المحافظون يتربصون له في ساوث كارولاينا
مانشستر – عادة تفتخر نيوهامبشير، المحطة الثانية في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية، بأن لها مزاجها الخاص، وتنتخب عكس ما تنتخب ولاية ايوا. فعام 2000، اختارت جون ماكين بعدما فاز جورج بوش في ايوا، وعام 2008 ذهبت إلى هيلاري كلينتون بعدما ربح أوباما في ايوا. لكن فوز المرشح ميت رومنيو الثلاثاء الماضي، أصبح أول مرشح منذ العام 1976 لا يتولى منصب الرئيس (خلال ترشحه) ويفوز في الولايتين على التوالي في الانتخابات التمهيدية.
وسجل رومني بذلك فوزاً هاماً قد يعبد طريقه لمواجهة الرئيس باراك أوباما في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بعد أن تقدم بفارق كبير على النائب عن تكساس رون بول (٢٣ بالمئة)، بعد جمعه 39 بالمئة من الأصوات، وحل في المركز الثالث حاكم ولاية يوتا السابق جون هانتسمان بـ17 بالمئة، مع تعادل بين المرشحين المحافظين نيوت غينغريتش وريك سانتوروم بحوالي 9.4 بالمئة.
وقال رومني في كلمة له امام انصاره بعد الاعلان عن تقدمه “الليلة صنعنا التاريخ”. وكان رومني قد حل عام 2008 في المرتبة الثانية خلال انتخابات الحزب في الولاية بعد المرشح الجمهوري السابق للرئاسة السناتور جون ماكين الذي اعلن عن تأييده لترشح رومني. وكان رومني قد فاز بنسبة ضئيلة في الأسبوع الماضي في ولاية أيوا متفوقا على السناتور السابق عن ولاية بنسلفانيا ريك سانتوروم الذي خيب الآمال في جولة نيوهامبشير.
وحسب المراقبين، فإن قراءة نتائج انتخابات ولاية نيوهامبشير التمهيدية تدل على تراجع فكر المحافظين الجدد داخل الحزب الجمهوري بعد مغامرات الرئيس السابق جورج بوش الخارجية، حيث تصدر السباق في نيوهامبشير ثلاثة مرشحين معتدلين يتسابقون على سحب قوات الاحتلال من أفغانستان.
رومني، خلال خطاب الفوز، تصرف على انه مرشح حزبه وبدأ بالتصويب من فوق منافسيه الجمهوريين نحو الرئيس باراك اوباما، قائلا “نعرف أن مستقبل هذا البلد هو أفضل من 8 إلى 9 بالمئة من البطالة و15 بالمئة من الديون”. واعتبر أن اوباما “يستيقظ كل يوم وينظر إلى أنحاء أميركا ويعلن بكل فخر: يمكن للوضع أن يكون أسوأ”.
ورسم رومني النقاط التي تفرقه عن اوباما في إدارة الاقتصاد وفي السياسة الخارجية، قائلا “هو يعاقب أصدقاء مثل إسرائيل، نحن نقف إلى جانب أصدقائنا. هو يعتذر عن أميركا، أنا لن أعتذر أبدا عن أعظم أمة في تاريخ الأرض”.
لكن أبرز ما يميز فوز رومني في نيوهامبشير هو أن المنافسين خلفه (بول وهانتسمان) لا يمثلان مشروعا جديا للرئاسة. فرون بول يقود شبه ثورة في الحزب الجمهوري للعودة إلى الأفكار الأولية في الدستور الأميركي حول الحرية وابتعاد الحكومة الفدرالية عن إدارة شؤون الناس وعن التوسع حول العالم، وهو صرّح أمام مناصريه بعد إعلان النتائج إن “الثورة الفكرية لاستعادة الحرية في هذا البلد لا تزال مستمرة”، مضيفا “نحن خطر على الأمر الواقع في البلد”.
