مؤتمر “أصدقاء سوريا”: تصعيد متواصل ضد سوريا
عواصم – في حين يستعد السوريون للتوجه الى صناديق الاقتراع للتصويت على الدستور الجديد في ٢٦ شباط (فبراير) القادم، ومع تواصل الحملة العسكرية على المعارضة السورية المسلحة والمتركزة في حمص وإدلب، فتحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الباب أمام التدخل العسكري في سوريا وتسليح المعارضين عبر إعلانها عن قرب حدوث “نقطة تحول” حيث ان “المعارضة السورية ستصبح مؤهلة بصورة متزايدة، وستجد الوسائل للبدء باجراءات هجومية”، فيما سيدعو المؤتمر إلى وقف إطلاق النار للسماح لجماعات المساعدات الدولية بالوصول إلى المناطق الأشد تضررا جراء “العنف”، وهو ما يفتح الباب أيضا أمام تدخل عسكري تحت ستار إنساني. و”سيعترف” مؤتمر تونس “بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي للسوريين الساعين للتغيير الديمقراطي السلمي” وهي عبارة لم تصل إلى حد التأييد الكامل للمجلس.
أما الموقف الأميركي الذي جاء بعد سلسلة تصريحات مترددة من مسؤولين أميركيين جوبه بتأكيد موسكو وبكين مجددا، معارضتهما أي تدخل أجنبي في سوريا، وكررتا دعوتهما أيضا إلى “وقف سريع لكل أشكال العنف في سوريا”، فيما أكدت طهران أن “الجهود لقلب الحكومة السورية لن تؤدي إلى نتيجة وخط الجبهة في مواجهة النظام الصهيوني لن يزول”، مشددة على ان إيران والعراق و”حزب الله” يقفون الى جانب دمشق ويدعمونها.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الصيني يانغ جيتشي بحثا، في اتصال هاتفي، موضوع التسوية في سوريا.
وقال البيان الروسي “تم تركيز الاهتمام الرئيسي على الوضع في سوريا، حيث أكد الطرفان على تطابق موقفي روسيا والصين منه، اللتين تدعوان باستمرار إلى الوقف الفوري لأي شكل من أشكال العنف في سوريا، وإطلاق الحوار الشامل بين السلطة والمعارضة من دون أي شروط مسبقة للتسوية السلمية، واستبعاد التدخل الخارجي في الشأن السوري”. وناقش الوزيران “الخطوات التي يمكن أن تتخذ من أجل تحقيق هذه الأهداف”.
وقالت كلينتون، على هامش مؤتمر في لندن حول الصومال أن “الرأي التوافقي للجامعة العربية وكل الآخرين الذين يعدون هذا المؤتمر هو أن المجلس الوطني السوري يتمتع بتمثيل ذي مصداقية، وبالتالي فانه سيشارك” في الاجتماع الذي سيعقد في تونس. وقالت “نلاحظ أن الانشقاقات في ازدياد، ونشهد ضغوطا على النظام، هناك المزيد من الأدلة على أن بعض المسؤولين داخل الحكومة السورية بدأوا يأخذون احتياطاتهم، ويخرجون أموالهم وأفرادا من عائلاتهم، ويبحثون عن طرق للخروج”.
ويطالب مشروع البيان الختامي لمؤتمر تونس “بالسماح لوكالات المعونة الإنسانية بتوصيل سلع وخدمات ضرورية للإغاثة للمدنيين المتضررين من العنف”. ولا يزال قسم آخر من مشروع البيان بين قوسين، ما يشير إلى أنه عرضة للتعديل. ويؤيد هذا الجزء تشكيل قوة مهام للإغاثة الإنسانية تقودها الأمم المتحدة “لتنسيق الاستجابة الإنسانية الدولية بما في ذلك إنشاء آليات مناسبة للتمويل”. ويشيد مشروع البيان بـ”المجلس الوطني السوري” لكنه لا يصل إلى حد الاعتراف الكامل بالمجلس وانما يعترف به “كممثل شرعي للسوريين الساعين لتغيير ديمقراطي سلمي”. ويوافق البيان على “زيادة الارتباط مع كل عناصر المعارضة السورية وتقديم الدعم العملي لها”.
وقال مصدر عربي إن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني زار باريس ثلاث مرات لمتابعة العمل على الورقة المقدمة إلى مؤتمر تونس، فيما قام مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، في لقاءات في الاليزيه، بوضع الملاحظات الأميركية عليها.
