قلة من الناس التي تبدع في التدريب في كرة القدم، فلطالما وجدنا مدربين يتخرجون من نفس الاكاديمية وبنفس الشهادة والتقدير، لكن منهم من يتفوق ويرتفع الى أعلى المراتب، ومنهم من يتوه في غياهب النسيان.
بدأ مع “التضامن بيروت” وكان من أهم أعمدته على مر تاريخه الكروي، كان لاعبا فيه ويعتبره صاحب الفضل عليه بالتعرف على كرة القدم، وهو بدوره لم يبخل عليه بشيء وبادره بالمثل عندما بدأ معه وانهى مسيرته كلاعب معه ايضاً. يقول أن التدريب عالم عميق فمن يعرف كيف يقرأ الكلام والأفكار يفوز، وليس بالضرورة قراءة المحاضرات وتطبيقها في الملاعب لأن لكل مباراة ظروفها ولكل فريق لاعبوه وظروفهم.
عرف كيف يدخل عالم تدريب الأندية اللبنانية فصال وجال مع عدة فرق. وعرف كيف يدخل قلوب اللبنانيين من خلال المنتخبات الوطنية لأنه صاحب البصمة البيضاء في كل الفئات والفرق، ورغم أنه لا يؤمن بخطة خمسية وعشرية إلا أن نتائج عمله سريعاً ما بدأت تطفو الى السطح. فخطة دعم الرياضة، بحسب قوله، “هي خطط أبدية، لا خمسية وعشرية، لانها تواكب الاجيال وتبني المجتمعات”.
يترك لديك اليقين أن اللبناني قادر على النهوض بفعل أبنائه وليس بحاجة الى أي شيء “برنجي”. “صدى الوطن” التقت مدرب منتخب لبنان للشباب سمير سعد الذي حل ضيفا في ولاية ميشيغن وكانت معه هذه المقابلة:
– كيف كانت البداية كلاعب ومدرب؟
– بدأت مع نادي “التضامن بيروت” وبقيت معه طيلة مسيرتي الرياضية وانصرفت بعدها الى التدريب حيث دربت فرق “الهومنمن” منذ 1991 لغاية 1994 ودربت منتخب الناشئين و”شباب الساحل” و”المبرة” و”طرابلس” و”التضامن صور” و”الصفاء” وحاليا “الإخاء عاليه”.
– لماذا بدأ “الاخاء” كالصاروخ وتربع مدة ثمانية اسابيع على صدارة الدوري قبل أن يبدأ بالتراجع .. هل انتهى تأثير الحشوة الدافعة (بالتعبير العسكري)؟
– بالعكس، فاللاعبون لهم انطلاقة صاروخية وما زالوا ولكن حصلت أمور كثيرة جعلت من “الاخاء” يتراجع، اذكر منها توقيف حسين طحان 6 مباريات واصابة احمد نعماني، وعندنا مشكلة نقص بالمهاجمين واضافة الى اصابة اللاعب السوري علاء بيضون ولا يوجد بدلاء في الفريق لسد الفراغ.
– ولكن فهد عودة كان هداف الدوري في البداية فهل لا يفي بالغرض ولماذا تراجع معدله التهديفي؟
– فهد عودة اضطررت أن أدفع به الى الهجوم وهو ليس مركزه الاساسي، فمركزه الاساسي هو خلف المهاجمين. وفي البداية وبوجود الجميع دون اصابات وتوقيفات كان يؤدي من مركزه بشكل رائع.
– ماذا تتوقع لفريقك في المرحلة المقبلة؟
– هدفنا الرئيسي هو كأس النخبة بعد ابتعادنا عن الصدارة واتمنى شفاء اللاعبين لنعود الى ما كنا عليه.
– مدرب مثلك أوصل نادي “الصفاء” الى نهائي كاس الاتحاد الاسيوي لاول مرة في تاريخه ومن اول مشاركة له، لماذا تم استبدالك بين ذهاب وإياب الموسم 2009؟ وهل يعقل أن من حقق أهم إنجاز يخرج هو نفسه من ابوابه الخلفية؟
– لم أخرج من الأبواب الخلفية مطلقاً، فنادي “الصفاء” تربطني به علاقة وطيدة وادارته من اهم الادارات وتتصرف بمهنية، ولكن الذي حصل إنهم في ذاك الموسم عرضوا استقدام مدرب اجنبي وطلبوا مني البقاء كمساعد له، قلت لهم إذا كان المدرب على سمعة طيبة وله تاريخ حافل يستفيد منه النادي واستفيد من خبراته شخصياً فلا مانع لدي، ولكني رفضت الامر لاحقاً وخرجت بملء ارادتي وليس بإقالتي والدليل انني عدت اليهم في موسم 2010 -2011.
– لماذا تم اعتماد المدرب خالد العروة في حينه والفريق كان يؤدي بشكل جيد ومساره جيد؟
– قرارات ادارية لا علاقة لي بها، فهم طالبوني بالبقاء ولكنني رفضت الامر.
