صوت
ولم أكن غريبا، لكن الغناء رفعني إلى الحقول، فجاءت الريح. ماج القمح ولم يكن من شواطئ إلا ما خبأت الحمامات في هديلها. لا بد من ملح للخبز، قالت المرأة البعيدة في بالها البعيد. وقالت دموعا.. حين مر البحر في مناديل الوداع..
/
جاءت الريح، دقت السنابل كأجراس تحت المياه، أعلى أراجيح الحفيف، أم على الرنين المبلول، نامت القبرات؟
/
ولم أكن غريبا، لكن التباس الكلام أخذني إلى هذيان الجروح العميقة: أمن صهيل أم من صليل.. ارتفع القمر في النشيد؟ هي الخيول نمدحها كي نوقظ الرياح من نومها. هي السيوف نصقلها كي نحمي.. الهبوب.
/
ولم أكن غريبا، لكن الشجر المعصوف سألني عن الغطرسة، فتساقطت أعضائي. أذكر.. متُّ من زمن بعيد. وكان معي حمام، وكان معي يمام، وكان معي.. ما لا لست أذكر. ولم يكن سقف سقف القبر عاليا فوشمت بالي بالطائرات الورقية، ودواليب الهواء..
/
ولم أكن غريبا، لكن رياح النحاس هبت عليّ من الصنوج، فسألتُ: هل مر الهواء يوما على جناحيّ؟ أنا سنونو.. أسيل من الغيب كي تستوي الأرض أكثر. أنا حبر على الحليب، أرسم الريح حين يغيب المهب. والحق أقول لكم: حنونة.. تنام النايات في القصب، وفي الأصابع..
/
ولم أكن غريبا، ولم يكن “آدابا” في السقوط البابلي غريبا، حين لعن الريح. لم أكن غريبا، ولم يعرفني أحد!
صدى
وإذ ترجع إلى المدن القديمة وتسأل بين التماثيل الحجرية: كيف جاءت المرأة بالحناء؟ -سوف تنذهل. لم يكن صدى، بل كانت المرأة الـ .. هناك، تقول: مثلما جاءت بالأساور!
/
وسوف يخيم ليل بين الكلمات والأشجار، كأنك لم تلثغ يوما. وسوف يكون ليلا بهيما، حتى أنك لن تتأتئ، كأنك لم تكن يوما ذئبا أو صنوبرة..
/
وإذ ترجع مرة أخرى إلى المدن القديمة، وتسأل بين التماثيل الحجرية كيف جاءت المرأة بالحناء. لن يكون صدى، ولن تكون امرأة. وسوف تعيدُ السؤال حتى لتتقافز التماثيل الحجرية. تتكركر حيطان البيوت الوطيئة. ولن تقول لك الفرفحينة: احمل حنينا ولا تحمل أجوبة..
/
وسوف تصرخ قاتما وقاسيا: من جاءت المرأة بالأساور؟ ولن يكون صدى. سوف تكون أودية، وسوف تكون امرأة تعبر في البعيد. امرأة.. تحمل.. السلال!
Leave a Reply