دمشق – حصلت خطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي أنان على دعم إضافي، عندما أكدت روسيا موافقتها على صدور قرار من مجلس الامن الدولي لانشاء قوة مراقبة تتوجه الى سوريا في أسرع وقت، في حين شهد وقف إطلاق النار في سوريا الذي دخل حيز التنفيذ السادسة صباح الخميس الماضي ١٢ نيسان (أبريل)، صموداً لافتاً على الرغم من بعض الخروقات، في حين يُخشى من دخول البلاد في مواجهة جديدة (مع صدور هذا العدد) بعد أن دعت المعارضة إلى “تظاهرات ضخمة” للاستفادة من الهدوء النسبي السائد، الأمر الذي سعت السلطات الى التعامل معه بحزم من خلال التذكير بضرورة الحصول على ترخيص مسبق لأي تجمع أو مسيرة سلمية وفق القوانين المعتمدة.
ومن ناحيته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان الجنرال النروجي روبرت مود سيصل الى دمشق لانجاز الخطوات التمهيدية التي تسبق نشر المراقبين.
وكان بارزاً خلال الأسبوع الماضي تصعيد الخطاب التركي ضد دمشق مع التلويح بمطالبة “حلف شمال الأطلسي” (ناتو) بالإنتشار على الحدود المشتركة بين البلدين بعد زعم أنقرة أن القوات السورية أطلقت نيرانها الى داخل مخيم للاجئين السوريين داخل أراضيها.
كما قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في انقرة عشية زيارته الرياض للقاء الملك السعودي عبد الله، ان “خطة أنان لم تنفذ حتى الآن”. وقال “هناك خطة من ست نقاط طرحها أنان. لا أعتقد ان هذه الخطة تنفذ. لا يوجد شيء من هذا القبيل”.
وقف إطلاق النار
ورغم الخروقات، بدا واضحاً أن أعمال العنف انحسرت بشكل واسع منذ بدء وقف اطلاق النار الساعة السادسة صباحا من يوم الخميس الماضي، بحسب ما أفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، الذي اشار في الوقت ذاته الى ان “القوات السورية النظامية وآلياتها لم تنسحب من المدن”. ورداً على اتهامات السلطات السورية للمعارضة بالسعي لضرب خطة أنان، أعلنت “القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل” التزامها الكامل بوقف اطلاق النار، مطالبة بارسال مراقبين دوليين الى سوريا لمراقبة وقف اطلاق النار. وقال المتحدث باسمها العقيد قاسم سعد الدين “نحن ملتزمون بوقف اطلاق النار 100 بالمئة، ولن نرد على استفزازات النظام”.
وبعد ساعات على استتباب الهدوء النسبي في سوريا، بدا ان النظام والمعارضة يستعدان للدخول في مواجهة جديدة مع دعوة المعارضة الى التظاهر بكثافة ورفض السلطات للتظاهر من دون ترخيص. ودعا المعارضون، على صفحاتهم على موقع “فيسبوك”، “جميع السوريين، لاسيما المترددين منهم، الى اي ديانة أو تيار انتموا اليه الى الخروج في تظاهرات تحت شعار جمعة ثورة لكل السوريين”.
وسرعان ما أعلنت وزارة الداخلية السورية أن أي تظاهرة يجب ان تحصل على “ترخيص من الجهات المختصة”. وأكدت أن “التظاهر السلمي حق كفله القانون”. ودعت، في بيان، “المواطنين إلى التقيد بالقانون الناظم له وعدم التظاهر إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهات المختصة وفقاً لقانون التظاهر السلمي حرصاً على ضمان سلامة المواطنين وممارسة هذا الحق بشكل حضاري”.
مواقف دولية
وفي نيويورك، تسارعت الاتصالات المتعلقة بالملف السوري. وقدم أنان عرضاً بآخر تطورات مهمته أمام أعضاء مجلس الامن عبر دائرة فيديو من جنيف، بعد اعتباره، في بيان، ان وقف اطلاق النار في سوريا “يتم الالتزام به على ما يبدو”. وقال أنان “أن سوريا تشهد على ما يبدو فترة نادرة من الهدوء على الارض”، معتبرا أنه من الضروري “الحفاظ” على هذا الهدوء، محذرا من أن “الوضع هش جدا، وأي رصاصة قد تفجر الوضع مجددا”. وأضاف “على جميع الاطراف المعنيين الالتزام بالتطبيق الكامل لخطة النقاط الست التي وضعها لحل الازمة في سوريا، ومن ضمنها “البنود العسكرية للخطة والالتزام ببدء عملية سياسية”.
وقال انان “سيطلب الامين العام (للأمم المتحدة) بان كي مون من مجلس الامن الموافقة على نشر مهمة مراقبة من الامم المتحدة في أسرع وقت ممكن”. وأضاف “سيسمح لنا هذا بالتحرك بسرعة لاطلاق حوار سياسي جاد يتعلق بهموم وتطلعات الشعب السوري”.
وقال دبلوماسيون في مقر الامم المتحدة ان أنان دعا مجلس الامن خلال مخاطبته له الى “مطالبة النظام السوري بسحب قواته من المدن التي تشهد اضطرابات والعودة الى ثكناتها”، واعتبر أن “دمشق لم تلتزم من الناحية التقنية” بخطته للسلام، الا ان وقف اطلاق النار الهش يشكل “فرصة يجب انتهازها”.
وللتأكيد على دعم روسيا لخطة انان، أعلن المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان مجلس الامن قد يصدر (مع صدور هذا العدد) قراراً بارسال قوة مراقبة دولية الى سوريا تستطيع بدء العمل الاسبوع المقبل. ومن ناحيته، اعلن المندوب الصيني لي باو دونغ ان سحب القوات السورية من المدن والبلدات يوازي في اهميته وقف اطلاق النار. وقال “ندعم خطة أنان المكونة من ست نقاط بالكامل ونعتقد أن وقف إطلاق النار مهم للغاية، وكذلك سحب الحكومة السورية للقوات من البلدات والمدن شديد الأهمية”.
وقال المندوب السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري إن “بعض السياسات في المنطقة تخيب الآمال اليوم لأن خطة أنان نجحت، ووقف العنف قد نجح أيضا ومصداقية الحكومة السورية تأكد من أنها ثابتة وبعض الاعلانات التحريضية من هنا وهناك لن تكون مفيدة”. وأضاف إن “سوريا تمتحن مصداقية كل الذين أعلنوا أنهم يؤيدون خطة أنان”.
ورحب الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في بيان، “بالتطور الايجابي” الذي حصل في سوريا، وأعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان وقف اطلاق النار في سوريا “خطوة مهمة” اذا تم تنفيذه. وقالت “اذا تم التقيد به فإن وقف اطلاق النار هو خطوة مهمة، الا انه ليس سوى عنصر واحد” في خطة أنان. وحث الرئيسان الاميركي باراك اوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي، في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية بعد مؤتمر عبر الفيديو، السلطات السورية على التقيد “الدقيق وغير المشروط” بالالتزامات الواردة في خطة انان.
Leave a Reply