«من قرأ هذا الدعاء بعد كل فريضة في شهر رمضان غفر الله ذنوبه إلى يوم القيامة». «من قرأ هذا الدعاء يعطيه الله أربعين ألف مدينة.. كل مدينة تسع عشرة أضعاف الكرة الأرضية». «من يقرأ هذا الدعاء يستغفر له كل شيء»… هذه الكلمات غيض من فيض نقرأه، في بريدنا الإلكتروني وصفحات «الفيسبوك» وفي كتب الأدعية مثل كتاب «ضياء الصالحين». ولكن بما أننا في شهر رمضان المبارك، الذي من صامه احتساباً وقربة لله، غفر الله له ما تأخر وما تقدم من ذنوبه.
فهل صحيح أن قراءة الأدعية، خصوصاً في شهر رمضان، هي «محايّة» لشطب الذنوب الذي يقترفها الإنسان على مدار السنة؟ يعني مثلاً لو أن القذافي لازال حياً يرزق وصام شهر رمضان ودعا بدعاء من هذه الأدعية، سوف يغفر الله له ما تقدَم من ذنوبه وما تأخر؟ وهل كل ما اقترفته ليلى الطرابلسي وسوزان مبارك وكل الزوجات الرئيسات اللواتي نهبن وسرقن بلادهن، يمكن محوه ببساطة بمجرد دعاء،، والسلام عليكم ورحمة الله وعفى الله عما مضى؟
عندما يقع الإنسان في كرب عظيم، يلجأ إلى الله ويرفع يديه إلى السماء ويدعوه تعالى ويتضرع ويتذلل إليه، ولكن البعض لا يلقون إسجابة لدعائهم، لماذا؟
ورد في حديث قدسي: «تعرَف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدَة». فالعبد الذي لا يتّقي الله ولا يحفظ حدوده ويرعى حقوقه في حال الرخاء، ويقطع كل صلة بينه وبين ربه، لا يتوقع أن ينجيه الله ويستجيب لدعائه عند نزول الشدائد عليه. والله غفور رحيم ولكنه عادل أيضاً.
والذي يزيد المشهد مرارة وقنوطاً، إنه في عواصم بلاد العرب أوطاني يوجد بين الجامع والجامع، جامع، فيها ترفع الصلوات والدعوات في هذه الأيام المباركة لحقن دماء العباد التي تسفك يصورة لا يقبلها عقل ولا ضمير، فأين الله عز وجل ولماذا لا يستجيب دعاء عباده الضعفاء الذين لا يملكون إلا الدعاء والذين ليس لهم سلاح إلا البكاء. أين أنت يا الله؟ أين أنت يا سامع الصوت ويا سابق الفوت وقد قلت «ادعوني أستجيب لكم» فما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟
ليس بالدعاء وحده يحيا الإنسان. صحيح أن الدعاء من أقوى أسباب دفع البلاء فهو ينفع مع ما نزل من البلاء ومع ما لم ينزل، ولكن الحقيقة المرة، أن أكثر المسلمين عرفوا الله ولم يطيعوه، وعرفوا القرآن ولم يتعلموا منه، وأكلوا نعمة الله ولم يشكروه، وعرفوا الشيطان فلم ينكروه، وتركوا عيوبهم وانشغلوا بالقشور والتفاهات وارتكبوا الفواحش والمعاصي ودعوا الله غير مخلصين له الدين. فهل يُستجاب الدعاء و«قد عصيت من قبل وكنت من المفسدين»؟.
نحن نعيش أيام محن وكرب وعذاب، ندعو فيها فلا يستجاب لنا، وعدم إخلاص الناس وتفشي الفساد والشر سدً منافذ السماء وضاقت الأرض بما رحُبت وابتعد الإنسان عن ربه ولم يعد جل جلاله قريب يستجيب دعوة الداعين.
Leave a Reply