– أين تكمن مشكلة “الصفاء” كونه وصيفاً دائماً؟
– المشكلة في عقلية اللاعب الهاوي وهذا يحتم على الادارة معالجة هذا الخلل بحكمة وعقلانية والعمل على الجانب النفسي لهم.
– برأيك ما هي اسباب النقلة النوعية التي حظي بها المنتخب اللبناني؟
– أهم هذه النقلات هي النية لدى الجميع لمحو آثار الهزائم التي منينا بها ولم نكن معتادين عليها، حتى في اسوأ مراحل تاريخنا الكروي.. وهذه القفزة النوعية لم تكن لتتحقق إلا بمجهود الجميع وعلى رأسهم المدرب الالماني الذي يعرفه الجميع في نظامه واحترافيته التي وضعتنا في أجواء اخرى بعيدا عن الضغوط، حيث اننا لم نكن مرشحين للمنافسة على بطاقات التأهل لمونديال البرازيل وإرادتنا جعلت هذه النتائج تتحقق.
– عندما تتكلم عن احترافية المدرب ما هي برأيك شروط المدرب الناجح، وهل تؤمن بالخطط الخمسية والعشرية والمدارس المتعاقبة على المنتخب الألمانية والانكليزية والهولندية وغيرها؟
– شروط المدرب الناجح هي الانضباط وقوة الشخصية على المستوى الخاص، وان يعرف ان يقرأ أفكار منافسه وان يعرف متى وأين وكيف يهاجم ويدافع ويجري التغييرات ويتحكم بمجريات المباراة عبر لاعبيه، وهذا لا يتحقق الا من خلال ثقة واخلاص متبادل بينه وبين اللاعبين من جهة، والجهاز الفني من جهة أخرى، بعيداً عن التدخلات والتأثيرات الجانبية الكثيرة
أما فكرة المدارس الكروية والخطط الخمسية والعشرية فهي ذات تأثير سلبي ولا ايجابيات لها برأيي، وذلك لعدة عوامل أهمها أن كل مدرب يأتي بخطة خمسية او عشرية تقوم على مبدأ تنشئة المنتخبات العمرية، ولكنه بعد سنة يذهب وتذهب معه خطته وأفكاره، والخطأ ليس منه وإنما ممن هم مؤتمنون على إكمال رؤيته وتفضيل مدربين قريبين من افكاره على غيرهم توخيا للاستمرارية، بالمختصر لا توجد رؤية مستقبلية عندنا لذلك لا يمكن لأية خطة استراتيجية أو مدرسة أن تنجح.
– هل برأيك سيستمر دعم المنتخب بالزخم نفسه؟
– نعم سيستمر الدعم للمنتخب من كل المتابعين والمهتمين من اتحاد ودولة وجماهير، وكل مؤثر، لنصل الى تحقيق الإنجازات يوما ما، فما فعله ويفعله المدرب الألماني بوكير عبارة عن الخميرة الاولى لمشروع نهضة الكرة اللبنانية وهو إن لم يجنِ ثمار جهده الآن فهو بالتأكيد سينتج بعد عدة سنوات.
– برأيك هل أعضاء الاتحاد يستثمرون نجاحات المنتخب لأسباب شخصية؟
– (ضاحكاً) لن أخفي عليك هناك البعض ممن يستثمر نعم وليس الجميع.
– لماذا لا يتم دعم المنتخب الاول بلاعبي الاولمبي؟
– (مقاطعاً) لدينا أربعة لاعبين من المنتخب الأولمبي هم محمد حيدر وحسن شعيتو وأحمد زريق وهيثم فاعور، وبوكير يواكبهم وكثيرا ما نجلس سويا للتباحث بذلك والتنسيق يتم معه بشكل رائع.
– هل أربعة عدد كاف؟
– كبداية لا بأس، وبعد تصفيات كأس العالم لدينا نظرة أخرى لتفعيل ذلك.
– من المعروف أن كل فرق العالم تبحث عن المغتربين أو المحترفين ونحن لدينا ما يكفي لرفد كافة المنتخبات في كل انحاء العالم، سؤالي هو لماذا لا يتم الاستعانة بالمغتربين لمنتخبات الاولمبي والشباب الذي تشرف عليه بشكل مباشر؟
– الموضوع يعود للإتحاد دون غيره فعند طرح اسم احد اللاعبين فأول سؤال سيكون هل تعرفه أو شاهدته؟
-كلمة اخيرة..
– أتمنى التوفيق للمنتخب اللبناني والتأهل. وأتمنى للكرة اللبنانية التقدم والازدهار بوجود هذه النخبة من اللاعبين، وان نستمر بالتطور لان الخطة الابدية هي الحل الاوحد لقيام الرياضة في لبنان.
Leave a Reply