دمشق – جاء شعار “التدويل مطلبنا” ليوم الجمعة الماضي ليؤكد أنه لم يعد أمام المعارضين السوريين سوى التمسك بالتدخل الخارجي لإسقاط النظام بعد فشل في تشكيل حركة داخلية واسعة تهز أسس النظام، لا عسكرياً ولا مدنياً.. إضافة الى اقتناعها المسبق بأن المراقبين العرب لن يتمكنوا من وقف “القتل” في سوريا.
فقد خرجت يوم الجمعة الماضي، تظاهرات في مناطق متفرقة من سوريا تطالب بتدويل الأزمة الراهنة في بلادهم، والتي تقترب من شهرها العاشر، بموازاة إطلاق معارضين سوريين لدعوات واضحة تطالب بالتدخل الأجنبي تساندهم بذلك دولة قطر.
وكان رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون قد صرح بأنه يجب على المراقبين العرب اثبات وجودهم أو مغادرة سوريا. ودعا غليون، في مقابلة مع “بي بي سي”، الدول الغربية إلى تأسيس منطقة آمنة على الأراضي السورية وفرض منطقة حظر طيران أيضاً.
أما أمنيا، فقد وقع تفجير إرهابي في منطقة مكتظة بالسكان والمارة بالقرب من مدرسة حسن الحكيم للتعليم الأساسي في حي الميدان بدمشق صباح الجمعة الماضي أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها أن إرهابياً انتحارياً أقدم على تفجير نفسه عند إحدى الإشارات المرورية بالقرب من مدرسة حسن الحكيم للتعليم الأساسي في منطقة الميدان المكتظة بالسكان ما أدى إلى وقوع أحد ١١ شهيداً وعشرات الجرحى.
وكان 44 شخصاً على الأقل قتلوا الشهر الماضي في تفجيرين قالت السلطات السورية إنهما انتحاريان واستهدفا مبنيين أمنيين في العاصمة السورية.
من جهته، نفى العقيد رياض الأسعد قائد ما يسمى “الجيش السوري الحر” لقناة “الجزيرة” أي علاقة لقواته بالتفجير الذي وقع في دمشق مشيرا إلى أن قواته لا تملك القدرات التي تخولها تنفيذ هذه العملية، واتهم النظام بتدبير التفجير مستغلا تهديداته بهجمات تطال مصالح حيوية في سوريا.
عربياً، بدا ان هناك محاولة قطرية لإضفاء لمسات “تدويل” لمهمة المراقبين العرب في سوريا، ظهرت في تصريحات رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، حول وجود “اخطاء” في اداء المراقبين، وطلب المساعدة من الامم المتحدة التي اكدت من جهتها وجود مثل هذا النقاش واضعة اياه في اطار تقني محدود، وذلك قبل ثلاثة ايام من اجتماع اللجنة الوزارية العربية حول سوريا الاحد المقبل، والتي من المرجح ان ينضم اليه وزراء عرب من خارجها.
وجاء التحرك القطري على الرغم من التصريحات الإيجابية لمسؤولي الجامعة العربية حول مهمة المراقبين المنتشرين على الأرض السورية، واستباقاً للتقييم الأولي الذي يفترض ان يقدمه رئيس بعثة المراقبين الفريق محمد احمد مصطفى الدابي حول المهمة خلال الاجتماع الاحد المقبل.
واعتبر وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، خلال اجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك، أن “المراقبين ارتكبوا أخطاء وان الجامعة سترى ما إذا كانت البعثة ستستمر أم لا”، فاتحاً الطريق أمام تدويل القضية عبر إعلانه أنه “يريد مساعدة من الأمم المتحدة للجامعة العربية في إطار بعثة المراقبين”، فيما أعلن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، بعد اجتماع مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، أن “مجلس الأمن الدولي مهتم” بالأزمة السورية، بالرغم من “أمل واشنطن في تجاوب الحكومة السورية مع خطة الحل العربية لإنهاء الأزمة ووقف أعمال العنف”.
وسارعت مصادر حكومية عربية في القاهرة للردّ على الدوحة، مشددة على أن المراقبين سيبقون في سوريا للتحقق من امتثال الحكومة للتعهد بوقف “العنف”. ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الوزارية العربية بشأن سوريا في القاهرة الأحد القادم للاستماع الى الدابي وبحث النتائج الأولية التي توصلت لها بعثة المراقبين.
وقال بعض المسؤولين في الجامعة إن دولاً مثل السودان والأردن ومصر والجزائر قلقة من إنهاء البعثة مبكراً إذ تخشى من أن يؤدي إعلان فشلها إلى تدخل عسكري غربي في سوريا. وقال مسؤول في الجامعة “يخشون من أن يصبح هذا نمطاً، وقد يحدث لاحقاً في دولهم”.
وبدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، في تصريح لراديو “سوا” الأميركي، أن السلطات السورية وفرت كل ما يلزم لتسهيل عمل بعثة المراقبين العرب، مشدداً على أهمية حيادية التقرير الأولي التمهيدي لرئيس البعثة.
وقال مقدسي “إن سوريا تتعرّض لاستهداف ممنهج الهدف منه ضرب استقرار البلاد”، مشيراً إلى أن “هناك وقائع ملموسة توضح ذلك مثل وجود حرب إعلامية ضد سوريا، بالإضافة إلى دخول أسلحة للبلاد من جهات مختلفة”. وأضاف “إن هناك جهات كثيرة لا تريد الاستقرار لسوريا حيث إن السلطات السورية قرأت في مجلة “فورين بوليسي” أن هناك محاولات لأجهزة استخبارات، سواء أميركية أم بريطانية، لتسليح أو تقديم دعم لوجستي لمجموعة من المسلحين لضرب استقرار البلاد”.
وأكد أن “حل المشكلة السياسية لا بد أن يكون من الداخل”، موضحا أن “هذا هو ما تعمل عليه السلطات السورية”، داعياً “المجتمع الدولي، وخاصة الدول العربية، إلى تخفيف التحريض ومساعدة البلاد للخروج من الأزمة”.
البيانوني: مصرون على التدخل الأجنبي
ومن ناحيته، اعتبر المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني أن “التدخل الأجنبي في سوريا مسألة حتمية لحماية المدنيين من النظام”.
وقال البيانوني، في مقابلة مع صحيفة “الخبر” الجزائرية نشرت الخميس الماضي، “نحن نصر على التدخل الأجنبي لحماية المدنيين، لأننا ببساطة نعتبرها مسألة أخلاقية وإنسانية لوضع حد للقمع الذي يمارسه النظام السوري ضد المدنيين العزل والأبرياء”.
وأوضح البيانوني، العضو في “المجلس الوطني السوري” المعارض، أن “فشل المراقبين العرب في إيقاف إراقة الدماء دليل على صحة الطرح الذي نقول به من أجل حماية الشعب السوري”. واعتبر أن “المجلس الوطني لم يدعُ للتدخل الأجنبي لأننا نحب الأجانب أو لأننا نرغب في الفوضى للبلاد. على العكس النظام السوري هو من أجبرنا على اختيار هذا الطرح”.
Leave a Reply