البروفسور ستاكون: تنوع ثري يعكس تلاقحات دينية ووطنية ويبرهن عن وطنية المسلمين في أميركا
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
لطالما كان الكاتب والبرفسور أستاذ العلوم السياسية في “جامعة ميشيغن” رون ستاكتون شغوفا بالمعاني الفنية والعاطفية التي تعكسها أشكال الأضرحة وشواهد القبور، مؤمنا أن هذه الأماكن لا تتمحور حول الموت بقدر ما “تؤكد الحياة”، لأنها تعطي فكرة عمن نكون وكيف نحب أن نتذكر الأحبة الذين فقدناهم، بحسب قوله.
وقاده تدريسه لصف “المقابر 101” في الجامعة لمدة سنتين، إلى إنجاز مشروع تصوير فوتوغرافي وإقامة معرض فني في الجامعة، حيث يضم المعرض مئات الصور التي التقطها ستاكتون، من خلال زيارته لـ24 مقبرة إسلامية في منطقة جنوب شرق ميشيغن، حيث تعكس هذه الصور الملتقطة التداخلات الثقافية بين الشعوب الإسلامية والتراثات الوطنية والعادات المتوراثة عن طقوس الموت والدفن.
وتعددت المقابر التي زارها ستاكتون لهذا الغرض، وكان من بينها مقبرة “وودمير” في ديربورن، كما بلغت الصور الملتقطة المئات، وهي تعرض الآن في مكتبة “مارديجيان” في “جامعة ميشيغن”-ديربورن، ومن المقرر أن ينتقل المعرض إلى الحرم الجامعي في “جامعة ميشيغن”-آناربر، حيث يتواجد مسجد صغير، كما ستجرى ندوة نقاشية حول الموضوع في كنيسة “ليتلفيلد بيرسبيتيريان”.
وأبدى ستاكتون في حديث مع “صدى الوطن” دهشته لمقدار التنوع والغنى في شواهد قبور اللبنانيين والنيجريين والألبانيين والصينيين والأتراك، والقوقازيين والأفارقة الأميركيين.. إضافة إلى الفرق الإسلامية الصغيرة مثل أولئك الذين ينتمون إلى الفرع الصوفي الإسماعيلي. ووجد ستاكتون، في رحلته التي رافقه فيها طلاب عرب قاموا بترجمة الكتابات على شواهد القبور، أضرحة لراحلين جاؤوا من 19 بلدا، وفيها من الاختلاف والتمايز ما يثير الدهشة.
وقال: “كنت مهتما برؤية الاختلاف بين المجتمعات، وبالنسبة لشخص يعيش في شرق ديربورن فسوف يظن أن المقابر ستضم جثامين اللبنانيين الشيعة فقط ولكن (هذه الرحلة) كشفت عن التنوع الثري بين المجتمعات”.
و ستاكتون الذي يدرس العلوم السياسية في “جامعة ميشيغن”-ديربورن صرف وقتا كبيرا في دراسة المدافن وقد كتب كتابا حول الموضوع ونظم عدة ندوات في المجال نفسه.
وتتنوع شواهد القبور بين الدينية والدنيوية، وقد لاحظ ستاكتون أن شواهد قبور الألبانيين المسلمين تعكس التقاليد الوطنية للبلاد بأكثر مما تعكس الأبعاد الدينية.
بينما تحمل شواهد قبور أخرى آيات قرآنية أو صور مساجد، على شكل رسائل يضعها ذوو الميت تعبيرا عن حبهم له، وقد توضع أحيانا صور لأشياء كان الميت مولعا بها، وقد حمل قبر أحد الموتى صورة تجمعه مع أصدقائه وهم يمارسون التزلج على ثلوج جبال لبنان.
وقد تضمن المعرض صورا لضريحي الإمامين حسين كروب ومحمد جواد شري، وهما من رواد القيادات الدينية في منطقة ديترويت ويحظيان باحترام كبير لدى سكان المنطقة. وبعض شواهد القبور عليها صور للأزواج مع زوجاتهم مع صور لآيات قرآنية، أو صور من الإنجيل في حال كونهما مسيحيين.
ستاكتون قال إن أحد أهداف المعرض هو تكريم الأسر، وأفاد بأن ردود فعل وإطراءات كثيرة جاءت من قبل أقرباء بعض الموتى.
ونوه ستاكتون إلى أن زيارة سريعة إلى مدافن المسلمين سيكون من شأنها أن تبدد بشكل سريع بعض التصورات المسبقة والنمطية عن المسلمين الأميركيين، وقال: “سأقول للذين يقولون إن المسلمين الأميركيين غير وطنيين عليهم أن يزوروا مقابر المسلمين وسوف يدركون خطأ ظنونهم عندما يشاهدون أضرحة للكثير من المحاربين القدماء بينهم”. وأضاف: “هناك العشرات من المحاربين المسلمين الأميركيين والعديد منهم قضى في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبعضهم قتل في كوريا وفيتنام، وواحد منهم قتل في العراق”. وختم بالقول “هؤلاء جميعا يظهر العلم الأميركي فوق قبورهم إلى جانب لوحات تشيد بوطنيتهم”.
Leave a Reply