رسالة محبة وسلام أطلقها من لبنان قبل أن يزور الولايات المتحدة الأميركية، «ليس هناك صليب مشطوب، فالصليب نعلقه على صدورنا ولا نغرسه في صدر أحد»، أقامت «القوات اللبنانية» القيامة على الوزير البرتقالي وصبت جام غضبها ودعت لمقاطعته..
وصل جبران باسيل إلى أميركا، فطار صواب «القوات» وفقد «المستقبل» توازنه، وتحولت زيارته إلى «غزوة» سياسية خاطفة سحبت البساط من تحت أقدامهم فتداعوا لمقاطعته، فكانت له استقبالات شعبية حاشدة في ميشيغن وفي أوهايو وفي بوسطن. دعا القواتيون والمستقبليون المسؤولين المنتخبين في ولاية ميشيغن إلى تجاهله، فأخذ معه مفتاح مدينة ديربورن كما حصل على درع تقديري من محافظ مقاطعة وين روبرت فيكانو، واجتمع بعدد من المسؤولين الأميركيين في وزارة الخارجية في واشنطن.
الزميل على منصور يجري الحوار مع الوزير جبران باسيل في فندق تونسند في مدينة برمنغهام في ولاية ميشيغن ظهر السبت قبل مغادرة باسيل الى مدينة كلفلاند في ولاية اوهايو. |
خطف الحدث في ديربورن الأسبوع الماضي، ولم تزل أصداء زيارته تتردد بين أميركا ولبنان، فزادت حدة الهجمة عليه فنعتوه بحليف «الحزب الإرهابي» في دليل على إفلاس جعبتهم، فوقف الوزير جبران باسيل في قاعة «بيبلوس» في ديربورن وقال «لولا المقاومة لما استطعنا أن نُثبِّتْ حق لبنان في ثروته النفطية». التقت «صدى الوطن» وزيرَ الطاقة والمياه اللبناني جبران باسيل وكان هذا الحوار:
– بداية، ما هو تعليقك على البيان الذي أصدره «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» فـي ميشيغن ضد الزيارة؟
– «المستقبل» ينزعج من قدومنا إلى هنا.. التعددية الفكرية والثقافية والسياسية هي مسألة صحية، ولكن هؤلاء يريدون الأحادية.. هل «تيار المستقبل» يريد تغيير وجه أميركا؟!. أما محاولة ترهيب اللبنانيين وتخويفهم عبر القول بأننا حلفاء حزب إرهابي هي أساليب غير شريفة، تماماً كما هي أساليبهم في لبنان. لماذا الكثيرون منكم موجودون هنا في أميركا؟ أليس بسبب سياسات «تيار المستقبل» وأساليبه غير الشريفة في إدارة البلد منذ التسعينيات؟ الموضوع ليس تخريب زيارة فقط، فـ«المستقبل» يخرب البلد من خلال إشاعته أجواء سلبية عن لبنان، بالأمس كانوا يحرضون ضد الدولة وينبهون الشركات الى عدم الإستثمار في حقل النفط. في السلطة يخربون وفي المعارضة يخربون.. فمعارضة «المستقبل» ليست للتصحيح بل هي تؤمن بأن إما السلطة لها وإما الخراب.
– كيف نحمي حق اللبنانيين الأميركيين بإبداء رأيهم دون ترهيب وتخويف؟
لماذا ننشط هنا؟ نحن هنا لكي يكون هناك شرق أوسط فيه تعددية ومساحة للجميع وأن نجعل منه واحة للتعايش وليس بؤرة لتصدير الخراب كما يريده «المستقبل. أقول للبنانيين لا تخافوا، لأنه عندما تُقمعون هنا فإن القيم الأميركية تصبح مهددة لأنها قائمة على الحرية والتعددية. وليس كل من يعارض سياسة الإدارة الأميركية يصبح «إرهابياً» وعليه أن يخاف على مصالحه، كما يروج «المستقبل» في بيانه، هذه محاولات لتشكيل ضغط نفسي ليس أكثر، لا نريد أن نقف عند هؤلاء الصغار وأعمالهم الصغيرة، هناك قضايا أهم وأكبر منهم بكثير…
– أين أصبح قانون تصويت المغتربين؟
– لقد أُقّر القانون، ولكن ليس المهم أن يُقر القانون، فهناك قوانين كثيرة مُقرة ولكنها غير مطبقة. المهم في القانون أن نتوصل إلى عملية تسمح للمغتربين بالتصويت. إقترحنا في الحكومة قانونا وأرسلناه إلى مجلس النواب، وبموجب الطرح، تكون كل بلدان الإغتراب في العالم دائرة إنتخابية واحدة ولائحة واحدة تعطي للمغتربين أهمية أكبر. فيصبح هناك مثلاً، ممثلاً عن الجاليات اللبنانية في أميركا أو أوروبا أو إفريقيا أو غيرها، وبذلك يصبح للمغترب ممثله المباشر. هذا من ناحية المبدأ، أما من جهة ثانية في الشق العملاني فعلينا إيجاد آلية لتوفير عملية الإقتراع، خاصة وإن إمكانات بعثاتنا الدبلوماسية ضعيفة جداً، فليس لدينا الجهاز البشري الكافي ولا الأماكن المتوفرة القادرة على استقبال الأعداد الكبيرة للناخبين المحتملين.
