وصلنا من السيد حسن القزويني رداً على مقالة “لا للقنابل المذهبية” (افتتاحية العدد ١٣٤٨)، وننشره كما ورد إلينا
لا للقنابل الإعلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الأستاذ أسامة سبلاني رئيس تحرير جريدة “صدى الوطن”
تحية أخوية طيبة وبعد:
لقد نشرت جريدتكم الموقرة في عددها الصادر بتاريخ 10 كانون الاول 2011 افتتاحية بعنوان “لا للقنابل المذهبية” تضمنت الكثير من الاجحاف والتجني بحق مرشد المركز الاسلامي، سماحة السيد حسن القزويني على خلفية ما ورد في خطابه الذي القاه ليلة السابع من المحرم، حيث تم نقل ما ورد في خطابه بطريقة مبتسرة ومشوهة!
ان الموضوع الذي تحدث عنه السيد القزويني لم يكن موجها بحال ضد الطائفة الاسلامية السنية- التي يكنّ لها السيد القزويني التقدير والاحترام كما وتربطه بها علاقات ودّية اخوية – بل كان محصورا بمعالجته لظاهرة اجتماعية وذلك حينما يؤدي الصراع بين الزوجين -اللذين ينتمي كل منهما الى مذهب اسلامي مختلف – الى اصرار كل طرف على فرض هويته المذهبية على الطفل مما قد يؤدي الى ازدواجية الهوية المذهبية لديه، وهو امر لم يفتِ السيد القزويني بتحريمه واكد على جوازه عند فقهاء الامامية ولكنه لم يحبذه لا غير، لما قد يكون لهذا الصراع من نتائج سلبية تنعكس على اجواء الاسرة. وقد يختلف البعض مع السيد القزويني في رأيه هذا او يتفق معه، لكن الامر لا يعدو عن كونه عرضا لمقاربة فكرية لمعالجة قضية اجتماعية معينة بمعزل عن المشاحنات الطائفية. وقد قام السيد القزويني في الليلة التالية برفع سوء الفهم الذي حصل لدى البعض من خلال تأكيده على انه لا يعارض الزواج المختلط بين المذاهب الاسلامية اذا كان ثمة تفاهما حول الهوية الدينية للاطفال.
اننا نستغرب إمعان كاتب الافتتاحية في اسباغ الكثير من الدراما على خطاب السيد القزويني وتوجّسه من النتائج “الكارثية” لهذا الخطاب الى حد انه ساوى بين خطاب السيد و بين “العبوات المتفجرة التي يتراشق بها الطائفيون”، بل والى حد وصف السيد القزويني انه تصرف و”كأنه قائد ميليشيا” والى غير ذلك من الاوصاف التي يصدق عليها ذاتها انها “قنابل اعلامية”.
إننا وإذ نعتقد بحرية الرأي ونرفض تكميم الافواه ونرحب بالرأي الاخر حتى لو اختلف معنا او اختلفنا معه، الا اننا نتسائل: هل حقا كان الامر يستحق كل هذا الضجيج والاثارة الاعلامية، خصوصا وان السيد القزويني قام في الليلة التالية بتوضيح المقصود من كلامه بما لا يدع مجالاً للشك؟!
ألم يخش كاتب الافتتاحية وهو يحرص على السلم الاهلي وعلى ضرورة تجنب الحساسيات الطائفية -وهو أمر نوافقه عليه- ان يؤدي نشر هذه الافتتاحية المنفعلة الى اثارة الحساسيات الطائفية وليس الى تهدئتها؟
اما القنبلة التي ورد ذكرها على لسان السيد القزويني، فلم يكن المقصود منها تفجير قنبلة مذهبية كما تبادر الى ذهن كاتب الافتتاحية -وربما آخرين- بل كان يقصد الى انه يتوقع ردود فعل غاضبة على كلامه تركز على اللفظ دون ان تلتفت الى المعنى المقصود، وهو ما حصل بالفعل!
وللإنصاف، فان كاتب الافتتاحية لم يكن الوحيد الذي اعترض على خطاب السيد القزويني، بل جاءت بعض الردود والاعتراضات من آخرين ايضاً، قد يعذرون على اساءتهم لفهم كلام السيد، وهو امر قد لا يعذر عليه كاتب الافتتاحية الذي يعرف السيد القزويني بتسامحه وانفتاحه على المذاهب الاسلامية بل وحتى الاديان السماوية الاخرى من خلال مواقف ومناسبات كان كاتب الافتتاحية شاهدا عليها.
وأخيراً، فأننا نتمنى على صحيفة “صدى الوطن” التي نقدرها ونثمن دورها، ان تبذل المزيد من الجهد لتوخي الدقة في نقل الاخبار وعدم التسرع بنشر أخبار تعوزها الدقة. فقد ذكرت الصحيفة على هامش الافتتاحية ان مجلس امناء المركز الاسلامي عقد سلسلة اجتماعات طارئة للبحث في تطويق اثار خطاب السيد القزويني ، والواقع فان مجلس الامناء في المركز الاسلامي لم يعقد حتى اجتماعا واحدا لهذا الغرض، ناهيك عن “سلسلة اجتماعات”.
كما ذكرت الصحيفة ان السيد القزويني قد اعتذر عن كلامه واثنت على شجاعته ورجوعه عن الخطأ والاعتذار! بينما لم يعتذر السيد القزويني عن شيء -لأنه لم يقل ما يوجب الاعتذار- بل قام بتوضيح المقصود من كلامه في الليلة التالية.
