فعاليتان فـي ديربورن فـي ٢١ و٢٨ الجاري للتنديد بالإساءة للرسول والعنف والكراهية
المسلمون الأميركيون يدينون الفيلم المسيء.. والعنف كوسيلة احتجاج
ديربورن هايتس – خاص «صدى الوطن»
بالرغم من تفهّم غضب العالم الإسلامي الذي يعمّ مشارق الأرض ومغاربها رداً على الفيلم الأميركي المسيء للنبي
مؤتمر صحفي في دار الحكمة الإسلامية» |
محمد (ص)، «براءة المسلمين»، إلا أن ردود الفعل العنيفة التي رافقته ما كان ينبغي أن تكون من وسائل التعبير عن هذه المشاعر. تلك كانت الرسالة التي أجمع عليها المسلمون والعرب الأميركيون في منطقة ديترويت في العديد من الفعاليات التي أقيمت خلال الأسبوع الماضي، والتي ستستتبع بفعاليتين احتجاجيتين، الأولى اعتصام سيقام أمام «المركز الإسلامي في أميركا» يوم الجمعة ٢١ أيلول (سبتمبر) (مع صدور هذا العدد)، والثانية، مهرجان بدأ العمل الحثيث للحشد له في مركز «السيفيك سنتر» في ديربورن بدعوة من مؤسسات عربية دينية واجتماعية وحقوقية.
وقد بدأت الفعاليات المنددة بالفيلم وردود الفعل الدموية عليه في ندوة صحافية عقدت يوم السبت الماضي في «دار الحكمة الإسلامية» في ديربورن هايتس، بمشاركة رجال دين مسلمين ومسيحيين، إضافة الى مدير «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية-فرع ميشيغن» داوود وليد الذي اعتبر أن الرد الأمثل على الفيلم ومن يقف خلفه هو «الحوار المدني الرصين»، مؤكداً أن التعديل الأول في الدستور الأميركي الذي يكفل حق حرية التعبير «يحمّل أيضاً من يمارسون هذا الحق مسؤولية أفعالهم».
وأضاف وليد «علينا أن نتذكر أن هناك 1,6 مليار مسلم في العالم.. سبعة ملايين منهم في الولايات المتحدة. وإن الضالعين في الاحتجاجات العنيفة لم يتجاوزوا البضعة آلاف وليس منهم واحداً في أميركا».
جانب من الاجتماع في «النادي اللبناني» تحضيراً لمهرجان ٢٨ الجاري |
من جانبه، قال إمام مركز «دار الحكمة» الشيخ محمد إلاهي، إنه مع حرية التعبير، ولكنه لا يؤيدها «حين تستخدم لبث الكراهية». مؤكداً أن «صناع هذا الفيلم ليسوا مناهضين للإسلام فقط وإنما لأميركا أيضاً».
وأثنى إلاهي على ردود الفعل الرسمية الأميركية، ولاسيما شجب الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلنتون الفيلم وللاحتجاجات العنيفة، والذي اعتبره إلاهي «منطقياً وشاملاً». وأضاف «لقد أدارا الأزمة بحكمة بالغة.. فهذا وقت الوحدة وليس وقت المهاترات السياسية»؟كما دعا الشيخ إلاهي «كل من لديه مشكلة مع التعاليم أو التاريخ الإسلامي مرحب به دائماً على طاولة الحوار.. فالإسلام دين محبة ومنطق ولا يمكن إطفاء نوره ببعض التعابير المسيئة».
ويذكر أن القس المعادي للإسلام تيري جونز يعتبر أحد أبرز المؤيدين للفيلم، كما أنه ينوي أن يتظاهر مرة أخرى في مدينة ديربورن في 10 تشرين الأول (أكتوبر) القادم أمام ثانوية «أدسيل فورد» في محاولة استفزازية جديدة للجالية الإسلامية في المدينة. ويحتج جونز هذه المرة على ما أسماه ضد بلطجة الطلاب المسلمين ضد الطلاب من الأديان الأخرى في المدرسة الثانوية.
