الجاليه العربيه الاميركية، ومعها مؤسساتها بدون إستثناء أو إعفاء، أمام إستحقاقٍ سياسي إنتخابي من نوعٍ مميز، وفي وقتٍ مميز، وبمرشحين مميزين.
التميز من ناحية الأشخاص، يتجلى بالمرشحين اللذين يخوضان المعركة الديمقراطية للحصول على منصب قاضٍ في محكمتي مدينتي ديربورن وديربورن هايتس، عرين التجمع العربي، واللذين جاء ترشحهما تلبيةً لطموحات العرب الأميركيين في توفير أرضية ديمقراطية للعمل المدني والأهلي ولإثبات وترسيخ الوجود الفعلي، وإضافة اليهما يخوض مرشح عربي شاب أيضاً معركة على نطاق أوسع، لمنصب قاض في محكمة مقاطعة وين حيث الحجم والثقل السياسي والعملي لأبناء الجالية العربية الأميركية.
أما التميّز من ناحية التوقيت، فيتبين مع التطورات التي تجري في العالم وفي أميركا، وإرتداد أصدائها السلبية علينا وعلى وجودنا كعرب أميركيين في هذا الوطن البديل، وتشكيلها لنظرة سلبية سائدة وفهمِ خاطئ من محيطنا لهويتنا “الشرق أوسطية”، مما يؤكد على حاجتنا الملحة للتضامن والتكاتف لإنتزاع حقوقنا في بلد الحريات، بالإندماج والمشاركة في صناعة القرارات عبر ممارسة حقنا الدستوري بالاقتراع.
وقبل الخوض في تفاصيل الأسماء، يجب التنويه بأن عدد الناخبين العرب الأميركيين المسجلين للتصويت في مدينة ديربورن يتجاوز الـ١٧ ألف صوت، والذين إن توجه ثلثهم الى صناديق الاقتراع يوم الإنتخابات، فإن ذلك كفيل بأن يُنجّح أي مرشّح تصب أصواتهم في صالحه، فكيف إذا توجه معظم الـ١٧ ألف ناخب الى صناديق الاقتراع دفعة واحدة؟ عندها ستصبح هذه الجالية قبلة المرشحين.
أمّا في مدينة ديربورن هايتس فقد تجاوز عدد العرب الأميركيين المسجلين للانتخاب الستة آلاف صوت، وأكثر من ٦٧ بالمئة منهم، شاركوا في الانتخابات الماضية، فكيف إذا كان الأقبال أعلى؟ ناهيك عن الأعداد الجديدة القادمة إلى هذه المدينة. وبحال ارتفعت نسبة الإقبال على التصويت، نكون قد سطّرنا تاريخاً جديداً على طريق رسم خريطة الوجود العربي الأميركي للوقوف ضد الـ”ستيريوتايب” التي تُعمم على طريقة عملنا العام وتساهم في تغيير عقلية التعاطي معنا وبالتالي الاعتراف بدورنا وعدم تهميشنا بعد الآن.
أمٌا بالنسبة لمدينة ديربورن هايتس وهيكلية الوجود العربي الأميركي في ظل هذا الزحف الكثيف خلال السنوات الثلاث الماضية، فقد سألت صديقاً عن رأيه في محاولة تقوم بها مجموعة من الاشخاص بإنشاء مؤسسة عامة تُعنَى بالأمور الحساسة التي تهّم أبناؤنا ومستقبلهم ووضعنا كجالية، فأجابني هذا الشخص المرموق والمرشح للانتخابات بكل وضوح “أنتم متأخرون قليلاً! ولكن هناك دائماً بداية، وأن تبدأ متأخراً خيرٌ من أن لا تبدأ أبداً”.
وبحكم مزاجية المشاركة العربية في يوم الانتخابات في ديربورن هايتس، مثلا، أُجهضت محاولات الجالية في المدينة لدخول مرشحين يعبرون عن الجالية العربية الى المجلس التربوي لمنطقة (كريست وود) التعليمية، حيث يدرس آلاف الطلاب العرب، وكذلك عضوية المجلس البلدي، فلم تتمكن المغامراتٍ الجريئة التي قام بها أكثر من مرشح في الفوز بالانتخابات بسبب الإقبال الضعيف على صناديق الاقتراع الذي أطاح بمحاولة الاندماج في هذا المحيط لإيصال الصورة الحقيقية والعمل من داخل الـ”سيستم” لإحداث التغيير الجوهري في مدينة يزداد العرب الأميركيون فيها بشكل مضطرد.
