“الفيتو” الروسي بالمرصاد في وجه الهجمة العربية-التركية-الغربية
دمشق، نيويورك القاهرة – لم تجر رياح التقرير الذي أعدته بعثة المراقبين العرب كما كانت تشتهيه سفن الدول العربية.. ما دفع هذه الدول الى الالتفاف عليه والتوجه مباشرة الى مجلس الأمن عبر “خطة لإنهاء الأزمة” على الطريقة اليمنية، في مسعى جديد من قبل التحالف العربي-التركي-الغربي لتدويل الأزمة، وذلك في ظل موقف روسي صلب متمسك برفض أي تدخل أجنبي في الأزمة السورية، تدعمه بكين. في حين بدأت دمشق عمليات عسكرية واسعة ضد الجماعات المسلحة.
وأمام هذا الواقع، تتجه الأوضاع إلى مواجهة في مجلس الأمن الدولي حول الأزمة السورية الأسبوع المقبل بين موسكو من جهة، ودول عربية تدعمها واشنطن وأوروبا، من جهة ثانية، مع تمسك كل طرف بمشروع القرار الذي سيقدمه إلى مجلس الأمن الذي سيستمع الثلاثاء المقبل إلى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس حكومة وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني اللذين سيطلبان دعم المجلس لتدويل الملف السوري.
وكان دبلوماسيون في نيويورك قالوا إن الأوروبيين ودولا عربية يريدون التصويت في مجلس الأمن مطلع الأسبوع المقبل على مشروع قرار جديد أعدته دول أوروبية وعربية على أساس خطة الجامعة العربية حول الأزمة السورية. ويمكن أن يؤدي طلب فرض عقوبات إلى تعطيل مشروع القرار من قبل روسيا. واستخدمت موسكو وبكين حق النقض (الفيتو) في تشرين الأول الماضي لإسقاط مشروع قرار غربي ضد سوريا. ومن جانبها، طرحت موسكو مشروع قرارها في كانون الأول (ديسمبر)، لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إنه لا يمكنهم قبول النص الروسي الذي يلقي باللوم على الحكومة والمعارضة في العنف. ووزعت روسيا نسخة جديدة في وقت سابق هذا الشهر لكنها كانت عبارة عن مزيج من النصوص المقترحة المتنافسة قال دبلوماسيون غربيون إنها جعلت من غير الواضح ما إذا كانت موسكو ستؤيد لغة أكثر تشددا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف “نحن على علم بأن الفرنسيين اعدوا في نيويورك مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن القضية السورية. ولا تزال لدينا خطوط حمراء، لا نستطيع تجاوزها خلال مناقشة أي مشروع قرار بصدد سوريا. وهي تتمثل في رفض الصيغ التي تتعلق بفرض عقوبات، وكذلك دعوة البلدان إلى تطبيق قيود انفرادية ضد هذا البلد”. وأضاف “إننا لا نستطيع علاوة على ذلك، تأييد مقترح أو مشروع قرار يتضمن على أساس رجعي، عقوبات فرضت ضد سوريا بشكل انفرادي ومن دون التشاور معنا ومع أعضاء مجلس الأمن الدولي الآخرين”.
وكان وزراء الخارجية العرب دعوا الأحد الماضي الحكومة السورية والمعارضة إلى “بدء حوار سياسي جاد في اجل لا يتجاوز أسبوعين” من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين، وطالبوا الرئيس السوري بشار الأسد بتفويض صلاحيات كاملة لنائبه للتعاون مع هذه الحكومة. وقرروا إبلاغ مجلس الأمن بمبادرتهم الجديدة ومطالبته بـ”دعمها”. وأعلنت الحكومة السورية رفضها هذه المبادرة، معتبرة أن “القرار يأتي في إطار الخطة التآمرية الموجهة ضد سوريا من قبل أدوات تنفذ هذه المخططات”.
وتوالت خلال الأسابيع الماضي زيارات الوفود الغربية والأميركية الى موسكو بهدف إقناع الروس بعدم استخدام “الفيتو” أمام مشروع يدين سوريا، لكن موسكو أكدت أنها لن تتخلى عن الخطوط الحمر التي رسمتها في خصوص التدخل بالأزمة الروسية، إذ ترفض موسكو التدخل العسكري وفرض العقوبات على دمشق بشكل قاطع.
من جهة أخرى، استأنف المراقبون العرب عملهم في سوريا بعد أن وافقت دمشق على تمديد مهمتهم لشهر إضافي، لكن المراقبين العرب، الذين انسحب من بينهم التابعون لدول مجلس التعاون الخليجي، يخشون أن يصبحوا أهدافاً للمجموعات المسلحة. وقال مراقب جزائري من الفريق، قبيل عدولهم عن زيارة بلدة عربين، إنه قلق لأن بعض جماعات المعارضة كانت قد ذكرت أنها لن تتعاون مع البعثة. وأضاف لوكالة “رويترز”، “لا نعلم ماذا ينتظرنا”. وقال مراقب آخر لـ”رويترز” إنه يشعر بالحيرة بشأن الهدف من مد المهمة أربعة أسابيع أخرى.