وعلق السيد حسن القزويني على سؤال يتعلق بزيارة جونز، بالقول «أعتقد أنه علينا اغفاله»، فهو، حسب رأي إمام «المركز الإسلامي في أميركا» يسعى لاجتذاب انتباه الآخرين واستفزازهم.
وذكّر وليد أن جونز استدعي للاجتماع بقادة الجالية المسلمة في منطقة ديترويت لكنه رفض، ليؤكد ذلك نيته في إثارة البلبلة فقط لاسيما وأنه بارع في استغلال وسائل التواصل الاجتماعية عبر الانترنت.
وبدوره، عاد غالب بيغ، الناشط في مجال تقارب الأديان وعضو الهيئة التنفيذية «لمجلس أئمة المساجد في ميشغين» عاد ليؤكد بكلمة مكتوبة، قرأها في المؤتمر الصحفي الذي حضره حشد إعلامي ملفت، على «الحزن العميق الذي تشعر به الجالية» لمقتل السفير الأميركي ورفاقه، وقال بيغ «إن القران ينص على أن من قتل نفساً بغير ذنب فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعاً». وأضاف أن «أئمة المساجد مع الحرية، ولكنهم ضد استغلالها في تسعير حمى الكراهية من خلال المنشورات والافلام المعادية سواء كان مصدرها الأفراد أو الجماعات». وقال هذه التصرفات الصادرة من متطرفين ينبغي عدم السماح بها، لأن من شأنها التشويش على «الحريات المنبثقة عن «الربيع العربي» والسلام الاجتماعي في كل مكان» وأضاف «نحث جميع المسلمين على التصدي بالوسائل السلمية لأي أفعال عدوانية أو استفزازية تستهدف عقيدتهم».
وكان السيد القزويني قد عاد مؤخراً من مأدبة العشاء السنوية التي اقيمت في وزارة الخارجية الأميركية في العاصمة واشنطن وحضرتها كلينتون، ليؤكد في لقاءات صحفية إدانة الهجمات التي طالت عدة بعثات دبلوماسية أميركية في العالم العربي ولاسيما في ليبيا. وقال «إن اللجوء للعنف ليس مبرراً» وأكد أن «الإسلام علمنا احترام وتقدير الضيوف والسفراء.. وليس هناك في الإسلام ما يدعو للتسامح مع القتلة»، ولكنه أضاف «في الوقت نفسه لا يمكننا السكوت على فيلم مثل هذا.. بامكاننا فعل المزيد لوقف شرارة العنف فالسماح بعرض هذا الفيلم سيكون له انعكاسات واسعة على جنودنا ودبلوماسينا والأميركيين في الخارج».
وقال القزويني في خطبة يوم الجمعة الماضي إنه انزعج لرؤية متطرفين ينزلون العلم الأميركي في إحدى السفارات ويرفعون مكانه علم تنظيم «القاعدة». وقال «القاعدة هي أخر منظمة يحق لها التحدث باسم المسلمين.. فالمسلمون لا ينبغي لهم السكوت عند مهاجمة نبيهم.. ولكن لا يجب أن نسلك طريق العنف».
ودعا القزويني أبناء الجالية ورجال الدين من كافة الديانات الى المشاركة في الاعتصام أمام «المركز الإسلامي» في 21 أيلول، مشدداً على دعوة القيادات الإسلامية السنية لتأكيد الوحدة الإسلامية في إدانة الإساءة للدين الحنيف. وأضاف «إنه على الجالية الإسلامية أن تقف بوجه تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة والتي يدعمها بعض السياسيين لمصلحة أجنداتهم».