ولكن في حال إقرار تشكيل لائحة واحدة لكل بلدان الإغتراب في العالم (كل فريق يشكل لائحة مكتملة بوجه الآخر) يستطيع عندها المغترب اللبناني من أي منطقة في لبنان وفي أي مكان في العالم أن يقترع للائحته على أساس النظام النسبي. هذا يكون بمثابة نقلة نوعية كي ينتخب المغتربون بجدية، وغير ذلك كله كلام شعر، والبرهان على ذلك أنه حتى اليوم لم يسجل للتصويت سوى ٦٠٠٠ ناخب في الإغتراب.
– ماذا عن سرية الفرز من أجل حماية الجاليات اللبنانية فـي العالم التي تصوت لفريق يعتبره الفريق الآخر إرهابياً وبأنه محظور أميركياً، مثلما قرأنا فـي بيان «المستقبل»؟
– إذا كنا سنسمح بانتخابات للمغتربين فليس ذلك لقمعهم. إذا كنا نتحدث عن حق الانتخاب في لبنان وحجبه عن اللبنانيين في الدول الديمقراطية مثل أميركا وأوروبا فبالتأكيد لن يكون هناك تصويت عادل للمغتربين، ولكن الأمر ليس كذلك، ولن يحصل أي منع لأي فريق من الإدلاء بصوته بكل حرية، ونحن كحكومة علينا أن نحرص على تأمين ذلك.
الكاتب علي الزين يأخذ صورة مع الوزير باسيل خلالحفل غداء اقامه رجل الأعمال غابريال عيسى على شرف الوزير في منزله في مدينة بلومفيلد في ولاية ميشيغن. |
– أي قانون انتخابات سيعتمد فـي لبنان ، هل سنعود إلى قانون الستين أم ستعتمد النسبية أم ماذا؟
– ليس هناك قانون عادل كقانون النسبية أو قانون أكثري بمعيار واحد الذي هو أشبه بدائرة فردية (مقعد واحد عن الدائرة)، والذي بدونه مضطرون لأن نذهب مع القانون النسبي حتى لا نفصّل قانوناً على حساب أحد…
ولكن هل بمقدوركم إقرار النسبية فـي مجلس النواب؟
– ولا هم يستطيعوا أن يأتوا بالدوائر الأكثرية الإستنسابية..
– ما العمل ،إذن؟
– حظوظ النسبية لم تزل أكبر من القانون الأكثري، لأن «القوات» و«الكتائب» لا يستطيعوا أن يتنكروا لواقعهم ومجتمعهم إلى هذه الدرجة ويسايروا تيار «المستقبل» و«الحزب الاشتراكي» على حساب وجودهم. تستطيع أن تساير «المستقبل» حتى تصيب خصمك (التيار الوطني الحر) ولكن عندما تسايره على حساب نفسك تصل إلى معادلة إذا ربحت خسرت وإذا خسرت خسرت. هذا الخطأ الذي ارتكبه سمير جعجع عام ١٩٨٩ يرتكبه اليوم مجدداً وكما دفع ثمنه بالماضي سيدفع ثمنه اليوم.
– ماذا لو تم تعويض «القوات» و«الكتائب» عدد المقاعد التي يخسرونها بالتصويت الأكثري من خلال زيادة حصصهما فـي اللوائح كي يساعدا «المستقبل» على إقرار قانون الدوائر بالتصويت الأكثري؟
– إذا استطاعوا أن يؤمنوا أكثرية نيابية فليفعلوا.
– هل من الممكن أن يسير حزبا «القوات» و«الكتائب» فـي قانون يعارضه «المستقبل»؟
انظر.. باختصار. إذا وافق «القوات» و«الكتائب» على قانون بالتصويت الأكثري مقابل تنفيعات في اللوائح فسوف يدفعان الثمن في الرأي العام.
– انتخابات ٢٠١٣ النيابية يخوضها «التيار الوطني الحر» لإيصال الجنرال عون للرئاسة؟
– هناك مسألة مهمة جداً وهي أنك تكرس مبدأ أن تسمح لمن يملك أكبر تمثيل شعبي أن يكون في رأس السلطة. هذا الحق تعطيه للشيعي والسني والدرزي وتحجبه عن المسيحي…
– لماذا قبلتم؟
– لم نقبل، لم يكن عندنا خيار. هل كان لدينا أكثرية ولم نفعل؟
– لماذا لم تستخدموا «الفيتو» كما فعل الشيعة والسنة والدروز؟
– أعتقد أن كل مرة نصل فيها إلى مكان نتصرف كأم الصبي ونضحي من أجل حفظ الاستقرار، ألا تذكر ماذا حصل في ٧ أيار؟ كما اليوم ندفع من رصيدنا من خلال استمرارنا في الحكومة من أجل الاستقرار.