الآن قد حان الوقت، وآن الآوان لكي نراجع حساباتنا و”نحسبها صحّ”، لكي تكون الرسالة واضحة وصريحة وتكون قدوة لأبنائنا وشبابنا وشاباتنا، وأن “نطلع” من نظرية الاستهزاء بالأمور المصيرية، والعمل الجدي على الانخراط في العملية الانتخابية والتوجه، بدون تردد أو تباطؤ، في يوم الانتخابات الى صناديق الاقتراع والانخراط في العملية الانتخابية التي تقرر مستقبلنا.
وبالعودة الى نوعية الأشخاص المرشحين الى منصب قاض في مدينة ديربورن، فهناك إسم الأستاذ سالم سلامة إبن هذه الجالية التي لعب فيها دوراً كبيراً وشارك في رسم تاريخ وجودها، وكان من اوائل المحاميين العرب الأميركيين الذين وقفوا الى جانب هذه الجالية وأبنائها، وكان في كل تفاصيلها، مشاركاً الجالية أفراحها وأتراحها ومناسباتها، ودائماً تراه في كل حدث يقف مدافعاً عن حقوقها إضافة الى إنضمامه إلى مؤسساتها وتفعيلها بالقرارات الصائبة. وسالم سلامة صاحب تاريخ نظيف وحافل بالعطاءات وليس على إسمه أي علامة إستفهام ولا على قدرته وكفاءته في التأهل الى المرحله الأخيرة من الانتخابات في ٦ تشرين الثاني (نوفمبر) بعد اجتياز المرحلة التمهيدية في ٧ آب (أغسطس)، ومنها الى كرسي العداله لتكريس وإبراز الوجه الحضاري لهذه الجالية. ولكن هذا لن يتم إلاّ بالتوجه في هذين التاريخين الى صناديق الاقتراع وحثّ الأهل والأصدقاء والمؤسسات على العمل الجدي لإنجاح سلامة.
أمّا في مدينة ديربورن هايتس، فهناك التحدّي الكبير لإعادة كتابة التاريخ ولتثبيت الانتصار القديم المتجدد للقاضي العربي الأميركي ديفيد طرفة، صاحب الإبتسامة المميزة، والتواضع اللامحدود، والتاريخ الناصع البياض، المتوج بخبرة واسعة في الجسم القضائي الذي أخذ الرجل المناسب مكانه المناسب فيه. القاضي دايفيد طرفة؛ إسمٌ إذا طرح في أي وقت أو مكان يلقى الإجماع دون تردد. إنه جزءٌ لا يتجزأ من حالات النجاح في هذه الجالية، والتي يشرفنا كعرب أميركيين الالتزام معها. وإعادة إنتخاب القاضي دايفيد طرفة واجب وضرورة مُّلحة لترسيخ حق وإنجاز لا يجوز التساهل به.
أمّا على صعيد مقاطعة وين، فهناك المرشح المحامي عادل حرب، الشاب الطموح المثابر الذي فرض وجوده في المعترك السياسي والقضائي بالصدق والعمل والمثابرة والالتزام إلى أن قّدم ترشحه لمنصب قاض في محكمة مقاطعة وين. المحامي عادل حرب من خيرة شباب جاليتنا ويستحق أصوتنا في آب المقبل.
بالمحصلة، إن الجالية العربية في مدينة ديربورن، بجميع أطيافها، ومؤسساتها شاملة، وفعالياتها، ومسؤوليها أمام إمتحان كبير، وكبير جداً، من حيث ضرورة العمل المشترك والتكاتف لإيصال سلامة إلى كرسي العدالة، بدون تردد. والجالية في مدينة ديربورن هايتس أيضاً أمام اختبار إعادة تثبيت الإنجاز المميز للقاضي طرفة والثبات على إنجاح تكرار التجربة. والجالية على صعيد مقاطعة وين، أيضاً، مطلوب منها العمل بجهد لدعم المحامي عادل حرب، حيث لا يوجد أي قاض عربي في محكمة المقاطعة التي يتركز فيها العرب الأميركيون.
منذ هذه اللحظة، وحتى يوم السابع من آب القادم موعد الإنتخابات التمهيدية، علينا جميعاً أن نكون في حالة إستنفار دائم، والبدء بتسجيل أصواتنا للتمهيد بالمشاركة يوم ٧ آب لنثبت لأنفسنا وللآخرين بأننا جديرون بالاحترام وقادرون على صناعة القرار.
نرجو عدم الأخذ بنظرية “النأي بالنفس”.. والعمل بمقولة “شو هيّ وقفت عليّ”..
نعم، وبكل صراحة، وقفت عليك، وعليّ، وعلى كل فرد من أبناء الجالية.
الماضي وراءنا، والمستقبل أمامنا، ومستقبل جاليتنا نحن نكتبه.. بإذن الله.
Leave a Reply