الطالب شبيك: ما فعلناه ضد السفير الإسرائيلي في “جامعة كاليفورنيا” كان أقل مايمكن فعله
ديربورن، ديترويت – خاص “صدى الوطن”
بدعوة من مؤسسات حقوقية ومدنية وطلابية ودينية، زار الطالب أسامة شبيك مدينتي ديربورن وديترويت وتحدث في ندوتين منفصلتين عن ما بات يعرف بقضية “إيرفاين 11” التي أدين فيها عشرة طلاب مسلمين بتهمة مقاطعة كلمة السفير الإسرائيلي مايكل أورين في “جامعة كاليفورنيا – إيرفاين”، في 8 شباط (فبراير) العام 2010.
وتحدث شبيك أمام ناشطين في “المتحف العربي الأميركي” في ديربورن، وأمام طلاب وأكاديميين في “جامعة وين ستايت” عن حثيثيات وضع الخطة التي اعتمدها الطلاب في مقاطعة كلمة السفير أورين، حيث توالى عشرة طلاب مسلمون، منهم ثلاثة فلسطينيون، على التشويش على السفير المحاضر ومقاطعته، وأدى ذلك إلى تدخل الشرطة في كل مرة وإخراج كل طالب من القاعة، وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى إيقاف المحاضرة وانسحاب معظم الحضور.
وقال شبيك: “لقد استلهمنا هذه الفكرة من طلاب جامعة شيكاغو، وخاصة المنظمات المناهضة للحرب مثل مجموعة “كود بينك”، وفي آخر الأمر.. هذه هي أميركا وعندما لا يعجبك شيء تتظاهر ضده”. وأضاف “لم نرد دحض أقاويل السفير عبر توجيه الأسئلة وإحراجه، لأن هذا الأمر يعطيه شرعية، فاخترنا الاعتراض بهذه الطريقة التي أدت إلى النتائج المرجوة منها”.
وكان الطلاب قد توالوا على مقاطعة السفير اعندما كان يلقي محاضرته التي تتمحور حول تبرير عملية “الرصاص المسكوب” التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة عام 2008، ووجهوا له عبارات مثل “من العار أن تدعو الجامعة قاتلا جماعيا مثلك”.
وكان تصرف الطلاب قد أثار ردة فعل عنيفة من قبل أحد الأساتذة التي توعد طلابه بترسبيهم في صفوفهم.
ونوه شبيك إلى أنه توجه للسفير بالقول “مايكل أورين، إنك قيامك بدعاية (بروباغندا) جرائم قتل، لا يندرج في سياق حرية التعبير”.
وتحدث شبيك، ذو الأصول المصرية، عن زيارته لقطاع غزة في أعقاب الحرب التي خلفت أكثر من 1400 قتيل وآلاف الجرحى، أكثرهم من المدنيين والأطفال والنساء. وقال شبيك في هذا الخصوص “لقد كان أمرا فظيعا. لقد رأيت عشرات المباني المهدمة فوق أصحابها، إضافة إلى المدارس والجوامع والمستشفيات، كما التقيت بأشخاص أخبروني عن مقتل عائلات بأكملها، وإحدى تلك العائلات قتل منها ثلاثون شخصا”.
ونقل شبيك للحاضرين طبيعة المأزق الأخلاقي والإنساني الذي يعيشه الزائر لقطاع غزة، خاصة وهو يشاهد المنكوبين الذين لا يكفون عن السؤال: “ماذا فعلنا ليحل بنا كل هذا القتل والدمار؟”.
واستخلص شبيك من زيارته لغزة بأنه ما فعله الطلاب في محاضرة السفير الإسرائيلي كان أقل ما يمكن فعله، أمام شخص جاء ليبرر سياسات إسرائيل الحربية أمام طلبة جامعيين.
وتأتي زيارة شبيك لمدينتي ديربورن وديترويت في سياق جمع التبرعات المالية لسد نفقات القضية المرفوعة في محكمة مقاطعة أورانج ضد الطلاب العشرة الذين أدينوا بتهمة “انتهاك حق الطلاب الآخرين في الاستماع إلى محاضرة”، والمقدرة تكاليفها بأكثر من 60 ألف دولار، حيث طالب الادعاء في المحكمة بتوجيه تهم جرمية وصلت إلى درجة جناية. وسوف يتم توظيف تلك التبرعات من أجل “تقديم استئناف” لنقض أحكام المحكمة.