– هل يخسر التيار من رصيده بسبب وجوده فـي حكومة له فيها ١٠ وزراء؟
– في الرأي العام نعم، لأنه يُطلب منا أمور لا نستطيع تلبيتها، أو ينتظر منا أن نفعل أموراً ليست بمقدورنا.
– عشرة وزراء مسيحيين للتيار، سابقة لم تحصل فـي تاريخ لبنان لأي حزب أو تيار مسيحي…
– لكنهم ليسوا أكثرية، بالرغم من أنها كانت نقلة نوعية لجهة استعادة الدور المفقود للمسيحيين، لا أنكر أن ١٠ وزراء «مش قلال» بالحكومة، فنحن نفعل كل ما نقدر عليه، فقد أوقفوا أمورا وحققنا أيضاً الكثير، ولكن هذا العدد غير كاف فنحن بحاجة إلى أكثرية. وهناك لوم يقع على بعض حلفائنا لأن هناك أشياء يمكن أن نحققها سويا. وإذا قلت لي بأنكم ١٠ وزراء ومع حلفائكم تصبحون أكثرية، الفكرة لا قدرة لنا للدفاع عنها ولذلك نحن كفريق مقصرون.
– ما هو مبرر الخلاف مع حركة أمل فـي قضية المياومين وانتم حلفاء؟
– هناك أنماط من التعاطي في البلد حيث بقيت التفاهمات السياسية الكبيرة على مستوى السياسة العامة ولم تنعكس على السياسات الداخلية، وهذا هو السبب الحقيقي. من أجل ذلك نتحدث عن العجز. فليس مبرراً أن نتفاهم كيف نخلّص البلد على المستوى العام الكبير ونتركه منخوراً من الداخل بالفساد المستشري.
– كيف هي العلاقة مع «حركة أمل» اليوم؟
– نتأمل من التجارب التي حصلت أن تعلمنا جميعا أن هذا الوطن لا يمكن أن نحقق فيه استقراراً ومقاومة بينما مؤسساته فارغة ومفرّغة وينخرها الفساد. ٢٠ سنة تكفينا كي نتعلم أنه لا يمكن أن نخرب البلد من اجل مصلحة خاصة لأي فريق منّا.
– هل ما زالت ورقة التفاهم مع «حزب الله» صالحة بشكلها الحالي أم هي بحاجة إلى تطوير؟
– هي صالحة لأن مبادءها عامة، ولكنها بحاجة إلى تطوير تنفيذي كي يشعر كل اللبنانيين أن للإصلاح أولوية تماماً مثل المقاومة. فالإصلاح مكمل ومتمم للمقاومة لأنه معني بتحصين المقاوم داخلياً عبر تهيئة بيئة إجتماعية حاضنة له وبعيدة عن الفساد. فلا يمكن لنصر المقاومة أن يكتمل إذا كان الفساد هو المنتصر في الداخل. إذا كان العماد عون إصلاحياً ومجتمعه لا يساعده، ماذا يستطيع أن يفعل؟
– أين أصبحت خطة الكهرباء؟
تتنفس، ولكن ليس بالسرعة اللازمة، أصبحنا في محل لا يمكن الرجوع بعده إلى الوراء، سوف نبدأ في مراحل تحسن، من أحسن إلى أحسن. ومن اليوم الأول قلنا بأن أزمة الكهرباء تركة قديمة يستغرق حلها وقتاً، ووعدنا بتحقيق التغذية الكاملة بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٥.
– التنقيب عن النفط والغاز قد بدأ، فمتى يبدأ الإستخراج؟
– هذه خطوة إضافية للأمام، ولكن لا يمكن أن نقول بأن النفط «طلع» إلا عندما تدخل أمواله وإيراداته في الصندوق السيادي اللبناني، وذلك بعد سنوات من الآن، هذه رحلة لن تنتهي، فقد أمّنّا عليها وحمينا ظهر لبنان ووضعنا الأساس لثروة طائلة سوف تمتد للأجيال القادمة…
– وكأنك تقول بأنكم إذا خسرتم الإنتخابات وخرجتم من الحكم سوف يضيع الإنجاز أو يُنهب النفط؟
– طبعاً، لأن من كان قبلنا في الحكم لو أراد أن ينجز هذا الأمر لكان فعل، فمن منعه أن ينجزه منذ عام ١٩٩٢ وحتى الآن؟ وكم كان قد وفر علينا من الوقت؟ هل من سأل لماذا يحكى عن النفط بهذا الشكل اليوم؟
– لماذا؟
– لأننا نحن موجودون.
Leave a Reply