مؤسسات حقوقية ومدنية تشجب.. والشركة تعتذر ولا تتراجع
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
اكتفت سلسلة متاجر “لووز” بالاعتذار من المسلمين الأميركيين بعد موجة واسعة من انتقاد وشجب مؤسسات حقوقية ومدنية وشخصيات عامة ومنتخبة، وذلك على خلفية قرار الشركة بسحب إعلاناتها من عرض برنامج تلفزيون الواقع “أميركيون مسلمون تماما”، ولكن “لووز” تمسكت بقرارها التعسفي الذي يقضي بسحب الإعلانات من شاشة “تي أل سي” التي تبث البرنامج.
وكانت “لووز” قد قامت بسحب الإعلانات استجابة لضغوط من منظمات مناوئة للإسلام ومجموعات يمينية متطرفة.. الأمر الذي أثار الكثير من الجدل وردود الأفعال المنددة والمستهجنة، وحدا بالشركة لاحقا إلى إصدار بيان على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تشرح فيه الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ ذلك القرار.
وجاء في البيان الذي علق عليه أكثر من 23 ألف زائر للصفحة: “يبدو أن قرارنا أثار الكثير من ردود الأفعال الساخنة التي أغضبت الكثيرين والتي عبرت عن هواجس اجتماعية وسياسية وغيرها”. وأضاف: “نحن بإخلاص نشعر بالأسف وندعم بقوة ونحترم حريات زبائننا وجميع أفراد المجتمع الذين يمتلكون وجهات نظر وأفهام مختلفة وإذا كان قرارنا قد تسبب في طرح أسئلة وشكوك حول التزامنا، فنحن نعتذر”. لكن اعتذار “لووز” لم يتضمن قراراً بإعادة الحملة الإعلانية التي سحبت.
وجدير بالذكر، أن برنامج تلفزيون الواقع “أميركيون مسلمون تماما” يستضيف خمس عائلات مسلمة تعيش في منطقة ديربورن في ولاية ميشيغن، وقد رأى البعض أنه يساعد على كسر الصورة النمطية حول الإسلام والمسلمين، فيما رأى البعض الآخر، أن البرنامج لا يعكس الصورة الحقيقية عن المسلمين في الولايات المتحدة.
“أميركيون مسلمون”.. لا ينسجم مع سياساتنا
وجاء قرار “لووز” بسحب الإعلانات بعد ضغوط من جهات يمينية أميركية متشددة. وكانت “جمعية العائلة في فلوريدا” المتشددة قد اعتبرت أن في حلقات البرنامج الثمانية نوعا من “الدعاية (للإسلام) التي تحمل خطراً واضحاً على الحريات والتقاليد الأميركية” وأضاف بيان الجمعية أن البرنامج استثنى إظهار المسلمين المتطرفين وأجنداتهم المعادية لأميركا بل “أظهرهم على أنهم أناس عاديون”. وحسب البيان “عمدت الجمعية إلى تشجيع زبائن الشركات المعلنة مع العرض بالضغط على تلك الشركات من أجل سحب إعلاناتها” من ذلك البرنامج التلفزيوني الذي لا يظهر حقيقة “الإسلام الراديكالي”، حسب الجمعية.
وقام ممثل شركة “لووز” بإرسال رسالة بريدية للمدير التنفيذي لـ”جمعية العائلة في فلوريدا” ديفيد كاتون جاء فيها “لووز لديها مبادئ صارمة في إدارة إعلاناتها، ففي الوقت الذي سنستمر به في الإعلان مع مختلف شركات الكابل، ومن بينها “تي أل سي” فهناك بعض البرامج مثل “أميركيون مسلمون تماما” التي لا تتلاءم مع سياساتنا الإعلانية لذلك فإن شركتنا أوقفت الإعلان في ذلك العرض”.
وطالب المعارضون للبرنامج بوقف الإعلان فيه لأنه “يتلاعب بالمعلومات التي يملكها الأميركيون عن المسلمين ووعيهم لحقيقتهم المتطرفة”(!).