ايضا، ذكرت الصحيفة ان كلمة السيد أثارت “امتعاضا وتنديدا شديدا في اوساط الجالية، لاسيما من رواد المركز”. ونحن لم نرصد هذا الامتعاض والتنديد الشديد من رواد المركز الذين لبّوا نداء السيد القزويني في الليلة التالية بالتبرع بما يقرب من 400 الف دولار لصالح المركز الاسلامي.
نعم، كانت ثمة استفسارات واعتراضات من خارج المركز الاسلامي، اجاب عنها المسؤلون في المركز الاسلامي بكل رحابة. كما ان الدعوة التي وجهت لفضيلة الشيخ مارديني والأب راني عبد المسيح للحديث في المركز الاسلامي، تمت قبل خطاب السيد القزويني المذكور، جاءت لتؤكد النهج الذي التزمه المركز الاسلامي بمرشده وهيئة امنائه بالانفتاح على الآخر، سواء كان مسلماً أم مسيحياً، ولم تأت لتطويق اثار خطاب السيد القزويني.
وختاما نقدم الشكر لصحيفة “صدى الوطن” الموقرة لنشرها هذا الرد التزاما منها بمبدأ المهنية الصحفية وحرية الرأي كما عودتنا على ذلك دائماً.
مكتب سماحة السيد حسن القزويني
13 كانون الاول 2011
تعقيب على رد السيد القزويني
إننا إذ نقوم بنشر رد السيد حسن القزويني على افتتاحية صحيفة “صدى الوطن” في العدد الماضي، عملا بالتقاليد المهنية، فإننا نود التأكيد على النقاط التالية:
لم يكن الغرض من الافتتاحية السابقة الإثارة والتهويم والمشاركة في “الألعاب والمفرقعات النارية” بأية حال، ولا تسخين الجدل والنقاش حول ما جاء في خطاب القزويني في ليلة السابع من شهر محرم، وبالتالي فإننا نرى أنه من غير المناسب أن تتم عنونة الرد بـ”لا للقنابل الإعلامية”. فقد كان القصد الذي لا يحتمل التأويل، على عكس “رأي” القزويني في الزواج المختلط بين الطوائف الإسلامية، هو تطويق هذه الحالة والتحذير من آثارها السلبية على مجتمع جاليتنا.
وتأكيدا على هذه الفكرة، فللقارئ أن يعلم أننا عمدنا في “صدى الوطن” إلى مناقشة هذه المسألة، من كافة جوانبها، قبل التطرق اليها. وتم في النهاية استبعاد نشر الافتتاحية باللغة الإنكليزية والاكتفاء بنشرها باللغة العربية، تضييقا لدوائر النقاش والأخذ والرد، وحرصاً منا على تطويق الموضوع، مع عدم إهماله لحساسيته وخطورته الشديدة، ورفضنا القاطع في أن يمر مرور الكرام. ولو كان هدفنا تفجير “القنابل الإعلامية” كما زعم القزويني، لكنا قمنا بنشرها باللغة الإنكليزية، حيث من المتوقع أن يلتقطها الكثيرون، سواء من المتربصين أو من حسني النية، ويستخدمونها في توتير الأجواء في أوساط الجالية.
نستغرب أيضا من كاتب الرد إبداء تخوفه من أن “يؤدي نشر الافتتاحية المنفعلة إلى إثارة الحساسيات الطائفية وليس إلى تهدئتها؟”. ونتساءل: كيف يكون هذا؟ ونقول: إن الطبيب حين يتحدث عن مرض ما فإنه لا يساهم بنشر الوباء، وإنما يساعد في معالجته، أو الوقاية منه في أضيق الأحوال.
يتهمنا الرد بأننا سقنا أخبارا “تعوزها الدقة”، خاصة فيما يتعلق بعقد مجلس الأمناء في المركز الإسلامي اجتماعات بهدف تطويق آثار خطاب القزويني، ورغم أن المهنية الصحفية تكفل لنا عدم الإفصاح عن مصادرنا، إلا أننا نؤكد أن تلك “الأخبار” جاءت من أعضاء في مجلس الأمناء.
في الجانب الثقافي والتحليلي، نختلف مع القزويني فيما يخص مسألة الزواج المختلط التي يتوجس من آثارها على استقرار مذاهب الأبناء. ومع أن هذه المسألة قابلة للنقاش والأخذ والرد ولكننا لا نرى أن سياقها الصحيح يكون خلال إلقاء خطبة أو موعظة دينية، خاصة في ليالي عاشوراء، لأنه وبكل بساطة تكون الأجواء غير مهيأة لإبداء وجهات نظر أخرى.
وأكثر.. نرى في الزواج المختلط ظاهرة صحية تنتفي فيها المخاوف المسبقة والتصورات النمطية لدى أتباع كل مذهب عن الآخر، فضلا عن أن الزيجات المختلطة قد توفر بيئات لـ”حوار” حقيقي بين أفراد الأسرة الواحدة.. الذين مهما اختلفوا يبقون في آخر الأمر عائلة واحدة. كما يمكن سحب هذه الحالة.. على جميع المجتمعات الإسلامية.. لتعمل على أن تبقى عائلة واحدة رغم جميع الاختلافات، وهي تباينات غير جوهرية بطبيعة الحال، إذ من النافل القول إن ما يجمع بين المذاهب الإسلامية أكبر بكثير جدا مما يفرق بينها.
“صدى الوطن”
Leave a Reply