نفى تورط بلاده بتسليح المعارضة مباشرة.. واستبعد انخراط واشنطن بحرب مباشرة
عقد السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، اجتماعاً مع سوريين أميركيين، معظمهم من المعارضين، في مدينة بيفرلي هيلز (ميشيغن) في ٢٢ حزيران (يونيو) الماضي، تخلله ندوة طرح خلالها المجتمعون الأسئلة على فورد عن مجمل الأحداث وأفق الأزمة في سوريا. وقد شارك في الاجتماع عضو الكونغرس الأميركي النائب الديمقراطي عن ميشيغن غاري بيترز الذي قدم السفير الى الحضور الذين قارب عددهم 200 شخص
بدأ فورد الاجتماع عبر عرض وجهة النظر الأميركية لطبيعة الأزمة في سوريا، مؤكداً أن جهود واشنطن “لن تتوقف حتى يتم رحيل (الرئيس) بشار الأسد”، وقال “إن الولايات المتحدة تريد وقف العنف، والبدء في عملية الانتقال السياسي، وقيام حكومة تمثيلية مع احترام حقوق الإنسان”. وأضاف أن عائلة الأسد يجب أن تغادر السلطة كجزء من حل الأزمة السورية. كما أشار، فورد الذي لقي الشكر على ”زيارته الشجاعة” لمدينة حماة العام الماضي الى أن روسيا والصين متمسكتان بمبدأ عدم رحيل الأسد.
وتبني موسكو وبكين مواقفهما على مبدأ يقول أن بقاء الأسد أو رحيله لا يجب أن يتم تحت ضغط خارجي أو عبر مساعدات عسكرية للمتمردين، بل يعود للسوريين وحدهم تحديده. إلا أن الإدارة في واشنطن، بما في ذلك الرئيس باراك أوباما، تؤكد منذ أشهر طويلة ان الاسد ليس لديه أي شرعية ويجب ان يتنحى.
وتحدث السفير الأميركي في الاجتماع باللغتين العربية والإنكليزية ليشرح رؤية بلاده للأزمة السورية.
وسأل أحد الحضور فورد عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة لا تفعل المزيد للمساعدة في سوريا.
فأجاب فورد أن بلاده تفعل ما بوسعها، مؤكداً أن “نحو 1,5 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة”، وأن “ما يقرب من مليون شخص نزحوا عن منازلهم”، مشيرا الى أن الولايات المتحدة قدمت 53 مليون دولار كمساعدات إنسانية، في معظمها إلى اللاجئين في لبنان. ولكنه قال أن ذلك ليس كافياً ولكن الولايات المتحدة لديها التزامات للمساعدة عبر برامج أخرى في جميع أنحاء العالم.
ولم يخض السفير الأميركي بتفاصيل الدعم المباشر الذي تقدمه واشنطن للمسلحين في سوريا ملمحاً الى تنسيق بلاده مع “دول” تدعم هؤلاء، ولكنه أكد أن “عدم قدرة نظام دمشق على شراء النفط وتناقصه وندرة العملات الصعبة بدأ يسبب مشاكل كبيرة للأسد، الذي بدأت حكومته تخسر المعركة شيئا فشيئا”.
وعلى المستوى الميداني قال فورد إن القوات السورية “بدأت تخسر المعارك في ادلب وحلب وحمص وحماة ودير الزور وأجزاء من ريف دمشق”. وأكد “انهم يخسرون سيطرتهم على الريف”. وقال فورد “بدأ نفاد الأموال يستنزف النظام في المقابل يبيعهم الروس الاسلحة نقدا”.
إلا أن أقوال فورد تدحضها التطورات الميدانية في سوريا حيث قام الجيش بتطهير بؤر كثيرة لاسيما في اللاذقية وريف حلب وريف دمشق، وخاصة مدينة دوما التي تعتبر عريناً للإسلاميين في سوريا.
وفي مداخلة له قال سوري أميركي معارض لإزالة النظام السوري من قبل قوى خارجية “سياسة أوباما مروعة، وغير دستورية ومنافقة”، ثم سأل “ماذا لو دعا الأسد أوباما لمغادرة الحكم بسبب شعبيته المتخلفة، والحروب غير الدستورية ، الخ”؟
أدى هذا التعليق الى حالة من الفوضى وتبادل الصراخ بين الجانبين في الجمهور، من المناهضين والموالين للنظام السوري، قبل أن يذكّر منسق الاجتماع بضرورة التمسك بالهدوء، مشيرا إلى الطابع الديمقراطي للندوة.
