نجد أن وسائل الاعلام تقوم بالتركيز على الأوضاع في سوريا بينما تتجاهل الأوضاع الصعبة القائمة في اليمن، هذا ربما لأن شباب “الثورة السورية” يجيدون فن التعامل مع الانترنت و”اليوتيوب” والوصول الى وسائل الاعلام المختلفة بفيديوهات مسجلة عن طريق الهواتف المحمولة، أما في اليمن فيحدث ما هو أصعب وأخطر ولا نجد من يسلط الأضواء علىه، وذلك لعدة أسباب منها خوف الناس من السلطات من جهة، ومن تنظيم “القاعدة” من جهة أخرى، وأيضاً بسبب يأس الشباب من أن يقوم المجتمع الدولي بدوره تجاه قضايا اليمن إضافة لانتشار وتفشي الجهل والفقر وقلة الامكانيات والموارد لإيصال صوت الشعب للعالم. وفوق كل كذلك يتجاهل الاعلام القضايا اليمنية رغم أهميتها، مثل تولي رئيس جديد الحكم وهو نائب للرئيس السابق بعد أن كان المرشح الوحيد في انتخابات غير نزيهة وعادلة
النظام بقي كما هو ولم يتغير شيء سوى اسم الرئيس فقط، وظل هذا النظام الفاسد والظالم بنفس الممارسات القمعية السابقة للمعارضين، ولازال أقارب الرئيس السابق في مناصبهم القيادية في الدولة ولم تحقق الثورة بذلك أي من أهدافها وهي لا تزال قائمة في الجنوب.
ولو قمنا بمقارنة بين الوضع في سوريا واليمن نجد التالي على سبيل المثال لا الحصر:
1- خطر تنظيم “القاعدة” في اليمن أكبر بكثير من خطره في سوريا. حيث يوجد في اليمن اكبر تواجد للتنظيم على مستوى العالم وهو يقوم بتكثيف عملياته بشكل مستمر ضد المدنيين وفصائل الحراك الجنوبي، وقام مؤخرا باحتلال مناطق متعددة في الجنوب لاسيما في أبين وشبوة وأحكم السيطرة عليها وأصبحت اليمن نسخة أخرى من افغانستان أيام حكم طالبان.
2- في سوريا نجد المشكلة الوحيدة هي في مطلب تغيير النظام، أما في اليمن فتوجد عدة مشاكل منها تنظيم “القاعدة” وعملياته المتتالية من اختطاف وقتل وتفجير، والحوثيون في الشمال وحربهم المستمرة بدعم من إيران إضافة الى ”الحراك الجنوبي” المتواصل في الجنوب لتحقيق المطالب المشروعة في فك الارتباط والاستقلال بالوسائل السلمية وللمطالبة بالإفراج عن المعتقلين الجنوبيين في سجون النظام الحالي والاحتجاج على سياسات صنعاء في الاضطهاد والاستبداد والاغتيالات المتكررة، كما يعاني اليمن اليوم من خطر انقسام الولاءات العسكرية جراء ممارسات فلول الرئىس علي صالح وهم قادة في الجيش وقد تم عزل بعضهم. وفي حال انفراط عقد الجيش ستندلع حرب أهلية مباشرة بعد ذلك.
3- في بحث جديد لمؤسسة “ميبلكروفت” العالمية تبين أن من بين الـ20 دولة الأكثر عرضة للخطر والإرهاب في العالم ولم نجد سوريا في مقدمة هذه الدول ولكن وجدنا اليمن تحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم، واعتمد البحث على أحدث البيانات المتاحة حول الحوادث الإرهابية خلال 12 شهرا السابقة للتقرير، كما اعتمد البحث على الحوادث التاريخية لهذه البلدان على مدى 5 سنوات ماضية.
4- صنف تقرير دولي صدر أخيراً اليمن ضمن الدول الأكثر فشلاً في العالم وأبقى صندوق السلام العالمي اليمن ضمن الدول الفاشلة وللعام الثالث على التوالي ظلت اليمن ضمن 60 دولة يعتبرها الصندوق الأكثر سوءاً في عدد من المؤشرات أهمها حكم القانون وحقوق الإنسان والتدخل الخارجي والنمو غير المنتظم والاقتصاد والخدمات العامة، ولم يشير التقرير الى سوريا.
ولو تم النظر الى “الحراك الجنوبي” تحديدا، ومن ينتسب اليه، نجد أنه أصبح بين مطرقة النظام الظالم القائم في صنعاء من اعتقال وسجن وتعذيب، وسندان تنظيم “القاعدة” الذي يقوم بعمليات ارهابية يومية مثل التفجير والخطف والتهديد والمساومة بالأرواح صولا الى القتل الجماعي.
إن المجتمع الدولي ودول العالم مطالبون بتوفير جميع أنواع الحماية لليمنيين المدنيين الهاربين من جحيم الأوضاع السيئة في اليمن، تحديداً كما حدث مع السوريين، خصوصاً لمن لهم عوائل ولمن لهم آراء سياسية وصدرت بحقهم أوامر القبض عليهم مواقفهم أو مشاركتهم في المظاهرات السلمية، وعدم ترحيلهم الى بلدهم لأنهم سيصبحون في خطر حقيقي.
حقوقي جنوبي-ميشيغن
Leave a Reply