وفي كاليفورنيا، عقد «مجلس الشؤون الإسلامية العامة» (أمباك)، و«الكنيسة القبطية الأورثوذكسية في لوس أنجلوس» مؤتمراً صحافياً في مبنى بلدية مدينة لوس أنجلوس للتأكيد على إدانة الفيلم «الذي لا يهدف إلا لإهانة الآخرين» حسب الدكتور ماهر حتحوت من «أمباك» الذي قال «إننا نرفض وبكل وضوح كل محاولة لتعميم أفعال فردية على جماعات كاملة»، في إشارة منه الى رفض اتهام الأقباط بالوقوف خلف الفيلم وكذلك رفض اتهام المسلمين بالعنف.
وأضاف حتحوت «هؤلاء ليسوا مسلمين ولا أقباط بل هؤلاء مختلون قلوبهم مليئة بالكراهية وعقولهم مريضة». وتابع «علينا أن نمنع هؤلاء من أن يستولوا على الساحة»
وكان المدير الإقليمي «للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز» (أي دي سي) فرع ميشيغن, عماد حمد، قد استنكر في بيان للجنة أعمال العنف فور مقتل السفير الأميركي في بنغازي واندلاع الاحتجاجات العنيفة في القاهرة، وقال «لا ينبغي التسامح مع أي أعمال عنف تستهدف المدنيين والدبلوماسيين.. مهما كان المبرر وتحت أي ظرف من الظروف». وعن فيلم «براءة المسلمين» قال حمد إنه جزء من موجة العداء للمسلمين (الإسلاموفوبيا) والتي يتغذى عليها المتطرفون، وأضاف «هذا لا يؤدي الى الحوار البناء الذي يهدف الى التفاهم والاحترام المتبادل.. فالناس أحرار بآرائهم ولكن الجدل يجب أن يكون بأسلوب حضاري وموضوعي». وحذر حمد من أن حقائق استهداف السفير لا تزال غامضة «فنحن أمام ظاهرة غامضة في ليبيا، وهناك العديد من الاحتمالات حول السبب وراء الهجوم».
وقد أصدرت عدة مؤسسات عربية وإسلامية أخرى في منطقة ديترويت الكبرى بيانات تدين الفيلم والإحتجاجات العنيفة من بينها «النادي اللبناني الأميركي» الذي قدم التعازي لعائلات ضحايا الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي، معتبراً أن الفيلم المسيء هدفه الأوحد هو بث الكراهية والإنقسام.
وبدوره قال مكتب مرجعية الشيخ عبداللطيف بري، في ديربورن، إن الشيخ قام خلال الأسبوع الماضي بلقاء رجال دين وقيادات محلية لتدارس أفضل الردود على الفيلم المسيء وأعرب عن دعمه للمهرجان السلمي الذي سيقام في «السيفيك سنتر» في 28 الجاري عند الساعة 5:30 مساء والذي من المتوقع أن يكون حاشداً.
وقد تم تحديد هذه الفعالية بعد اجتماعات متنقلة عقدت الأسبوع الماضي حضرها عدد من الناشطين والقيادات الحقوقية والدينية والاجتماعية واستمرت لتستقر مساء الخميس الماضي، في اجتماع عُقد في «النادي اللبناني الأميركي»، على الصيغة المثلى للرد على الفيلم المسيء وتأكيد رفض الجالية للعنف كوسيلة احتجاج. وتوصل المجتمعون الى تنظيم التظاهرة التي بُدئ الإعداد لها على الفور.
وعلّق الناشط الحقوقي، المحامي طارق بيضون، على القرار بالقول «إن هدف المهرجان هو إدانة الكراهية بالتعبير عن حبنا للرسول وجميع الأنبياء»، وأضاف «علينا أن نجعل الآخر يفهم أن خطاب الكراهية لن يطال وطننا بالأذى بل سيطال العالم كله». وأضاف بيضون، الذي يشرف مع آخرين على التحضير للمهرجان، «احتجاجنا سيكون سلمياً وسيعكس روح التنوع في مجتمعنا المتعدد الأطياف».
Leave a Reply