واشنطن – أبطلت المحكمة الأميركية العليا، صباح الاثنين الماضي، أحكاما قضائية سابقة تجيز للسلطات الأمنية زرع أجهزة تتبع (جي بي أس) في سيارات المشتبهين دون إذن قضائي، بعد سابقتين في العاصمة واشنطن وميسوري. وتم التصويت بالإجماع لصالح القرار الذي يجبر السلطات الأمنية على طلب إذونات قضائية قبل نصب أجهزة التتبع بدون علم أصحابها.
وتعود جذور هذه القضية الى العام 2005 حيث “اعتقدت” شرطة واشنطن العاصمة أن لها الحق بمراقبة سيارة يشتبه أن صاحبها يقوم بتوزيع الكوكايين، وراقبت الشرطة لمدة شهر تحركات السيارة بعد زرعها لجهاز ترقب دون إذن قضائي وقبضت على صاحبها وحاكمته بتهمة توزيع المخدرات، ولكن تم إبطال إدانته عن طريق استئناف فدرالي لاحقا، بدعوى عدم شرعية الطريقة التي اتبعتها الشرطة لجهة عدم حيازتها على إذن قضائي يسمح لها بمراقبة السيارة، وتم بالتالي إلغاء الحكم القضائي على المتهم أنطونيو جونز.
وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد جادلت ضد الاستئناف وأصرت بالتالي على رفع القضية إلى المحكمة العليا لتؤكد شرعية زرع جهاز التعقب، لكن الأخيرة، وهي أعلى محكمة في الولايات المتحدة، قررت أن الإذن القضائي سوف يكون إجبارياً في جميع الحالات في المستقبل.
وكانت عدة محاكم في البلاد تنتظر قرار المحكمة العليا بهذا الشأن بسبب امتلاكها لقضايا مشابهة، ففي بداية هذا الشهر كان القاضي ديفيد نوك الذي حكم في إحدى القضايا المتصلة بـ”مكتب التحقيقات الفدرالي” (أف بي آي) يجادل بأن المكتب لم يكن يحتاج إلى إذن قضائي لوضع جهاز تتبع لمشتبه في مدينة سانت لويس في ولاية ميسوري. وقال نوك: “عندما يكون عند الشرطة شكوك معقولة مثل أن إحدى السيارات تنقل المخدرات، فإن الإذن القضائي ليس مطلوبا، وعندما تكون السيارة متوقفة في مكان عام، فإنه يمكن وضع جهاز تعقب لمدة محددة”. لكن قرار المحكمة العليا سيكون موجباً للقاضي نوك.
وصوّت جميع القضاة في المحكمة العليا على أنه يجب على الشرطة أن تحوز إذنا قضائيا في مثل هذه الحالات. واستند بعض المصوتين على تفسير التعديل الرابع في الدستور الأميركي الذي ينص على حماية الأشخاص والبيوت والوثائق والممتلكات من عمليات التفتيش والتوقيف التي لا أسباب مشروعة لها. وكان بين هؤلاء القضاة المصوتين على هذا الأساس كل من أنتونين سكاليا وجون بروبرت وأنتوني كنيدي وكليرينس توماس وسونيا سوتومايور.
في حين استند القضاة الآخرون، سامويل أليتو وروث غينسبيرغ وستفين بريير وإيلينا كاغان، على قوانين الخصوصية الفردية.
وأصرت السلطات الأمنية في دفاعها إلى أنه في حالة المتهم جونز فإن تعليق جهاز تتبع صغير في سيارته التي تركن في أمكنة عمومية ويتيح تتبعها فقط في الطرقات العامة لا يحتاج إذنا قضائيا.
وعلق القاضي سكالايا على هذا الرأي بالقول: “عندما يتم تعليق جهاز صغير إلى سيارة ضد رغبة صاحبها فهذا السلوك يعني بدون أي شك أنه تعد على ممتلكات الغير.. وهو يندرج في الفقرة القانونية التي تمنع “التفتيش والتوقيف” بدون أسباب مشروعة”.
وقال القاضي بريير: “إذا ربحت القضية، فإنه لا شيء يمنع الشرطة أو الحكومة من مراقبة الأفراد في الولايات المتحدة طوال الأربع وعشرين ساعة في اليوم”.
Leave a Reply