وسخر بول من قرار غزو أفغانستان عام 2001، قائلا “نحن مفلسون. لحسن الحظ، لم يكن علينا مقاتلة السوفيات. السوفيات جلبوا السقوط لأنفسهم لأسباب اقتصادية. هل تعلمون أنهم كانوا أغبياء جدا واعتقدوا أنهم جريئون لدرجة انه يمكنهم السعي لإمبراطوريتهم العالمية وغزو أفغانستان؟”.
أما هانتسمان فوضع كل أوراقه في نيوهامبشير، وخسر الرهان، وبالتالي ليس هناك أفق لحملته، لا سيما بمواقفه المعتدلة.
ومن المقرر إجراء انتخابات تمهيدية في الولايات الأميركية كافة خلال الأشهر القليلة المقبلة تمهيدا للإعلان عن المرشح النهائي للحزب الجمهوري في مؤتمر الحزب الذي يعقد في شهر آب (أغسطس) المقبل.
وتتجه أنظار المتنافسين إلى انتخابات ساوث كارولاينا المقرر إجراؤها في 21 كانون الثاني (يناير)، حيث يأمل المتنافسون في وقف زخم انتصارات رومني.
المحافظون حائرون
أما على الجهة المحافظة من الحزب الجمهوري، التي تحكمت بسياسات الحزب إبان عهد جورج بوش، لم تنفع كل اللقاءات والاتصالات لإيجاد مرشح إجماع، والخطة البديلة هي إنفاق 3.5 ملايين دولار في معقل المحافظين في ساوث كارولاينا وترك هذه الولاية المحافظة تحسم اتجاه السباق الرئاسي عند الجمهوريين. والحملة الدعائية تستهدف شخص رومني بوصفه رأسماليا تميّزت مسيرته بشراء شركات متعثرة وطرد موظفين منها وتقليص نفقاتها قبل بيعها بسعر أعلى وكسب المال من خلال هذه العملية وبالتالي تصوير أن السياسة ليست من اهتماماته الرئيسية. وعزز رومني هذه الصورة بتصريح قال فيه “أحب طرد الناس” في إشارة إلى طرد موظفين لا يعملون جيدا في خدمات شركات التأمين.
رومني رد على هذه الاتهامات قائلا انه توقع هذه الهجمات عليه من اليسار ومن حملة اوباما، لكنها أتته من اليمين ومن المحافظين. وأضاف إن “بعض الجمهوريين اليائسين وحدوا قواهم” مع أوباما، في إشارة إلى هجمات غينغريتش عليه، مشيرا إلى أن حزبه يرتكب خطأ في هذا الأمر.
ولا يُستبعد استخدام ورقة الانتماء الديني ضد رومني في الأيام المقبلة، باعتبار انه من طائفة “المورمون” بانتظار تدخل القيادات الجمهورية في مرحلة ما لتقول إن رومني هو المرشح وعلى المحافظين تقبل هذا الأمر وعدم إعطاء خدمات مجانية لاوباما.
وستجتمع القيادات المحافظة مجددا في ولاية تكساس كما تعقد حركة “حفل الشاي” اجتماعا نهاية الأسبوع الحالي في ساوث كارولاينا لتقييم مسار السباق الرئاسي بحضور غينغريتش وسانتوروم في محاولة ثانية للالتفاف حول مرشح إجماع محافظ. وهذه الحركة غير متحدة ضمن مشروع أو إطار واحد لكن لا تبدو فكرة ترشيح رومني مقبولة عندها. وفي المقابل بدأت لجنة سياسية مقربة من رومني، “استعادة مستقبلنا”، بالرد وخصصت مبلغ 2.3 مليون دولار من الحملات الدعائية في ساوث كارولاينا و3.6 ملايين دولار لولاية فلوريدا.
ويبدو أن خطة رومني تقتضي مراقبة تصارع المرشحين المحافظين في ولاية ساوث كارولاينا (الجولة الثالثة)، والتفكير بانتخابات فلوريدا (الجولة الرابعة) لأنه المرشح الوحيد الذي لديه المال والآلة الانتخابية والنفس للاستمرار في حملة رئاسية طويلة، لا سيما بعد إعلان حملة رومني بالأمس أنها جمعت 56 مليونا عام 2011، منها 24 مليونا في الربع الأخير من العام.
Leave a Reply