مرة جديدة ينتصر الشعب على ما يُفرزه السياسيون وزعماء الطوائف من انقسامات، فيجتمع اللبنانيون حول قضية وطنية بإمتياز كان عنوانها العريض “كرة القدم”، بعد أن نجح المنتخب اللبناني في تحقيق انجاز تاريخي بعبوره للمرة الأولى الى المرحلة النهائية الحاسمة المؤهلة لمونديال البرازيل في العام 2014.
ومع أن المنتخب خسر مباراته الأخيرة امام نظيره الإماراتي الا ان فوز المنتخب الكوري الجنوبي على الكويت كان كفيلا بضمان تأهل لبنان بفارق النقاط، وتحوّل المناسبة الى عرس وطني حقيقي نسي معه اللبنانيون هموم السياسة وشجون الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
ويحظى هذا الاستحقاق بأهمية كونه أتى في لحظة سياسية حساسة يحتاج معها المواطنون الى التنفيس عن مكنون الضغوطات الناتجة عن أكثر من ملف سياسي برز في مقدمها هذا الأسبوع سعي قوى الرابع عشر من آذار والثامن من آذار لتسوية قانونية لمبلغ 11 مليار دولار صرفتها حكومات فؤاد السنيورة في مقابل غض نظر الاقلية عن تمرير انفاق إضافي لحكومة نجيب ميقاتي قيمته 8900 مليار ليرة. في حين يتمسك الرئيس نبيه بري بمعادلة البت بمشروع قوننة اعتماد الـ8900 مليار ليرة على ان يسعى لاحقا لمعالجة موضوع مصاريف حكومات السنيورة بعد أن تكون قوى الرابع عشر من آذار ساهمت في تشكيل أجواء ايجابية.
على أن تبادل الكرات في هذه القضية لم يعرقل انطلاقة العمل الحكومي بزخم جديد، بعد اجتماع في منزل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي حضره كل من علي حسن خليل وجبران باسيل. وفي طليعة الملفات الحكومية بعد انقطاع يبرز ملف النفط الذي يلقى دفعا ودعما كبيرا من الرئيس بري. هذا الملف كان محط نقاش بين بري والمسؤولين القبارصة في زيارته الأخيرة.
وعلى مسار موازِ، عقدت اللجنة الوزارية المعنية بملف النفط اجتماعا في السرايا الحكومية برئاسة ميقاتي، على أن يصدر قريبا قرار تعيين هيئة إدارة قطاع النفط كما تبدأ الدولة عبر شركات خاصة عمليات المسح البري للنفط.
على صعيد اخر، كشفت محطة “الجديد” عن وجود شبكة هاتفية مستقلة لقوى الأمن الداخلي مركبّة على احدى شبكات شركتي الخلوي من دون علمها!
وفي حين ترد الكثير من التساؤلات حول هدف وطبيعة هذه الشبكة، من المتوقع أن يكون هذا الموضوع محط اهتمام وزير الاتصالات نقولا صحناوي العائد من جولة خارجية والمتأهب لاستكمال سياسية كتلته “التغيير والإصلاح” في هذا القطاع الحيوي.
في هذه الأثناء، ردّ رئيس الجمهورية ميشال سليمان للمرة الثانية على الكلام المنسوب مؤخراً لرئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكداً أمام الجالية اللبنانية في العاصمة الرومانية بوخارست أن “اسرائيل لن تكون على الخريطة، خريطة الانفتاح والتعدد، لأنها دولة عنصرية تزيل كل معالم الطوائف الأخرى، في حين أن لبنان ينفتح أكثر فأكثر”. وأضاف: “بالأمس كرر رئيس وزراء العدو القول إن رئيس لبنان ومسؤوليه لا يعلمون ماذا عندهم، وأنا أقول إن كنا نعرف أو لا نعرف، المهم أن يعرف هو حتى لا يعتدي على لبنان”.
وفي موقف لافت يمكن وضعه في سياق الرد غير المباشر على دعوة رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط الى “طائف جديد”، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي، بعد استقباله وفدا من نقابة الصحافة، إننا “بحاجة الى عقد وطني جديد متجدد عن الميثاق الوطني”، مؤكدا أن “هذا الطلب ليس طلبا بطرح طائف ثان، فنحن بأمس الحاجة الى عقد وطني جديد”.
زيارة وزير الدفاع فايز غصن الأخيرة الى العاصمة الإيرانية طهران والأجواء الايجابية التي واكبت لقاءاته هناك، لاقت امتعاضا أميركا صريحا أعربت عنه السفيرة الاميركية مورا كونيللي، خلال لقائها رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في مقر اقامته في بنشعي، حيث أبدت قلقها بشأن زيارة غصن “وتصريحاته من طهران التي تؤشر إلى احتمال ان يؤدي النقاش الذي قام به الوزير الى انتهاك لبنان لقرارات مجلس الأمن 1747 و1929”.
Leave a Reply