حوار نيابي بـ”مستوى الأحذية” والأمن مجددا الى الواجهة
شكلّ استهداف موكب للقوات الفرنسية العاملة ضمن قوات “اليونيفل” في جنوب لبنان والصاروخ “التائه” الذي سقط في بلدة “حولا”، و”حوار الاحذية” في مجلس النواب اللبناني بين نواف الموسوي وسامي الجمّيل الأحداث الأبرز محليا هذا الأسبوع، اذا ما استثنينا اطلاق “حزب الله” لحملة محسوبة التوقيت حول ملف التجسس الأميركي بتفنيد معطيات جديدة تتعلق بآليات عمل ضباط الاستخبارات في تجنيد العملاء بهدف جمع معلومات عن المقاومة، ذلك أن هذا الملف لن يُغلق في القريب العاجل بحسب ما توحي المؤشرات والخلفيات التي ادت الى فتحه في هذه المرحلة.
وشهدت قاعة المجلس النيابي مشادة كلامية عنيفة سرعان ما تطورت الى اشتباك بالشتائم في ظاهرة صارت معتادة في المشهد السياسي في الآونة الأخيرة بعد أن أطلقت “مبارزة” فايز شكر في مواجهة مصطفى علوش صفحة جديدة من “الحوار” السياسي لم يعتد عليه اللبنانيون كثيرا في السابق.
وعلى الرغم من اعتذار النائب نواف الموسوي عن الكلمة “النابية” التي صدرت عنه في الجلسة العامة للمجلس النيابي (بعدما توجه للجميّل بالقول إن “صباطي أشرف منك” ردا على استفزاز واتهامات اطلقها الاخير ضد المقاومة على خلفية موضوع عملاء وكالة الاستخبارات الاميركية)، فإن السجال السياسي الذي اعقب الحادثة طغى على مساعي التهدئة، ولم يكفِ البيان الذي وزعته العلاقات الاعلامية في “حزب الله” نقلا عن الموسوي بالإعتذار “التزاما بقيم الحزب وأدبياته”، خاصة وأن كلام الجمّيل الذي سبق رد فعل النائب الموسوي بدا وكأنه اعتراض على كشف المقاومة لموضوع التجسس الاميركي، فضلا عن تصويبه باتجاه شبكة الاتصالات المزعومة في منطقة “ترشيش”. وكان مطلع الأسبوع قد شهد انفجار عبوة ناسفة استهدفت دورية لقوة فرنسية شرق مدينة صور ادى الى سقوط عدد من الجرحى. والى التحقيقات والاستنفار الأمني الذي اعقب الانفجار، كان لافتا الحديث عن “مراجعة استراتيجية لمهمة اليونفيل” وتسريب أنباء صحفية عن ميل لتعديل دورها بما يُحمّل الجيش اللبناني مسؤوليات اضافية ويحدد حركة القوات الدولية بشكل اكبر في نقاط محددة.
ومع ان أي تعديل في مهمة القوات الدولية من شأنه ان يترك تبعات هامة وخطيرة على الساحة الجنوبية خصوصا، فإن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وحده “غردّ” خارج السرب عبر “تويتر” أيضا، فجاءت تعليقاته على الموضوع دون العمق السياسي المتوقع في هكذا ظرف من خلال اعتبار ان الانفجار هو “رسالة سورية من (الرئيس السوري بشار) الأسد عبر أصدقائه في لبنان”.
وبالتزامن أضاف سقوط صاروخ “كاتيوشا” أُطلق من “وادي القيسية” على بلدة حولا مزيدا من التوتر على المشهد الامني، علما انه من الواضح ان الورقة الامنية في لبنان باتت صندوق بريد اقليمي ودولي مع تراجع الدور الأميركي وصمود النظام السوري.
وفي مشهد متصل، كشفت المقاومة عبر تلفزيون المنار معلومات جديدة حول عمل وكالة الاستخبارات المركزية في لبنان، فعرضت في تقارير مختلفة اسماء 10 مسؤولين في الوكالة يعملون في لبنان، من بينهم رئيس محطة بيروت.
وبدا واضحاً ان التوقيت الذي اختاره “حزب الله” لكشف هذه المعلومات يتعلق باللحظة الاقليمية، وان حملته لن تقف عند حدود الإثارة الإعلامية.
في هذه الأثناء، سارع “حزب الله” الى معالجة آثار الخطأ الذي ارتكبه وزراؤه في جلسة الحكومة بالتصويت ضد مشروع وزير العمل شربل نحاس بخصوص تصحيح الاجور والضمان الاجتماعي، فعقد سياسيو الحزب سلسلة لقاءات مع “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل” لإعادة ضبط التنسيق الحكومي. وقد ظهرت آثار هذا التنسيق في نجاح الإضراب العام الذي شهده القطاع التربوي احتجاجا على الزيادة في الاجور التي اعتمدتها الحكومة، مع الاشارة الى ان قوى “١٤ آذار” شاركت أيضا في هذا الاضراب بهدف ممارسة الضغط على الرئيس نجيب ميقاتي وابراز معارضة الشارع لسياساته.
وسط هذا الحراك في الملفات المعيشية والامنية، قرر النائب وليد جنبلاط رسميا الاستدارة مجددا، فأطلق سلسلة مواقف تنتقد النظام السوري وايران وتنصح “حزب الله” بالابتعاد عن دمشق. ولئن كانت هذه الاستدارة متوقعة نظرا للضغوط الفرنسية والقطرية، فإن حساسية اللحظة محليا واقليميا لا تحتمل تقلبات جديدة، وبالتالي لن يجد الزعيم الدرزي هذه المرة آذانا تصغي لتبريراته او تتقبل “ظروفه” ومصالحه الضيقة على حساب محور الممانعة.
Leave a Reply