العنوان مسروق من قصيدة للشاعر الراحل نزار قباني، نشرها في التسعينات من القرن الماضي، ولو عاد الشاعر اليوم فماذا سيكون يا ترى عنوان قصيدته، عندما يجد العرب عربانا شتى وطوائف ومذاهب على مد عينك والنظر، يتيهون في زمن الإحباط واليأس والتزمت الاجتماعي والديني.
لم يكن يتوقع أحد أن يستقيظ أهل الكهف العربي من نومهم العميق، ولكن الله القادر على كل شيء أخرج من المرعى غثاء أحوى عبر الانترنت والفايسبوك وتغريدات التويتر تحمل حلما يافعا شابا، لا يؤمن بالبطولات القديمة الفارغة ورافضا الشباب الأبدي للهياكل العظمية الراقدة على عروشها ببلادة ونرجسية.
المؤسف أن أحلام هؤلاء الشباب وأجسامهم الطرية يستغلها أحفاد أبو جهل وأبو سفيان لإرجاع العرب لأتون الجاهلية والعصبية والسلفية المقيتة مضافا اليها الإكراه والترهيب.
عن جد، إنه العبث بعينه. معقول يعني؟ يتخلص العرب من زعامات عاد وثمود، ليحل عليهم وباء أبو جهل؟
هذا القدر الأحمق الخطى الحامل معه حفدة أبو لهب وامرأته حمالة الحطب لتشويه كل ما هو راق وجميل ورائع في الحياة.
لم يكن الشرق العربي مهد الأنبياء فقط بل كان أيضا موطن الأديان والمعتقدات من يهود ومسيحيين وعبدة الأوثان وسواهم ووجدوا فيه مكانا للعيش مع المسلمين في انسجام متبادل. العديد من الكتب التاريخية والأدبية تشير الى ذلك.
يبدو أن السلفيين ذوي اللحى الطويلة والدشاديش الميني جوب، لم يرق لهم هذا التوازن، فتاهوا في الجهل والحمق والتزمت فاتبعوا منهجا خاليا من العقل والحكمة فأوقعوا الإسلام والمسلمين في محنة شديدة دفعت سابقا شريحة متعلمة وغنية ومؤثرة من اليهود الشرقيين للرحيل الى اسرائيل ليتحولوا هناك إلى أكثر الاسرائيليين تطرفا واضطهادا للعرب.
وهذا ما يسعى له الآن متعصبو السلف الطالح، الذي يحرم ويحلل حسب مزاجهم المتعوكر دوماً، وارتكاب الحماقة نفسها بحق اخواننا وجيراننا المسيحيين. وكما في حالة اليهود، المسيحيون أكثر من المسلمين علما ومعرفة واتقانا للغات الأجنبية، فأخذت فئة متشددة منهم تستعمل تفوقها للنيل من المسلمين والدين الإسلامي، عبر شبكات وقنوات إعلامية، تبث وتعلن شتى العيوب والنواقص التي نبشوا عنها في التاريخ العربي والإسلامي وأعادوا صياغتها ونشرها بطرقهم المغرضة.
وبالطبع، هذا ما سر وشرح صدر بني صهيون، وجميع الشتيتين، المسيحي والصهيوني، ميدان الطعن والاساءة في العرب والإسلام بعدما فتح الغرب الباب على مصراعيه، ليس بحجة الاضطهاد، بل الاستفادة منهم كعقول منفتحة وخبرات مجانية، ومواطنة لديها الحافز الجاهز للانتقام ممن سعى بهجرتها وللترويج بأن العربي هو إرهابي أينما وجد والدين الإسلامي لا إنسانية فيه.
العرب لا يتعلمون من دروس الماضي، بل يكررون الخطأ نفسه. ما الأمل من أمة تقتل أئمة الحق والعدل وتبارك أمراء الجهل والظلم فيها؟ ما لرجاء من مثقفين ينشرون ويبثون على صفحات جرائدهم ومجلاتهم بكل صلف وتكبر مبشرين بقدوم بني أمية للقضاء على الفئات الأخرى في الدين؟
متى سيعلنون وفاة العرب إذ لعل وعسى يتحقق حلم جيراننا الآخرين النرجسيين ويدركون حقيقتهم المتضخمة ويرون وجوههم على حقيقتها، وبالتأكيد سوف يجدون قبحاً عظيماً..
Leave a Reply