حلّ عيد الجيش في الأول من آب هذا العام مميزا على الشعب اللبناني، بعد أن فُتحت فجأة أبواب الحلول لملفات رئيسية ظلت تؤرق بال اللبنانيين طوال الأسابيع الماضية، من دون ان تتضح بعد أسباب الانفراجات المفاجئة.
البداية كانت من صيدا، حيث تم تكليف وزير الداخلية مروان شربل بإخراج اللمسات الأخيرة على عملية فك اعتصام الشيخ أحمد الأسير بعد مفاوضات وراء الكواليس ولعبة شد حبال سياسية قادها الثنائي «حزب الله – حركة أمل» بنجاح بالتعاون المباشر مع النائب اسامة سعد وتياره في عاصمة الجنوب، في حين خاضت قوى اسلامية في مخيم «عين الحلوة» دور الوساطة مع الأسير الذي اشترط البحث في الاستراتيجية الدفاعية بجدية على طاولة الحوار، مع إعطائه ضمانة بعدم ملاحقته قضائيا بعد فك الاعتصام وضمان حرية أي تحرك يقوم به تحت سقف القانون، إضافة الى العمل على الافراج عن الموقوفين السنة الذين لم تتم محاكمتهم منذ أكثر من خمس سنوات، وحماية مسجد بلال بن رباح في عبرا، وعدم القيام بأي توقيفات اعتباطية وتعسفية.
على خط مواز، شهد ملف سلسلة الرتب والرواتب تقدماً هاماً، بحسب ما صدر عن الاجتماع الذي ترأسه الرئيس نجيب ميقاتي في السراي للجنة الوزارية المكلفة بالملف، إذ أعرب علي حسن خليل عن تفاؤله، مشيرا الى وجود تقدم في موضوع الارقام، «لكن هناك حاجة الى جلسة أخرى لنتوصل الى حل نهائي».
وفي ملف منفصل، تقدمت المفاوضات لحل قضية المياومين، حيث تم تذليل العقد الرئيسية مع توقعات بأن يبصر الحل النور خلال ساعات، على ان يشرف على تنفيذ الاتفاق الحكومي لجنة مشكّلة من كلّ من وزارة العمل والاتحاد العمالي العام.
ووصلت قضية المياومين الى نهايتها السعيدة بعد اتصالات مكثقة قادها «حزب الله» وسليمان فرنجية بين كلا من الرئيس نبيه بري والجنرال ميشال عون.
وتقوم الخطة المقرر تطبيقها على صيغة توفيقية تقرن القانون الذي أقر في الهيئة العامة، بمرحلة انتقالية تسبق مباراة التثبيت، يتخللها توقيع عدد من المياومين والجباة عقوداً مع شركات مقدمي الخدمات.
في هذه الأثناء، تميز الاحتفال بعيد الجيش بموقف لافت لرئيس الجمهورية العماد ميشال سيمان الذي دعا القضاء الى أن يصدر الاحكام على الذين اعتدوا أو تطاولوا على الجيش، «من دون تردد أو خوف أو حسابات من أي نوع كان»، في اشارة الى الحملة العنيقة التي يقودها النائب عن تيار «المستقبل» معين المرعبي ضد المؤسسة العسكرية.
وكان المرعبي اتهم الجيش بتنفيذ «أعمال وسخة»، واعتبر أن قائده يقدم أوراق اعتماده يومياً إلى سوريا وإيران، ما استدعى موقفاً حازماً من قيادة الجيش التي أعلنت عن المباشرة في اتخاذ الإجراءات لملاحقة النائب المذكور أمام الجهات المختصة.
الى ذلك، وجّه قائد الجيش العماد جان قهوجي «أمر اليوم» للعسكريين، وأكد فيه أن المواجهة مع العدو الإسرائيلي ستبقى قائمة، لإحباط مخططاته وحتى تحرير آخر ذرة تراب من أرضنا المحتلة.
وأكد قهوجي جهوزية الجيش للحد من تداعيات الأحداث السورية على لبنان «وحماية أهالي المناطق الحدودية، ومنع انتقال الفتنة إلى الداخل، وهو لن يسمح بتحقيق رغبات الكثيرين، في تحويل الوطن إلى ساحة تترجم فيها الخلافات السورية، والإرادات الإقليمية، أو في إقامة أي منطقة عازلة خارجة عن سلطة الدولة وسيكون رده حاسماً وفاعلاً».
موقع ودور الجيش كانا أيضا محط اهتمام أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله في كلمته في الافطار السنوي لهيئة دعم المقاومة، خلال حديثه عن الاستراتيجية الدفاعية، حيث فندّ دعوات اخضاع سلاح المقاومة للدولة، معتبرا أن «نقاش استراتيجية تحرير يؤدي الى تثبيت المقاومة، لذلك لا يريدون وضع استراتيجية كهذه». ورأى السيد أنه «إذا كان هدف الحوار جادا في التوصل لاستراتيجية دفاعية لحماية لبنان، فهذا الهدف أقدس من أي قضية أخرى، ولا يجب ان يعطل لأي سبب، لكن الهدف لم يكن ذلك»، رافضاً «ابتزاز الدولة» من قبل فريق «14 آذار» للعودة الى الحوار.
في هذا الوقت، دقّ المطارنة الموارنة جرس الإنذار الاقتصادي، منبهين الى أن شبح الانهيار الكبير بدأ يلوح، ومؤشرات إفلاس الدولة واضــحة، وذلك عــبر نداء الأول من آب الذي اطلقوه اثر اجتماع موسع لهم في الديمان برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي.
وجاء في النداء الذي بدا أقرب الى ورقة اقتصادية اجتماعية متكاملة، أنه «أمام أخطار الانهيار الكبير والوصول الى فشل العقد الوطني-الاجتماعي، يطلق الآباء صرخة تحذير كبرى من خطر تزامن هذا الفشل مع المتغيّرات السياسيّة الكبرى الحاصلة في المنطقة، ما قد يشكّل، لا سمح الله، الشرارة التي في اندلاعها قد يبدأ انحلال لبنان».
Leave a Reply