ويواجه شبيك مع تسعة من زملائه الآخرين تهمة التخطيط والتآمر لبث الفوضى خلال المحاضرة، وهو الأمر الذي استوجب توجيه أحكام قانونية تضمنت احكام توجيه الجنح للطلاب إضافة إلى إلزامهم بالخدمة المجتعمية ووضعهم تحت المراقبة (بروبيشن).
كما تمت إدانة أحد عشر طالبا آخر قاموا بالهتاف ضد دعوة السفير الإسرائيلي (خارج القاعة المخصصة للمحاضرة) ولكن تم إسقاط التهم الموجهة إليهم بعد عقد صفقة لم تتضمن اعترافهم بالذنب، كما تم توقيف “جمعية الطلاب المسلمين” في الجامعة التي ينتمي إليها الطلاب، عن النشاط الطلابي لمدة فصل.
ولفت شبيك إلى تحيز إدارة الجامعة في “معاقبة الطلاب” مشيرا إلى مظاهرات طلابية واسعة نظمت في الجامعة نفسها في العام 2009 ضد الأقساط الجامعية حصل فيها تدافع وفوضى أدت إلى التشويش على بعض الدروس، ولكن لم يتم تجريم أي من الطلاب المشاركين، كما أنها لم تتمخض عن إنزال أية عقوبات جامعية بحق أي واحد من الطلاب المتظاهرين.
وشدد شبيك أن الهدف مما قام به الطلاب هو “تحدي سلطة (السفير) أورين وقول الحقيقة وإرسال رسالة واضحة لتل أبيب”. كما أشار إلى تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” حينها قالت فيه “إن إسرائيل تنظم حملة عالمية لتحسين صورتها في العالم التي تأذت كثيرا جراء الحرب على غزة وأثارت الكثير من الانتقادات والاستنكارات”، وقالت “إن زيارة السفير كانت تندرج في ذلك السياق”.
وأشار شبيك إلى الأحكام التي وجهت إلى الطلاب قد أثار الكثير من الانتقادات الشعبية ووسائل الإعلام مثل صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” و”أورانج كاونتي ريجيستر” التي وصفت “الإدعاء العام بأنه انتقائي”.
وكان نشطاء حقوقيون قد تحدثوا، الأسبوع الماضي، في “المتحف العربي الأميركي” في ديربورن حول حقوق التعبير المضمونة في الولايات المتحدة، ودعوا إلى مساندة “طلاب إيرفاين” في محنتهم التي لا تقتصر فقط على طلاب مسلمين، بل هي تهم جميع الأميركيين بكل أعراقهم وأديانهم، وحثوا على التبرع من أجل مساعدة الطلاب في تحمل نفقات القضية المرفوعة ضدهم.
ووصف أستاذ العلوم السياسية والقانون في جامعة “وين ستايت” براد روث دعوة الجامعة للسفير الإسرائيلي بأنها “حالة متطرفة للغاية.. وهي التي دفعت الطلاب للتظاهر”.
وعبر روث عن قلقه لقرار الادعاء في محكمة مقاطعة أورانج، ووصف قرار الادعاء “بالمبالغ به جدا” وبأنه “غير عادي”. وقال “توجيه أحكام بالجنح لطلاب بتهمة التآمر.. أنا لم أر شيئا كهذا في حياتي من قبل”.
وأشار شبيك إلى أن طبيعة التركيبة الاجتماعية المحافظة في مقاطعة أورانج هي التي دفعت المدعي العام إلى ذلك الموقف المتشنج وذلك من أجل تحقيق “مكاسب سياسية رخيصة”، كما لفت إلى أن الملونين والمسلمين في تلك المقاطعة يتعرضون للتمييز بشكل واضح.
وختم شبيك في ندوة “وين ستايت” بالقول “إن قضيتنا هي مسألة حقوق مدنية بامتياز لعب فيها الدين والإثنية دورا كبيرا”.
تجدر الإشارة إلى أن منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” كانت من ضمن المنظمين للندوتين، وشددت عريفة الندوة في المتحف العربي في ديربورن على ضرورة التوحد بين جميع الأطياف من أجل مواجهة هذه الأحكام الجائرة الواقعة على الطلاب.
