عندما وضعتُ ابنتي الأولى، ليال، فرحت بها جداً، ثم بعد عامين حملت ثانيةً وبدأت الاستعداد لاستقبال الولد. أعددت كل شيء أثناء الحمل من أجل الطفل الغالي القادم، جهزت الملابس الصبيانية الزرقاء، وبدا كل شيء على ما يرام لاستقبال ابني: زياد.
كانت صدمة نفسية كبيرة لي عندما وضعت طفلة ثانية. أطلق عليها زوجي إسم ريما إكراماً لي كما قال، لشدة حبي للسيدة فيروز. وكان حلمي أن أرزق بولد وبنت: زياد وليال، تماما كالسيدة فيروز.
لا أنكر أنني أحببت ريما، ولكنني كنت في انتظار زياد، وتوسلت بعد ذلك كثيرا لزوجي في أن يغيّر رأيه في إنجاب طفل ثالث، فرفض. وذكرني باتفاقنا قبل الزواج على بناء أسرة صغيرة متماسكة تواكب العصر الذي نعيشه.
جئنا طالبين أنا وزجي إلى أميركا. آثرنا البقاء هنا بعد أو وجدنا عملا جيدا واتفقنا منذ البداية على إنجاب ولدين فقط، لنستطيع تربيتهما وتعليمهما بطريقة عصرية وحديثة، وقد وفقنا الله بوضع مادي مريح وكان باستطاعتنا إنجاب طفلين آخرين وتكوين أسرة كبيرة العدد، ولكن بقي زوجي متمسكا بمبدأ إنجاب طفلين فقط، حتى لا يصبح لدينا أبناء عديدون يصعب علينا تقديم العناية اللازمة لهم.
سنوات طويلة قضيتها وفي أعماقي ندم وحزن لأني لم أسع لتحقيق كل ما أريد وأرضيت زوجي على حساب مشاعري بأن يكون لي ابن وشقيق لأختيه، حيث كان زوجي يحذرني دوما من احتمال كبير بأن أنجب بنتا أخرى، ثم تحلو المغامرة فيصبح لدينا بنات عديدات، كما هو الحال مع الكثير من العائلات.
كان زوجي يقول إنها إرادة الله.. علينا تقبّلها بكل رحابة صدر. ونحن متعلمان ومثقفان ندرك جيدا أنه لا فرق بين البنت والولد.
مثل كل أسرة مررنا بأزمات كثيرة وأيام عسيرة وصعبة جدا، ولكن في النهاية تجاوزناها بفضل الدخل العالي من عمل زوجي وعملي. وبارك الله في الابنتين. وبعد سنوات دراسة في أحسن الجامعات، تخرجت ليال دكتورة في العلاقات العامة، وهي الآن رئيسة قسم الترجمة في دائرة الهجرة لاتقانها اللغتين العربية والانكليزية، وريما محامية تعمل أستاذة مساعدة تحت التمرين في جامعة عريقة في ميشيغن.
قبل شهرين، جاءت ليال وقالت لي: زميل لي في العمل يريد أن يتعرف عليك وعلى أبي. كانت فرحتي أكبر مما أتصور. ابنتي ليال عمرها ثمان وعشرون سنة ولم تتزوج بعد، وكأم شرقية كلما شكوت ذلك لزوجي كان يذكرني باتفاقنا على ترك خيار الزواج للبنات وعدم التدخل فيه، لذلك لم أخف سعادتي عندما قبلت ابنتي أخيرا أن يتقدم أحدهم لطلب يدها، سألت ليال: ما اسمه؟ أجابت بفرح: زياد!
دمعت عيناي من السعادة. معقول؟ ها هو زياد يأتي ليحقق أمنيتي الغالية. سيكون لي ابنا يجعل حلمي حقيقة بعد طول انتظار.
علق زوجي على هذا الخبر قائلا: استعدي لبدء مرحلة جديدة من حياتك، بعد كنت ابنة ثم زوجة ثم أما.. ثم أما من جديد!
Leave a Reply