واقتصر رد فورد على السؤال بأن “الامم المتحدة لديها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان… وسوريا وقعت عليه في عام 1948، ويقتضي هذا الإعلان من جميع الدول الموقعة عليه أن تسمح بحرية التعبير وغيرها من الحقوق وقد أعلنت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن سوريا قامت بإنتهاك جميع هذه الحقوق”.
وفي الندوة نفى فورد ما جاء في تقرير “نيويورك تايمز” ووسائل إعلامية أخرى أن وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) تساهم في شحن الأسلحة للمسلحين في سوريا، مؤكداً ان الولايات المتحدة تسعى لإقامة محكمة دولية لجرائم الحرب التي يرتكبها الأسد” متجاهلا إعلان إدارته بدعم المسلحين بـ”وسائل الاتصال”.
ولكن فورد لم ينفِ إن تنظيم “القاعدة” هو “بالتأكيد هناك” بين صفوف المسلحين، وأن الناس يتحولون اليه بسبب سياسة الاسد. وأضاف فورد ان الولايات المتحدة لن ترسل جنودها ولكن الخيار لا زال مطروحا على الطاولة.
ويذكر أن نشاطات المعارضة السورية في الولايات المتحدة شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال الأشهر الأخيرة، في حين يناقش نشطاء من المعارضين للحرب على سوريا إمكانية تنظيم اعتصامات أو تظاهرات تطالب واشنطن بعدم تسليح المعارضة في سوريا التي يسيطر عليها “المتشددون والإرهابيون”.
وفي مقالة له نشرت في العدد الماضي من “صدى الوطن”، انتقد البروفسور في “جامعة ميشيغن-آناربر” رون ستوكتون الاجتماع، حيث قال “كان واضحاً تركيز السفير فورد الشديد خلال حضوره أمام الجالية السورية على المصالح الاميركية”… وأضاف كان مسؤولا أميركياً يشرح وجهة النظر الأميركية حول الأزمة السورية لا من وجهة النظر السورية”.
ووصف ستوكتون ما قد يحدث بالمنطقة وبالأمن العالمي اذا شُنت الحرب على سوريا بـ”المدمر” قائلا: “إذا تدهورت الحالة في سوريا، فإن المنطقة كلها سوف تعاني، ويتزعزع استقرارها وسيكون هناك تأثير مدمر على كل من الأمن الإقليمي والدولي بما في ذلك الوضع بين سوريا وإسرائيل، وتفاقم الوضع اللبناني، ووقوع الاسلحة في يد الإرهابيين وربما الأخطر من كل ذلك، تفاقم الصراعات الدينية في العالم الاسلامي.. أمر مخيف”.
كما اشار ستوكتون الى أن حسن النوايا التي أبداها فورد تجاه الوضع الإنساني للاجئين السوريين لكنه أكد أن نتائج الحروب لا تحسم بالنوايا موضحا انه “عندما يحاول بلد عملاق فعل الخير، فإنه يمكن في نهاية المطاف ان يخلق حالة من الفوضى. ويمكن أيضا في نهاية المطاف اتهامه بازدواجية المعايير والنفاق، والخداع”، مؤكدا أن هذا ما يحصل فعلاً في بعض الحالات برأيه.
وفي معرض حديثه عن امكانية شن الحرب على سوريا من عدمها ذكر بما صرح به السفير فورد خلال الاجتماع مع الجالية السورية “فورد قالها بكل وضوح: لا نعيش في العام 2003” (عام غزو العراق)… وشدد على “أننا أحترقنا وأفلسنا من قبل في العراق وأفغانستان ولن نتورط في حرب أخرى، حتى لو كان النظام المستهدف يستحق أن يطاح به”.
وألمح ستوكتون بأن الحرب على سوريا ليس بالمشروع الجديد وانما ولد المشروع بعد الاطاحة بصدام حسين مشيرا الى ماجاء في مذكرات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير التي قال فيها “نائب الرئيس ديك تشيني أراد أن يرسل الجيش الاميركي الى سوريا فور الاطاحة بصدام”. وقال بلير، حسب ستوكتونو “إذا ما حدث ذلك، فبريطانيا لن تشارك في ذلك”.
وفي إشارة الى الدعم العسكري الذي تلقاه المعارضة المسلحة في سوريا من السعودية وقطر خاصة، قال ستوكتون “السفير فورد قالها بكل وضوح أن بلدان أخرى (المملكة العربية السعودية وقطر، على سبيل المثال) هي التي تشحن وتبعث بالأسلحة ونحن ننسق معهم”.
Leave a Reply