مجلس حقوق الإنسان
وفي سياق آخر، قالت الأمم المتحدة إن “القوات السورية قتلت بالرصاص نساء وأطفالا عزلا وقصفت مناطق سكنية وعذبت محتجين مصابين في المستشفيات بناء على أوامر من أعلى المستويات في الجيش والحكومة”. ودعا محققون مستقلون تابعون للأمم المتحدة، في تقرير قدم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إلى “محاكمة مرتكبي هذه الجرائم ضد الإنسانية”، واعلنوا انهم “أعدوا قائمة سرية بأسماء القيادات العسكرية والمسؤولين الذين يعتقد أنهم مسؤولون عنها”. ووجدت لجنة التحقيق أن “قوات المعارضة التي يقودها “الجيش السوري الحر” ارتكبت أيضا انتهاكات شملت القتل والخطف وإن كانت لا تقارن بمستوى ما ارتكبته القوات الحكومية”.
“القاعدة” في المعارضة السورية
وكان رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي أشار الى أن هناك مؤشرات تفيد بأن “القاعدة” متورطة مع المعارضة السورية، معتبرا أنه “من المبكر” التفكير في تسليح هذه المعارضة، كما رأى أن أي تدخل محتمل في سوريا سيكون “صعبا للغاية”. وفي حديث لشبكة “سي أن أن” الأميركية تحدى ديمبسي أي من يحدد له بوضوح هوية المعارضة السورية حاليا، مشيرا إلى أنه حتى اتضاح الصورة لواشنطن من المبكر اتخاذ قرار بتسليح المعارضة.
وأوضح أن التدخل في سوريا سيكون صعبا للغاية، وأضاف أن الطريق المتبعة حاليا التي تقضي بالعمل لإيجاد توافق دولي ضد سوريا هي الطريق الصحيح، وليس اتخاذ قرار بالتدخل من طرف واحد.
ولفت إلى أن سوريا تملك أسلحة متطورة وأنظمة دفاع جوي وأسلحة كيميائية وبيولوجية، ورغم أن القيادة هناك لم تبد أي نية لاستخدامها لكنها تبقى مشكلة عسكرية، مؤكدا أنه لم يطلب منه بعد تقديم أي خيارات عسكرية للتعامل مع الأزمة السورية.
وجاءت تصريحات ديمبسي عن “القاعدة” والمعارضة السورية تأتي بعد أيام من حديث مدير الاستخبارات القومية الأميركية جيمس كلابر عن أن هناك مؤشرات تفيد بتسلل عناصر من تنظيم “القاعدة” إلى جماعات المعارضة، مضيفا أن الأخيرة في كثير من الأحيان لا تعلم أنهم هناك.
تنديد بمقتل صحفيين في سوريا
وفي سياق آخر توالت الردود المنددة بمقتل صحفيين غربيين في حمص، واعتبرت واشنطن العملية نموذجا لـ”وحشية النظام” السوري، وأكدت بريطانيا أنه يذكر بالمخاطر التي يتعرض لها الصحفيون لنقل “الأحداث المروعة” في سوريا، في حين نفت سوريا علمها بوجود الصحفيين داخل أراضيها.
وأُعلن مقتل الصحفية الأميركية ماري كولفن التي تعمل لمجلة “صاندي تايمز” البريطانية، والمصور الفرنسي ريمي أوتليك الذي يعمل لوكالة “آي بي 3 برس”. في المقابل قالت وزارة الإعلام السورية إنها لا تملك معلومات عن الصحفيين الذين استهدفوا في حمص، مشيرة إلى أن أسماءهم ليست ضمن قوائم الصحفيين الذين دخلوا البلاد بصورة شرعية.
الدستور الجديد
وفي دمشق، تظاهر مئات السوريين أمام مجلس الشعب وسط دمشق، للمطالبة بإلغاء المادة الثالثة من مشروع الدستور الجديد التي تنص على أن دين رئيس الجمهورية هو الإسلام. وهتف المعتصمون “سوريين سوريين كلنا متحدين”. وحسب الأرقام الرسمية يحق لحوالي ١٤ مليون و٦٠٠ ألف مواطن سوري الإدلاء بصوتهم.. مع توقع انخفاض نسبة المشاركة في المناطق التي لا تزال تشهد توترات أمنية.
Leave a Reply