وأضاف “كتب التقرير واتخذت (الجامعة العربية) قرارات. شهر آخر لنفعل ماذا؟ لا ندري”.
وقال رئيس فريق المراقبين الى سوريا الفريق احمد الدابي، في مؤتمر صحافي عقد في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، “عندما وصلت البعثة كان هناك عنف واضح وظاهر، ولكن بعد وصول البعثة بدأت تخف حدة العنف تدريجيا… العنف الذي يتم بين المعارضة المسلحة والحكومة. وهذا دليل على نجاح عملنا”، مشيرا إلى أن المراقبين رصدوا 136 قتيلا منذ بدء مهمتهم في 26 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وأن العدد يشمل أنصار المعارضة والحكومة.
وقال الدابي أن المعدات العسكرية الثقيلة سحبت من كل المدن. وأشار إلى انه في ما يتعلق بالإفراج عن المحتجزين فإن “التقارير كانت من مصادر معارضة وتقول إن 12 ألفا تقريبا احتجزوا لكن البعثة عندما راجعت هذا الرقم وجدت أن تلك التقارير تفتقر الى المعلومات الملموسة ولا يمكن التحقق منها”.
وأشار الى ان المراقبين وجدوا أدلة في بعض المناطق على إطلاق رصاص فوق رؤوس الناس، وفي اخرى دلائل على اشتباكات مباشرة. وأعلن انه في بعض المناطق أطلقت جماعات المعارضة المسلحة الرصاص على القوات الامنية “التي اضطرت للرد على مصادر إطلاق النار”. وتحدث عن تفجيرات استهدفت مدنيين وعسكريين خارج دمشق، موضحا ان هذه الاحداث الغريبة استهدفت باصات للمدنيين والعسكريين وأنابيب النفط ومحطات الطاقة الكهربائية.
متفرقات من سوريا
– سوريا تعتقل 49 من الاستخبارات التركية
ذكرت صحيفة “إيدنلك” التركية، أن أجهزة الأمن السوري ألقت القبض على 49 رجل استخبارات من تركيا، في سوريا خلال شهر كانون الاول (ديسمبر) الماضي. ونقلت الصحيفة عن أحد المقربين للرئيس السوري بشار الأسد قوله “إن قنوات الاتصالات مع جهاز الاستخبارات التركية مفتوحة وعلاقاتنا مع قياديي الجيش التركي جيدة خاصة مع الجنرالات الذين قدموا استقالاتهم العام الماضي”. .
– مقتل الصحافي جاكييه بقصف عشوائي “للجيش السوري الحر”
أكدت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية مساء الجمعة الماضي، ان مقتل الصحافي الفرنسي جيل جاكييه في 11 كانون الثاني (يناير) في حمص وسط سوريا ناجم عن خطأ ارتكبه “الجيش السوري الحر”. وقال مسؤول في المعارضة السورية في فرنسا لم تكشف الصحيفة عن هويته “انه خطأ كبير من جانب المعارضين”. كما نقلت “لوفيغارو” عن مسؤول في الجامعة العربية طلب ايضا عدم الكشف عن اسمه “بتنا نعلم ان هناك خطأ ارتكبه الجيش السوري الحر”. وحسب المعلومات فإن “الجيش السوري الحر” كان يريد قصف تظاهرة مؤيدة للنظام في حمص حين أصابت قنابله الصحفي الفرنسي الذي قتل على الفور الى جانب ثمانية مدنيين، كما جُرح صحافي بلجيكي.
– روسيا تواصل تسليح سوريا: ٣٦ طائرة جديدة
 نقلت صحيفة “كومرسانت” الروسية، عن مصدر مقرب من الوكالة العامة الروسية لتصدير الأسلحة “روسوبورون-إكسبورت”، قوله إن سوريا ستشتري من روسيا 36 طائرة تدريب عسكرية من طراز “ياك -130”. وقال المصدر للصحيفة إن “موسكو ودمشق وقعتا عقدا جديدا حول تسليم 36 طائرة.. وستبدأ عملية التصنيع فور تسديد سوريا دفعة أولى. وأوضح أن قيمة العقد تصل إلى حوالي 550 مليون دولار. ورفضت المجموعة الروسية الإدلاء بأي تعليق حول الصفقة. ويمكن استخدام طائرة “ياك 130″، بالإضافة إلى عملية تدريب الطيارين، في شن هجمات على أهداف أرضية. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن الأسبوع الماضي ان روسيا لا تبيع سوريا “إلا ما هو غير محظور ضمن القانون الدولي” وذلك بعدما طلبت الولايات المتحدة عدة مرات من الدول التي تواصل بيع أسلحة لسوريا وقف أنشطتها.