في الوقت الذي تتفاقم فيه الأمور في سوريا وتنزلق إلى منزلقات خطرة تهدد الوطن السوري ومستقبل أبنائه، نود التأكيد، على أننا في الصحيفة، لانزال نؤمن أن الحوار بين جميع مكونات الشعب السوري، والنظام الحاكم والمعارضة، هو الطريقة الأجدى للخروج من الأزمة الخانقة، وأن الإصلاح السياسي الذي وعدت به الإدراة السياسية وأطلقته وأنجزت منه مراحل مهمة.. هو الطريق الأمثل للخروج من هذا النفق المظلم الذي دخلت به سوريا. وهذا الموقف ينبع من رؤيتنا الاستراتيجية لمستقبل هذا البلد وشعبه وموقعه ودوره في المنطقة وفي مسألة الصراع العربي-الإسرائيلي، فليس المهم هو الإطاحة بنظام الأسد مهما كان الثمن، بل الأهم هو العمل للحفاظ على سوريا والعمل على مستقبل أفضل لشعبها.
نحن ندرك أن ثمة انقساما حادا بين عدة فرقاء فيما يخص الأزمة السورية، داخل سوريا وخارجها، فثمة فريق يؤيد النظام السوري على طول الخط وهناك من يعارضه ويسعى إلى إسقاطه مهما كانت التكاليف، ونستشعر بأن فرزا عميقا ومؤذيا يطال فئات كبيرة من العرب، بمن فيهم العرب الأميركيون، وإننا في الصحيفة وقفنا منذ البداية مع خطة الطريق التي طرحها الرئيس بشار الأسد لمعالجة الأحداث التي انطلقت شرارتها منذ أحد عشر شهرا. ونقول في هذا السياق، إن موقفنا هذا الذي أغضب البعض، هو موقف متسق ومنسجم مع رؤية صحيفتنا التي حملت هموم وتطلعات العرب الأميركيين منذ أكثر من ربع قرن، بوصفها “صحيفة العرب الأميركيين في أميركا الشمالية”.
ونعيد، من قبيل التأكيد لا التكرار، أننا في الصحيفة، لنا موقفنا المعلن الذي ينطلق من رؤية وإيمان واضحين بأن الإصلاح في سوريا لا يجب أن يكون بالفوضى أو على حساب الالتزام بالقضايا القومية، وهذا الموقف يتأتى من إيماننا بعدالة قضايا أمتنا وشعوبها، ولاسيما القضية المركزية: فلسطين، إضافة إلى دعم حق الشعوب العربية في المقاومة. وسوريا وقفت إلى جانب جميع المقاومات العربية ودعمتها في فلسطين ولبنان والعراق. نحن ملتزمون بهذه القضايا وهي معيارنا وأساس خطابنا. نعم.. فلسطين هي البوصلة التي تحدد اتجاه حركتنا ونشاطنا وعملنا الإعلامي والسياسي!
من جهة أخرى، لا تقل أهمية، نود التأكيد، أن موقفنا هذا لا يضعنا في موقع العداوة مع الذين يخالفوننا الرأي. ربما نكون خصوما سياسيين مع البعض ولكننا بالتأكيد لسنا أعداء متناحرين، ولن نكون، فما يجمع العرب الأميركيين في الولايات المتحدة، أكثر بكثير مما يفرقهم. لا وحدة الثقافة واللغة فحسب، بل أيضا وحدة المصير، إذ لا يخفى على أحد حجم التحديات التي تواجهنا في هذه البلاد، والتي تزداد ضراوة يوما بعد يوم.
وفي هذا السياق، نشدد على أن صحيفة “صدى الوطن” ليست منصة عقائدية ولا إيديولوجية ولا حزبية، دون أن يمنع ذلك بالطبع أن يكون لها موقفها السياسي المنفتح على مجمل القضايا العربية، مثل الكثير من الصحف والوسائل الإعلامية، بل هي صحيفة تفتح صفحاتها لجميع من يرغب بالمشاركة، لا أفضلية في ذلك على رأي يوافقنا وينسجم مع موقفنا على أي رأي آخر، حتى ولو كان معارضا لنا، مؤمنين أن الاختلاف في الرأي لا يجب أن يفسد للود قضية، والحكم الفاصل في هذه المسألة.. هو أن تتمتع المشاركات بالشروط الفنية والمهنية، لا أكثر ولا أقل!
إن صحيفتنا، صحيفتكم، ويشهد تاريخها وأرشيفها أنها لم تساوم على القضايا العربية وتعرضت في سبيل ذلك لشتى أنواع التضييق والضغط، ولكننا ندرك أن القضايا المحلية لدى العديد من الشعوب لها حساسياتها الخاصة، ولطالما انقسم أبناء الشعب الواحد حول قضاياهم الوطنية. حدث ذلك مع اللبنانيين والعراقيين واليمنيين، ويحدث هذا مع السوريين الان. ولكن هذا كله لا يجب أن يمنع العرب الأميركيين من أن يكونوا “جسدا واحد إذا اشتكى منه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”.
Leave a Reply