تسوية بين أقطاب الأكثرية حول الإنفاق المالي استدراكا لسقوط الحكومة
أخيرا، مرر مجلس الوزراء التسوية التي ابرمت بين مكونات فريق الأكثرية، فأقر في جلسته المنعقدة في القصر الجمهوري، الموافقة على مشروع قانون معجل بفتح اعتماد اضافي بقيمة 10394 مليار ليرة لبنانية لتغطية نفقات الادارات والمؤسسات العامة عن العام 2012 والموافقة على مشروع مرسوم باعطاء سلفة خزينة بالمبلغ لوزارة المال والطلب من وزير المال اعداد صيغة وعرضها على مجلس الوزراء. كما وافقت الحكومة على سلفة خزينة بقيمة 150 مليار ليرة لبنانية تسدد بقانون خاص لتمويل المشاريع الانمائية في طرابلس وكذلك وافقت على مشروع قانون برنامج لمدة سنتين بقيمة 450 مليار ليرة لبنانية لتمويل مشاريع انمائية في محتلف المناطق اللبنانية.
وجاءت التسوية نتيجة نقاش موسع في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي وحضور الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وجبران باسيل ومحمد الصفدي، علما ان التسوية ستطال مختلف الملفات ومن بينها التعيينات الادارية، على ان تعالج القضايا الخلافية اللاحقة بشكل متدرج.
ومن بين بنود الاتفاق الأكثري، إنجاز مشروع قانون الانتخاب بأسرع وقت على قاعدة اعتماد النسبية تحديدا، ليحال بعد ذلك الى مجلس النواب كي يحسم النقاش حوله، معه او ضده، فيما قرر النائب وليد جنبلاط التصويت ضده في مجلس الوزراء.
ويمكن القول ان التسوية ما كانت لتمر بهذه السرعة لولا تتالي الاحداث الأمنية وتزايد الحديث عن احتمال سقوط الحكومة، بعد فشلها في ضبط الأمن اولا والتعامل بايجابية مع مطالب مختلف الشرائح الشعبية والنقابية والعمالية.
على مسار مواز، لم يحسم “تيار المستقبل” موقفه من المشاركة في جلسة الحوار الوطني المقررة مطلع الاسبوع المقبل، على الرغم من رغبة الملك السعودي في عقد الحوار بهدف استعادة دور الطائفة السنية في لبنان، بحسب ما توحيه رسالته الدبلوماسية الاخيرة. وان كانت قوى 14 آذار (مارس) تميل للمشاركة “ضمن الثوابت التي حددناها لا باعتبارها شروطا للحوار، بل ضمانة لنجاح الحوار، وإذا وجدنا ان الجو غير ملائم لنجاح الحوار فلن نستمر فيه”، فإنها وجدت في فرصة التصويب باتجاه خطاب أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي دعا الى عقد مؤتمر تأسيسي لقيام الدولة.
طرابلس مكانك درّ
على الرغم من تدخل الجيش بحزم لضبط الوضع، إلا ان الاشتباكات واعمال القنص لم تتوقف على محور جبل محسن–باب التبانة. ويبدو واضحاً ان الامور لن تهدأ الا بتسوية سياسية كبرى، قد لا تكون بيد اللبنانيين، ذلك ان مجريات الملف السوري توحي بقوة الى اتجاه للتأزيم الواسع، وبالتالي تصاعد احتمال انفجار الاحتقان الطائفي والمذهبي في لبنان.
وفي موقف لافت للانتباه، اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل “أن ما يجري في طرابلس هو لا شك امتداد لما يحدث في سوريا، ونحن منذ فترة نلاحظ ان النظام (السوري) يحاول ان يحول الصراع الى صراع طائفي”. وأضاف الفيصل: “هذه من الاشياء التي لا تهدد لبنان فقط، بل سوريا نفسها، لأنها قد تقسم البلد وهذه ظاهرة خطرة جدا، وان دلت على شيء، فإنما تدل على ان هذا الصراع طالما انه امتد، فإنه سيخلق ظروفا اسوأ مما هي عليه الازمة”.
من ناحيته، تابع الرئيس نبيه بري الوضع في طرابلس، من خلال اتصالات أجراها مع الرئيس نجيب ميقاتي وقيادات المدينة. وبعد تبلغه التوافق على الهدنة، تلقى اتصالا من مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار الذي نقل له ان الوضع في المدينة يزداد سوءاً، وأن القذائف تنهمر بغزارة على أحيائها، وتمنى عليه ان يتدخل من جديد لوقف التدهور.
وعلى الفور، عاد بري الى مقره في عين التينة حيث باشر بإجراء اتصالات مع الرئيس ميقاتي والوزير فيصل كرامي وعدد من فعاليات طرابلس لوقف الإنفلات.
وليس بعيدا عن طرابلس، تتخذ قضية المخطوفين اللبنانيين الاحد عشر في سوريا أهمية استثنائية كونه يُراد منها الاستثمار المذهبي، وهو ما تداركه السيد نصرالله بدعوته الناس الى الانسحاب من الشارع وعدم قطع الطرقات.
ولئن كانت تصريحات نواب “حزب الله” وحركة “امل” تؤكد على ضرورة الهدوء والتعاطي بعقلانية مع القضية، فإن الدور الذي تمارسه بعض وسائل الإعلامي في سياق بحثها عن سبق صحفي يزيد من تعقيد الموضوع على حساب أعصاب الاهالي المنتظرين لمعرفة أي جديد بخصوص مصير المخطوفين.
Leave a Reply