بأنه غير جوهري، ويدعو إلى أن يكون التوقيع على مبادرة الجامعة في دمشق وليس في مقر الجامعة العربية.
عودة السفراء
وفي مؤتمر صحفي، أمل المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية، جهاد مقدسي، أن تكون عودة سفراء أميركا وفرنسا وألمانيا الى دمشق التي أعلنت الأسبوع الماضي “هدفها تحسين هذه العلاقات واحترام السيادة السورية”. وقال “إذا لم يكن هذا الهدف من العودة، فنأمل أن تكون عطلة عيد الشكر بالنسبة للسفير الأميركي فرصة لإعادة قراءة معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية ليعرف ما له وما عليه”.
الى ذلك، أمل مقدسي أن يكون “لقاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع المعارضة (السورية) هدفه إقناع المعارضة للقدوم إلى طاولة الحوار”. وقال “نحن مؤمنون بالحوار وأن يكون الحل سورياً بحتاً”. وأضاف “نود من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن أن تلتزم بميثاق الأمم المتحدة وعدم اللجوء إلى اجتماعات لزعزعة الأمن، بل اجتماعات هدفها السلم الأهلي”.
من جهة أخرى، كشف مقدسي عن وجود مراسلات بين بلاده وتركيا تتعلق بموضوع انطلاق عدد من المسلحين من الاراضي التركية باتجاه سوريا. وقال “نحن حريصون على أن تكون علاقاتنا جيدة مع دول الجوار وخصوصاً مع تركيا، وإذا أراد الجانب التركي أن يجري مراجعة نقدية لهذه المواقف غير المبررة سنرحب بذلك”. وجاءت اقوال مقدسي تعليقا على تصريح لدبلوماسي تركي قال فيه ان “تركيا لا تسمح لأي مجموعة مسلحة (بشن هجمات) ضد دول أخرى” في اشارة الى سوريا. وكانت وكالة الانباء السورية (سانا) ذكرت ان قوات حرس الحدود السورية منعت محاولة 35 “ارهابيا مسلحا” دخول البلاد عبر الحدود التركية.
وأكدت التقارير الإعلامية، خلال الأسبوع الماضي، أن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ابلغ وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي أن تركيا تواصل العمل واتخاذ الإجراءات الضرورية على حدودها مع سوريا، من أجل إقامة منطقة عازلة في المنطقة الشمالية، لاستقبال اللاجئين المدنيين، في ظل صعوبة العمل على إنجاز ممرات إنسانية إلى المدن السورية المحاصرة.
ونقلت صحيفة “ميللييت” التركية عن سيبل ادموندس، أحد العاملين السابقين في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (أف بي آي)، قوله إن “المعارضين من أعضاء الجيش السوري الحر يتلقون تدريبات سرية في مخيمات مدينة هاتاي الحدودية مع سوريا”.
وأضاف إن “ضباط القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي يقومون بتدريب المعارضين السوريين في قاعدة انجيرليك لإعدادهم لإطاحة نظام بشار الأسد”. وأضاف أن “المعلومات الواردة إليه من مصادر أميركية وتركية تشير إلى أن أعضاء الجيش الحر بزعامة العقيد رياض الأسعد يتدربون في قاعدة انجيرليك منذ شهر أيار (مايو) الماضي، وأن أميركا تدرب المعارضين بالإضافة إلى تقديمها الدعم المالي والسلاح لهم”.
رسائل عسكرية
وفي بروكسل، كرر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس فوغ راسموسن ان الحلف لا يعتزم التدخل في الاحداث الجارية في سوريا. وقال “ليست لدينا نية للتدخل في سوريا، وقد ذكرت ذلك في عدة مناسبات، وأود أن أكرر أن الحلف ليست لديه نية للتدخل في سوريا”.
وجاء موقف لافروف بعد مناورتين عسكريتين سوريتين (صواريخ ومدرعات) أجرتهما دمشق خلال الأسبوع الماضي لتشكلا رسالة للدول الطامحة بالتدخل العسكري. وأبرز ما تضمنته المناورة الصاروخية كان استعراض استخدام صواريخ “سكاراب” ذو الدقة العالية جدا والتي تعتبر رأس حربة في المنظومة الصاورخية الضاربة لسورية.
وجاء توقيت الإعلان عن هذين المشروعين بعد التحشيد الإعلامي الضخم الذي مارسته القوى الغربية بالتعاون مع تركيا، عن إقامة منطقة عازلة في الشمال الغربي من سوريا جاء كرد حاسم على هذه الهجمة وسيأخر أي هجوم عسكري ضد سوريا على الأقل عشرة اشهر.
ومن ناحيته، كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مخاوف روسيا، وتحذيره من استخدام ليبيا كنموذج لتدخلات تجري في المستقبل، قائلا “نرفض بشدة هذا الاقتراح”.
ميدانيات
وفي سياق ميداني، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن “مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت بعملية تخريبية خطاً لنقل النفط الخام في منطقة تل الشور شمال غرب مصفاة حمص”. كما انقطع طريق حمص-دمشق لوقت قصير يوم الخميس الماضي بسبب الاشتباكات في مدينة حمص، التي ارتفعت وتيرتها خلال الأسبوع الماضي بشكل كبير، وتميزت بطابع العنف الأهلي مع استمرار تساقط القتلى بشكل يومي.
وفي سياق مختلف، ذكرت مصادر سورية لصحيفة “السفير” اللبنانية أن عدد المتظاهرين في كل سوريا بلغ الجمعة الماضي 33 ألفا، وذلك بهامش خطأ 2 في المئة، مشيرة إلى أن العدد يتراوح بين 20 و30 ألفا كل يوم جمعة منذ أشهر.
تعهدات غليون
وعلى مستوى المعارضة، قدم برهان غليون رئيس معارضة الخارج السورية كل أوراقه السياسية دفعة واحدة، حيث تعهد في تصريحات صحفية بقطع علاقات سوريا مع قوى المقاومة المتمثلة بـ”حزب الله” وحركة “حماس” و إيران إذا وصل مجلسه إلى الحكم.
ودعا غليون في تصريحات نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى فرض منطقة حظر جوي على سوريا متجاهلا رفض الشعب السوري للتدخل الخارجي في شؤون بلاده الداخلية. ووجه غليون في تصريحاته رسالة طمأنة لإسرائيل بأن مجلسه ضد استعادة الجولان بالقوة.
Leave a Reply