ويأمل المنظمون أن يتمكنوا من جمع 60 ألف دولار، هي تكاليف رفع قضية الاستئناف، يضاف إليها 100 ألف دولار، تكلفة أتعاب الدفاع في القضية الأساسية.
لقاء مع شبيك
وعلى هامش الندوتين التقى الزميل نيك ماير بشبيك وكان هذا الحوار:
– في حال ربحتم حكم الاستئناف في القضية المرفوعة ضدكم، كيف سيؤثر ذلك على مستقبل العمل من أجل حرية التعبير؟
– سيساعد كثيرا بكل تأكيد، وسوف نكون بذلك قد استطعنا قلب الأمور بالشكل الذي يترك التأثير الإيجابي على القوانين الناظمة لحلقات الأنشطة الطلابية والأكاديمية في ولاية كاليفورنيا التي ستسمح للتظاهرات المعارضة أن تتبع نفس الطريقة التي اتبعناها.
س: هل ترى أن القضية المرفوعة ضدكم جعلت أيا من الناشطين أكثر حذرا وتحسبا؟
– ليس بالضبط، أعرف طلابا آخرين احتذوا بما قمنا به لتوصيل رسائلهم، ولم يكن هؤلاء من مقاطعة أورانج، ولكنهم كانوا طلابا في جامعة كاليفورنيا. أعتقد أننا أمدينا الناس بالطاقة وقد لعبنا “دورا صغيرا” في هذه الحركة الكبيرة.
– هل من تغيرات حدثت في مقاطعة أورانج التي تعتبر تاريخيا مقاطعة محافظة وغير مرحبة بالأقليات حسب العديد من المراقبين؟
– في الواقع حصلت هناك مسيرة استنكار شارك فيها العديد من المنظمات المسيحية واليهودية وكانت بهدف دعمنا. كما نظمت منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” مسيرة دعم لنا، هذا بالإضافة إلى منظمات ومجموعات غير دينية. على سبيل المثال تظاهر “اتحاد الطلاب السود” في الحرم الجامعي وكان أحد مطالبهم عدم تجريم الطلاب في قضية “إيرفاين 11″، وكذلك فعل الطلاب المكسيكيون والفليبينيون وغيرهم. وهذا شيء جيد لأنه يساعد على اندماج الناس بعضهم ببعض. وعندما تمت إدانتنا دعمتنا افتتاحيات ومقالات في عدة صحف مثل “لوس أنجلوس تايمز” و”أورانج كاونتي ريجستر” وحتى هؤلاء الذين لا يتفقون معنا بالرأي وقفوا إلى جانب حقنا في التعبير عن رأينا قائلين إن الضجة والانشغال بمسألتنا وأخذنا للمحاكمة هو تضييع لأموال دافعي الضرائب التي يجب أن توظف في سبيل آخر، أكثر فائدة.
– إذا دعت الجامعة متحدثا آخر، مشابها لأورين، فهل ستقفون نفس الموقف؟
– نعم، سوف نفعلها ثانية. جميعنا نحن الـ11 طالبا سنفعلها. وإذا كان المدعي العام لمقاطعتنا يأمل أن يؤثر علينا، فهل المرة لن ينجح، وحتى لو كان باستطاعته أن ينجح بتجريمنا سوف نفعلها.
– هل تعتقد أن الناشطين في مجال دعم القضية الفلسطينية هم مستهدفون بشكل خاص وتتم معاملتهم بشكل غير عادل؟ هل ترى أي تغير بهذا الخصوص؟
– لا شك في ذلك. إذا انتقدت أفعال الإسرائيليين، هنا في أميركا، فهذا سيجر عليك غضب الكثيرين. ولكنني أعتقد أن هذا الوضع سوف يتغير. وأظن أن الكثير من الناس في جميع أنحاء البلاد يقومون بالتحدي ورمي الحصى في المياه الراكدة، وهم ينسقون مع بعضهم ويعملون بشكل جماعي، إنني أرى هذا التغير من خلال قرار كلية “يو أس-بيركلي” مقاطعة البضائع الإسرائيلية، ورغم أن القرار تمت معارضته من قبل رئيس هيئة المدارس، إلا أنه إشارة واضحة في هذا الخصوص. لقد بدأنا في رؤية الكثيرين الذين يتحركون في عدة مجالات ويصنعون فروقا ليست كبيرة بما يكفي، ولكنها مهمة وسوف تقودنا إلى تحقيق ما نصبو إليه.
Leave a Reply