عرض في مهرجان “صندانس” وحاز جائزة الجمهور للأفلام التسجيلية
بارك سيتي – خاص “صدى الوطن”
رغم أنه حاز جائزة الجمهور للأفلام التسجيلية في مهرجان “صندانس” للسينما، إلا أن فيلم المخرج كيربي ديك الجديد، “الحرب الخفية” (ذي انفيزيبل وور) الذي شكل صدمة صاعقة للأميركيين يأمل إلى دفع المسؤولين الرسميين والمشرعين إلى سن وتشريع قوانين تحمي النساء العاملات في الجيش الأميركي، اللواتي تتعرض أعداد كبيرة منهم إلى الاغتصاب والتحرش الجنسي من قبل زملائهن وقادتهن.
ويبني الفيلم مادته التوثيقية عبر مقابلات مع أكثر من سبعين جندية برتب مختلفة، ومن كافة أنحاء البلاد، وتتصدى بشكل أساسي لتصوير معاناة النساء العسكريات، حيث تتنوع حكايات المعتدى عليهن، والتي غالبا ما تتم تحت تهديد السلاح. ولكن تلك القصص، تلتقي في عدة خيوط، منها التأثيرات والضغوط النفسية الهائلة التي تدفع الكثيرات من الضحايا إلى محاولات الانتحار.
ومن بين القصص التي يعرضها الفيلم، تروي الملازم الأول والعسكرية السابقة في العراق أريانا كلاي أحداث اغتصابها من قبل ضابط رفيع الرتبة مع أصدقائه في واشنطن العاصمة، حيث ماتزال تعاني من ضغوط نفسية حادة جراء ذلك الاعتداء، ويتخوف زوجها، العسكري بدوره، أن تقدم زوجته على الانتحار. كما تعاني كوري تشوكا من أضرار في فكها إثر تعرضها لاعتداء من قبل أحد زملائها وهو ما أدى بها إلى ترك العسكرية منذ خمس سنوات، وهي تطالب منذ ذلك الوقت، بوصفها محاربة سابقة، أن تجرى لها عملية جراحية في حنكها، بينما لايزال المعتدي على رأس عمله.
هاتان القصتان هما مجرد مثالين لما تتعرض له النساء في الجيش الأميركي، حيث كانت أرقام وزارة الدفاع الأميركية قد أظهرت في العام 2010 أن من 19 ألف جندي وجندية قد تعرضوا للاغتصاب والتحرشات الجنسية، وأن نسبة 20 بالمئة من النساء العاملات في الجيش والقوات الأميركية و1 بالمئة من الذكور كانوا عرضة لتلك الاعتداءات. وجاء في بطاقة الفيلم، على الموقع الإلكتروني الخاص بهذا العمل، أن نسبة تعرض الجنديات الأميركيات العاملات في القوات الأميركية داخل الولايات المتحدة، والبالغ عديدها 500 ألف جندي، هي أكبر من تعرض الجنديات الأميركيات للقتل أو الأذى جراء إصابتهن بنيران معادية في العراق وأفغانستان.
وكانت هذه الإحصائيات هي التي دفعت المخرج كيربي ديك ليتصدى لما يدعوه بـ”وباء الاغتصاب في الجيش الأميركي” وكيف يؤثر ذلك على الضحايا، ولهذا نرى المخرج يعمد في أحد محاور فيلمه إلى استكشاف طبيعة القوانين العسكرية التي جعلت نسبة قليلة من حوادث الاعتداءات تصل إلى المحاكم، حيث تظهر الإحصائيات الصادرة في العام 2009 أن 8 بالمئة فقط من المعتدى عليهن قد استطعن أن يرفعن قضاياهن إلى المحاكم المختصة، وأن 2 بالمئة من تلك القضايا قد صدرت أحكام بشأنها. وفي هذا السياق، ومن خلال المقابلات مع الضحايا النساء، يبدو مفهوما، أن طبيعة النظام العسكري وغياب المحاكمات العادلة ترهب الضحايا اللواتي تعرضن إلى الاغتصاب، وليس فقط التحرش والعنف الواقع عليهن، لاسيما وأن الكثيرات منهن يتم اغتصابهن تحت تهديد السلاح.
وتجدر الإشارة إلى القوانين العسكرية تجبر العسكرية المغتصبة أن ترفع تقريرا إلى قائدها حتى ولو كان هو نفسه مغتصبها، وله وحده الحق بإجراء التحقيق أو رفع التقرير إلى الجهات المعنية، وبغض النظر عن قوة الأدلة الجنائية والجرمية.
وكان مسؤولون ومنتخبون وممثلون عن الجيش الأميركي، منهم السناتور عن كاليفورنيا والنائب في الكونغرس الأميركي جاكي سبيير وممثل الجيش الأميركي في ولاية أوهايو ونائب حاكم ولاية كاليفورنيا غايفن نيوسم قد خضروا العرض الأول للفيلم في مهرجان “صندانس” في مدينة بارك سيتي في ولاية يوتاه.
Leave a Reply