شجب وإدانات
ومن بين ردود الأفعال المنددة، أطلق مغني الراب راسل سايمون الصوت عاليا في التعبير عن استيائه، وقام نهار الاثنين الماضي برفع “تغريدة” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” يدعم فيها البرنامج.
ومن ناحيته، أرسل عضو الكونغرس الأميركي السناتور عن ولاية كاليفورنيا تيد لوي رسالة إلى المدير العام لشركة “لووز” روبرت نيبلوك يطالبه فيها بالتراجع عن قرار سحب الاعلانات والاعتذار للمسلمين الأميركيين.
وجاء في الرسالة: “إن ما قامت به الشركة هو تصرف جاهل حقا والإسلام هو دين سمح يؤمن به أكثر من مليار ونصف المليار من الناس، بمن فيهم من المسلمين الأميركيين الذين يعمل بعضهم في هذه الشركة”. وأضاف أنه إذا استمرت “لووز” بالسير “بهذا التعصب الأعمى” فإنه سيشجع الزبائن على مقاطعة متاجر الشركة وسوف يبحث عن حلول قانونية وقضائية.
سحب الإعلانات.. تمييز ديني
ودحض النائب لوي مزاعم الشركة معتبرا أن سلوكها بمثابة تمييز ديني يوازي قيام الشركة ذاتها بسحب إعلاناتها من “شبكة التلفزة المسيحية” (التي تمتلك 700 ناديا) بحجة أنها تشكل خطرا لأنها تمتلك أجندة للجماعات المسيحية الراديكالية مثل “آريان نايشن” (الأمة الآرية).
بدوره قال المدير القانوني في “اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز” (أي دي سي) المحامي عبد أيوب إن المجتمع الإسلامي الأميركي لديه قوة شرائية تعادل 200 مليار دولار، وهو في هذا المجال يعتبر الأعلى بين مجتمعات الأقليات، وبالتالي نتساءل عن معنى ما قامت به الشركة التي تمتلك العديد من المتاجر في المناطق التي تعيش فيها مجموعات عربية وإسلامية”.
كما أصدرت “أي دي سي” بيانا صحفيا: “إنه لمن المحزن أن بعض الشركات، من بينها “لووز”، قد رضخت لمثل هذه الحملات الرخيصة التي أطلقتها مجموعات ومنظمات تنقصها المصداقية والشرعية والتي تقوم على أسس الكراهية والعنصرية تجعل من هذا الوقت أسوأ فترة في تاريخ أمتنا”.
وعبر عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن النائب جون كونيورز عن خيبة أمله لما أسماه “سقوط شركة “لووز” فريسة للتعصب والتخوف غير المبرر على القيم الأميركية”. وطالب كونيورز الشركة بالاعتذار للمسلمين الأميركيين معتبرا سلوك الشركة رسالة ظالمة تتبناها مجموعات معادية للمسلمين.
كما رأى “المركز الأميركي الآسيوي” أن شركة “لووز” ساهمت بتعزيز مواقف هذه الجماعات المعادية للإسلام والتي تساهم في خلق أجواء متعصبة حيال الأقليات مما قد يؤدي إلى ارتفاع مناسيب العنف المتصل بجرائم الكراهية.
ومن ناحيته، قال مدير مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية (كير)-فرع ميشيغن داوود وليد لـ”إذاعة ديترويت العامة” ان المجلس “صعق لقرار لووز”، وتساءل “كيف للووز أن تعتمد على المتعصبين اكثر من اعتمادها على اغلبية المعتدلين من الناس”، وقال أن “لووز” عليها تحمل عواقب قرارها. ولوح وليد بأن منظمته ربما تعمد الى إطلاق احتجاجات أمام متاجر “لووز” في منطقة ديترويت، لكن لم يتم الإعلان عنها.
Leave a Reply