الفوضى تضرب أطنابها في مصر:
القاهرة – الفوضى، هي عنوان المرحلة في مصر التي تعيش على وقع تطورات أمنية وتشرذم سياسي وتسيّب في المسؤوليات.
فقد شهدت مصر، مساء الأربعاء الماضي، مجزرة بلغت حجم الكارثة، حيث قتل 74 شخصاً على الأقل، وأصيب أكثر من ألف، بعضهم في حال الخطر، في مواجهات بين مشجعي مباراة لكرة القدم في إستاد مدينة بور سعيد، وذلك في حادث أثار أكثر من علامة استفهام حول ملابساته وتوقيته وتداعياته المحتملة في ظل أجواء التوتر السياسي الذي تشهده البلاد.
وفي اليوم التالي من المجزرة، أصيب المئات في اشتباكات وقعت، مساء الخميس الماضي، بين قوات الأمن المصرية ومحتجين أمام وزارة الداخلية بالقاهرة، وذلك بعد قليل من قرار لمجلس الشعب بتوجيه الاتهام بالتقصير لوزير الداخلية الذي استقال على خلفية مجزرة بورسعيد التي يرى فيها معارضو استمرار قانون الطوارئ أنها منظمة من قبل أجهزة أمنية. كما طالب المتظاهرون بإقالة الحكومة ومحاكمة القادة الأمنيين وفي مقدمتهم وزير الداخلية لتقاعسهم عن توفير الأمن بالبلاد وفق قولهم، وقال عدد كبير منهم لـ”يونايتد برس إنترناشونال” إن هناك انفلاتا أمنيا متعمدا لمعاقبة الشعب على قيامه بالثورة.
مجزرة بور سعيد: البلد دي ما فيهاش رجالة
وبحسب شهود عيان فإن هذه الأحداث وقعت فور إطلاق حكم المباراة صفارة انتهاء المباراة بفوز فريق “المصري البورسعيدي” على فريق “الأهلي” (3-1)، حيث اندفعت جماهير مشجعي “المصري” نحو المدرجات المخصصة لمشجعي “الأهلي” بسبب ما قيل أنها لافتة “استفزازية” رفعت على مدرجاتهم.
وتحدث شهود عيان، عبر موقع “تويتر” عن استخدام المهاجمين مختلف أنواع الأسلحة، من بينها المسدسات والسكاكين والسيوف والعصي. وأظهرت لقطات بثها التلفزيون المصري هجوماً بدا شبه منظم على مدرجات “الأهلي”، في ظل غياب شبه تام للقوات الأمن، التي شوهدت مجموعات منها داخل الملعب من دون أن تتحرك لمنع وقوع المذبحة.
وأشارت قناة “أون تي في” التلفزيونية إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تقام فيها مباراة بين “الأهلي” و”المصري” من دون حضور محافظ بور سعيد ومدير الأمن في المحافظة، الأمر الذي أثار مزيد من الشبهات حول أن هذه المجزرة كانت منظمة.
وقال أحد سكان بور سعيد، في تعليق على موقع “فيسبوك”، إن “عناصر الأمن هي من فتح البوابات، وقالت للجماهير الغاضبة: روحوا خدوا حقكم بإيديكم علشان كتبوا البلد دي ما فيهاش رجالة”، فيما كتب آخر: “أنا من بورسعيد وكنت استقل ميكروباص، وقال أحد الركاب إنه نزل الملعب، ورجل الأمن قال له: روحوا طلعوا عين أبوهم (الأهلي) دول لأنهم بيقولوا إنكم مش رجالة”.
وسبق المذبحة حملة تحريض واسعة النطاق قبل يومين من حدوثها، إذ كتب عدد من مستخدمي صفحة “محبي فريق المصري البورسعيدي”، عبارات ساهمت في توتير الأجواء، ومن بينها “قولوا لمشجعي النادي الأهلي اللي رايحين بور سعيد: ما تنسوش تكتبوا وصيتكم”.
وجاءت هذه المجزرة، بعد يوم من إعلان وزير الداخلية المصري أمام مجلس الشعب، أن مصر ما زالت في حاجة إلى قانون الطوارئ، الذي يطالب شباب الثورة بإلغائه كلياً، ما طرح علامات استفهام إضافية حول ما إذا كان الحادث مدبرا لإشاعة الفوضى وتبرير اتخاذ تدابير أمنية قمعية، خاصة أن الحادث قد جاء في سياق سلسلة من الحوادث الأمنية الخطيرة، ومن بينها عمليات سطو استهدفت مصرفاً وشركتين في أقل من أسبوع، وخطف 25 صينياً من قبل رجال القبائل في سيناء، سرعان ما أطلق سراحهم بوساطة من ضباط في الجيش.
وقال النائب زياد العليمي، وهو من شباب الثورة، في مقابلة تلفزيونية، إن “ما يجري أمر غير طبيعي”، موضحاً إن “من غير الطبيعي أن تأتي حوادث السطو المسلح والانفلات الأمني بعد يوم من ترحّم وزير الداخلية على قانون الطوارئ”،
وفي أول رد فعل من قبل المجلس العسكري على ما حدث، رفض مدير إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة اللواء إسماعيل عثمان إلقاء اللوم على المجلس العسكري أو وزارة الداخلية في مذبحة بور سعيد. وأضاف في مقابلة مع قناة “المحور” أن قوات الجيش لم تكن المسؤولة عن تأمين المباراة.
وفي اتصال هاتفي مع قناة “الأهلي” الفضائية، أكد المشير حسين طنطاوي أن عملية نقل السلطة للمدنيين ستتم برغم هذه الأحداث، مضيفاً “سنجهض أي مخطط لإشاعة الفوضى في مصر”.
Leave a Reply