الخرطوم، جوبا – هي نذر حرب شاملة بين السودان وجنوب السودان بدأت تلوح في الأفق، مع إعلان الخرطوم الأسبوع الماضي حشد الجيش السوداني ضد دولة جنوب السودان، بعد أن احتلت قوات الجنوب حقل هجليج النفطي المهم لاقتصاد الشمال. ودعا برلمانا السودان وجنوب السودان السكان في كل من البلدين إلى الاستعداد لحرب جديدة، مع إطلاق الجيش السوداني لحملة عسكرية لاستعادة سيطرته على هجليج.
وكان جيش جنوب السودان أعلن سيطرته على منطقة هجليج الحدودية التي يوجد فيها حقل نفطي ينتج نحو نصف إنتاج السودان اليومي من النفط، الذي يبلغ 115 ألف برميل يوميا. وقال المتحدث باسمه فيليب اغوير إن “منطقة هجليج والآبار النفطية أصبحت تحت سيطرة جيش جنوب السودان”، مضيفا أن “القوات الجوية للشمال قصفت مواقع جيش الجنوب في هجليج ومناطق أخرى”. وأعلن أن المنطقة جزء من أراضي جنوب السودان، موضحا أن “المعارك مستمرة. تخطينا هجليج، ونقترب من الحدود مع جمهورية السودان”.
ومن جهتها، أعلنت دولة جنوب السودان، الخميس الماضي، لائحة شروط محددة على الخرطوم الموافقة عليها قبل سحب قواتها من منطقة هجليج النفطية الحدودية التي سيطرت عليها الثلاثاء الماضي.
ومن بين هذه الشروط التي أعلنها وزير الإعلام الجنوبي برنابا ماريال “انسحاب القوات السودانية من منطقة أبيي” المتنازع عليها.
وكان رئيس جنوب السودان سلفاكير أعلن صباح الخميس الماضي أنه لن يأمر بسحب قوات بلاده من هجليج، وهدد بالسيطرة على منطقة أبيي. وأكد سلفاكير أمام برلمان بلاده أن الجيش الشعبي لن ينسحب من هجليج، “لأنها منطقة تابعة لدولة الجنوب”، وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدعوة الجيش السوداني لسحب قواته من أبيي. وأضاف سلفاكير “اتصل بي الأمين العام للأمم المتحدة وطلب مني الانسحاب من هجليج فقلت له لن أفعل، وأنا لا أعمل تحت إمرتك”.
من جانبه اعتبر الرئيس السوداني أن هجوم الجنوب على هجليج فاتورة يدفعها الجنوب لصالح داعميه في الماضي، مشيرا إلى أن السودان قادر على حماية أراضيه.
والتوتر لا يزال قائما بين البلدين منذ استقلال جنوب السودان اثر اتفاقات السلام الموقعة في العام 2005. وأوقف جنوب السودان إنتاجه من النفط البالغ 350 ألف برميل يوميا في كانون الثاني (يناير) الماضي بسبب خلاف بشأن قيمة الرسوم التي يحصلها السودان مقابل تصدير النفط الخام عبر خطوط أنابيب الشمال واستخدام البنى التحتية الأخرى.
وذكرت وكالة الأنباء السودانية أن الخرطوم ستأمر بتعبئة عامة للجيش. ونقلت عن وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين قوله إن “الجيش قادر على الحفاظ على الاستقرار والسيطرة على الوضع”. وذكرت أن السودان دعا مجلس الأمن الدولي إلى حث جنوب السودان على الانسحاب من كافة المناطق الواقعة داخل الأراضي السودانية.
وقالت وزارة الإعلام السودانية، في بيان، إن مناطق في ولاية جنوب كردفان، خاصة هجليج تعرضت لهجوم “وحشي” من جانب الجيش الشعبي لتحرير السودان بدعم من دولة جنوب السودان وباستخدام قوات مرتزقة وجماعات متمردة. وأضافت ان “الحكومة السودانية تعلن انها ستتصدى لهذا التصرف العدائي بكل الطرق والوسائل المشروعة”.
وأقر وزير الخارجية السوداني رحمة محمد عثمان بأن جيش جنوب السودان استولى على منطقة هجليج النفطية، معتبرا أن هذا “التوغل” في عمق أراضي الشمال “أخطر” انتهاك لاراضيه منذ استقلال دولة الجنوب في تموز (يوليو) العام 2011.
وفي الخرطوم، قرر المجلس الوطني السوداني (البرلمان) وقف التفاوض مع جنوب السودان وسحب وفد الخرطوم المفاوض فورا من أديس بابا. وقرر “إعلان التعبئة العامة لمجابهة الوضع الأمني الراهن”.
وفي جوبا، أكد رئيس برلمان جنوب السودان جيمس واني ايقا أن على “شعب جنوب السودان الاستعداد من اجل الدفاع عن نفسه إذا ما سعى السودان فعلا إلى الحرب”، داعيا النواب إلى تعبئة السكان. وقال ان “الخرطوم يمكن ان تسعى الى حرب حقيقية، وإذا لم تدافعوا عن أنفسكم، سيتم القضاء عليكم، لذلك يتعين عليكم تعبئة الشعب ميدانيا ليكون على أهبة الاستعداد”.
وأعرب الاتحاد الافريقي عن “قلقه العميق من التصعيد” على الحدود. وأشار “الى قلقه العميق من احتلال القوات المسلحة لجمهورية جنوب السودان لهجليج”، داعيا الى “الانسحاب منها فورا ومن دون شروط”.
ودعت وزارة الخارجية الاميركية السودان ودولة جنوب السودان الى وقف “جميع الاعمال العدائية” معربة عن قلقها البالغ بشأن الاحداث الدائرة هناك.
وأعربت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عن بالغ قلقها من تفاقم الأوضاع بين دولتي السودان وجنوب السودان. وطالبت، في بيان، “بعودة القوات العسكرية من جنوب السودان إلى الحدود الدولية المتعارف عليها بين الدولتين”، مناشدة “الطرفين السودانيين احتواء هذه الأزمة من خلال إعمال الوسائل السلمية، وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بينهما، واحترام المواثيق والأعراف الدولية”.
بدوره، دعا مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، السودان ودولة جنوب السودان لوقف المعارك والعودة إلى طاولة المفاوضات لتجنب تدهور الوضع.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس في ختام اجتماع للمجلس إنه “على الجانبين أن يستأنفا المفاوضات ويوقفا المعارك”. وأضافت “أكدت الدول الأعضاء أن على الجيش الشعبي لتحرير السودان أن ينسحب فورا من هجليج، وأن على السودان أن يوقف الغارات الجوية وتوغله في جنوب السودان”.
Leave a Reply