الصلاة
الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك…
قفز إلى ذهنه بيت الشعر الذي نسيه عند حديثه مع صديقة في الصباح. سأبلغه إياه عندما أزوره على العشاء. العشاء.. نسيت العشاء. كم أنا جائع وكم هو لذيذ أكل صديقي. ماذا ألبس على العشاء؟ صديقي عنده ضيوف غرباء، ولا بد لي من الظهور أمامهم بمظهر جيد ولائق..
غداً لابد لي من الذهاب إلى البنك. آآه.. نسيت تسديد رسوم الكهرباء. سأسددها غداً، وأيضا سأحول أقساط السيارة.
هذا الشهر لابد أن أدخر بعض المال. كل شهر أقول ذلك وبدون فائدة. سأجرب الطريقة التي قالها زميلنا اليوم في العمل. زميلنا صالح رجل محظوظ، سيارة فخمة وبيت ملك. حتى زوجته يقولون بأنها ذات جمال أخّاذ. مالنا وله، سنصبر على ما عندنا حتى تتبدل الأحوال.
الاستراحة والأصدقاء انشغلت عنهم. منذ زمن طويل لم أذهب إلى هناك. قريباً سأفاجئهم بزيارة، وسأسهر..
قطع تفكيره الإمام بقوله:
السلام عليكم ورحمة الله.. يميناً. السلام عليكم ورحمة الله .. يساراً.
آآه.. يا قمر
من وسط السماء الصافية يغمرني بنوره. ياااه!. هذه هي المرة الأولى التي أراك فيها بعد شهر كامل.
فتحت مصراعي ذاكرتي. التقطت صورة من صور عدة لا تزال الذاكرة مصرة على إختزالها.
كنت مستلق على ظهري فوق الرمل الخشن، وكنت أنت وقتها تقبع في كبد الفضاء الفسيح. المسافة بيني وبينك مليئة بالآمال والأحلام. أذكر وقتها أني حسدتك، لأنك تطل على الجميع، في حين أنك لا تدفع الضريبة ولا تخسر شيئا.
وقتها كنت أنا مشغولا بالمستقبل. بالأحلام. بالقادم المجهول. بالطموح. و.. كان همي المستقبل، إذا ملكته ارتحت من عناء كثير. وكثير هذه قليلة.
اليوم هأنذا في مكان آخر وأحسب أني ملكت أول خيوط المستقبل، ولكن تراءى لي مستقبل آخر، والآخر إلى آخر. ليس هذا فقط بل أن لدفع الضرائب حكاية أخرى.
هل أنا مرتاح الآن؟ بالطبع.. لا!
حين كنت هناك كنت أفتقد المستقبل. أما الآن فأنا أفتقد الـ”هناك”، ذلك المكان بكل “ما” و”من” فيه.
إذا فهذا اعتراف مني بأنني خاسر هنا وهناك، أما أنت فأنت كما أنت، هنا وهناك. ومن أجل ذلك أنا أحسدك لأنك دائما رابح، لا تدفع الضرائب، ولم تجرب دفعها المر يوما.
فأنت الوحيد الذي يكون دائما، رحالا، غريبا. لك في اليوم عدة أماكن، وفي الشهر عدة أوجه، ومع ذلك الكل يحبك. لماذا؟
Leave a Reply