عواصم – تتواصل فصول الأزمة السورية التي تدخل الأسبوع المقبل عامها الثاني وسط تمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على معظم المناطق التي استولى على بعضها المسلحون لعدة شهور، في حين يعتقد المراقبون أن الجيش سيتوجه شمالا الى إدلب لمواجهة المسلحين الذين كشفت روسيا أن معظمهم مقاتلين أجانب ومرتزقة هدفهم منع الحل السلمي للأزمة.
لكن الحل السلمي للأزمة يبدو أقرب السيناريوهات، حيث تمكن النظام السوري من الحفاظ على تماسكه دبلوماسياً وعسكرياً وإدارياً وإقتصادياً وشعبياً طوال شهور الأزمة، فيما بدأ الغرب يعود الى أرض الواقع، وعلى رأسها واشنطن التي قال رئيسها أنها “تفضل الحل الدبلوماسي”. أما دول الخليج فتنتظر يوم السبت المقبل للبحث مع وزير الخارجية الروسي للخروج من ورطتها بعد فشلها بالدفع نحو إسقاط الرئيس بشار الأسد الذي أكد أمام وفد تشريعي أوكراني أن ما تتعرض له سوريا هو تكرار لمحاولات سابقة تستهدف إضعاف دورها وضرب استقرارها. وشدد الرئيس الأسد على أن قوة أي دولة هي في الدعم الشعبي الذي تتمتع به، وأن الشعب السوري الذي أفشل المخططات الخارجية في السابق بإرادته ووعيه أثبت قدرته مجدداً على حماية وطنه وبناء سوريا المتجددة من خلال تصميمه على متابعة الإصلاحات بالتوازي مع مواجهة الإرهاب المدعوم من الخارج.
وفي سياق الحل الدبلوماسي، حذر مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي أنان، في القاهرة، من أن استخدام “المزيد من العسكرة” سيؤدي الى تدهور كبير في الأزمة السورية، في حين سمع المبعوث الاممي-العربي كلاما واضحا من مصر التي رفضت تحويل الازمة الى “حرب اهلية تخلق ضررا هائلا بالمنطقة”. وقال أنان إنه سيحث الحكومة السورية والمعارضة بكل اطيافها على وقف العنف والسعي إلى تسوية سياسية، في إشارة إلى انه سيحمل معه إلى دمشق يوم السبت المقبل خطة شبه محددة للبحث عن مخرج.
وكانت مبادرة عربية تدعو الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي أساسا لمشروع قرار عربي – غربي قدم الى مجلس الأمن واستخدمت روسيا والصين حق النقض “الفيتو” ضده. ووردت المبادرة العربية في قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة لكن مثل هذه القرارات غير ملزمة. وقال انان “قرار الجمعية العامة يقول كذلك، إن العملية يجب أن يقوم بها السوريون وتكون خاصة بهم”.
ويأتي تحرك أنان بالتزامن مع اجتماع يكتسب أهمية كبيرة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه العرب سيعقد السبت في العاصمة المصرية. وقالت بعض الدول العربية، خاصة دول الخليج بقيادة السعودية وقطر، إنها مستعدة لتسليح المعارضة.
من ناحيتها، أعلنت موسكو أن النظام السوري يقاتل “ارهابيين” يدعمهم تنظيم “القاعدة”، بينهم 15 ألف أجنبي على الأقل سيستولون على بلدات في أنحاء سوريا في حال انسحاب القوات الحكومية منها. فيما اتهمت طهران دولا عربية بارسال مرتزقة الى سوريا لمنع التقارب بين السلطة والمعارضة والوصول الى حل للازمة.
وقال ليبيديف لـ”رويترز” ان المعلومات بشأن صلات “القاعدة” في سوريا “حقيقة لا لبس فيها”، لكنه رفض ان يقول ما اذا كانت روسيا ستقدم أدلة للأمم المتحدة لتعزيز ادعائها في أن المتمردين السوريين يرتكبون اعمال تعذيب. وكرر نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله ان “روسيا لن توافق على تمرير أي مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي حول سوريا يتضمن أي ثغرات تسمح باستخدام القوة ضد دمشق، ولا يجوز أن يحتمل القرار قراءات مختلفة”.
وكانت روسيا قد حذرت الغرب، الثلاثاء الماضي، من توقع تغيير في موقفها بخصوص سوريا في أعقاب فوز فلاديمير بوتين في انتخابات الرئاسة، قائلة ان موقفها لا علاقة له بالشؤون السياسية الداخلية.
ومن جهتها، قالت وزارة الخارجية الصينية إن مبعوث الصين لسوريا أبلغ الحكومة السورية والأطراف الأخرى بضرورة وقف العنف فورا ومساعدة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في توزيع المساعدات بالمناطق التي تأثرت بالصراع. وقال المتحدث باسم الوزارة ليو ويمين إن المبعوث لي هوا شين أبدى أيضا دعم بكين عملية الوساطة بين الحكومة السورية والجماعات المعارضة التي تقوم بها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
وكان لافتاً أيضاً إعلان الرئيسين التركي عبد الله غول والتونسي منصف المرزوقي، في تونس، معارضتهما أي تدخل أجنبي في سوريا، وشددا على ضرورة التوصل إلى حل سياسي. وحثا “على إنهاء أعمال العنف في سوريا”.
وقال نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة في جنيف ميخائيل ليبيديف أن “المتمردين” نفذوا في الآونة الأخيرة هجمات على نطاق واسع ضد البنية التحتية السورية بما في ذلك مدارس ومستشفيات. وأضاف “هجمات الجماعات الإرهابية تشمل عمليات قتل وتعذيب وترويع للسكان المدنيين. تدفق كل أنواع الإرهابيين من بعض دول الجوار يتنامى باطراد”.
واشنطن
وفي السياق، قال البيت الابيض الثلاثاء الماضي أن الرئيس باراك أوباما ما زال ملتزما بالجهود الدبلوماسية لانهاء العنف في سوريا، رغم دعوة السناتور جون ماكين للتحرك عسكريا ضد حكومة الرئيس السوري بشار الاسد.
وأضاف تومي فيتور المتحدث باسم البيت الابيض، “دعا الرئيس مرارا الى وقف فوري لاعمال العنف في سوريا. وتركز حالياً الادارة (الاميركية) على التوجهات الدبلوماسية والسياسية وليس التدخل العسكري”.
وقال السناتور ماكين، الاثنين الماضي، انه يجب على الولايات المتحدة ان تقود جهوداً دولية لحماية المدن والبلدات السورية من خلال شن هجمات جوية على قوات الحكومة السورية.
وكان ماكين من أوائل الذين دعوا الى فرض حلف شمال الاطلسي منطقة حظر طيران ساعدت في الاطاحة بالزعيم الليبي السابق معمر القذافي العام الماضي.
Leave a Reply