دُور يا كلام علـى كيــفك دور خلي بلدنا تعوم في النـور
وارمي الكلمة في بطن الظلمة تـحبل سلمة وتـولد نـــور
يكــــشف عــــيـــبـنــا ويـلهّبـنــا لسعــه فلسعه نـهب نثور
أحمد فؤاد نجم
العقدة: من سايكس بيكو الى الطائف
كل عقدة ولها حلاّل، إلاّ عقدة الطائفية التي زرعتها دولة الإستعمار الفرنسي في لبنان الذي يعايشها منذ تأسيسه في العام 194٣. من وقتها انقسم لبنان على نفسه وتناحرت طوائفه وتقاتلت في حروب كان كثير منها عبثياً، كما شقّه كثير من الصراعات الإقليمية بين العرب وإسرائيل وساهمت الفصائل الفلسطينية التي دخلت لبنان في انقسام اللبنانيين بين مرحبين بالوجود الفلسطيني المسلح والرافضين له الى حدود غزو بيروت في العام 1982 وخروج الفصائل الفلسطينية من لبنان وما تلاه من سنوات فوضى أمراء الحرب وصولاً الى اتفاق الطائف.
وفي العام 1989 سعت دول عربية الى جمع الفرقاء اللبنانيين في مدينة الطائف في السعودية بحجة رأب الصدع وانهاء الحرب الاهلية اللبنانية. وعوضاً عن أن تساعد قمة الطائف اللبنانيين على تغيير نظامهم الطائفي الذي كان أحد أهم أسباب تفرقهم وصراعاتهم انتجت اتفاقاً جديداً قديماً يقوم على نفس مبدأ النظام المركب والمبني على المحاصصة الطائفية معدلاً الكفة التي كانت تميل سابقاً للمسيحيين وبقي رئيس الدولة مسيحياً مارونياً ورئيس الحكومة مسلماً سنياً ورئيس البرلمان مسلماً شيعياً، وبذلك قننت قمة الطائف نظام الطائفية من جديد وأبقت على العقدة المستعصية أم أزمات دولة لبنان من يوم نشأتها.
ومنذ اتفاق الطائف دخل لبنان مرحلة جديدة ليتعايش مع أزمات نظام حكمه المركب ولا تزال آثار هذه العقدة المدمّرة والعصية على الحل تتفجر في ايامنا هذه في العام 2012، وتُسمع بوضوح في أصوات إطلاق الرصاص في مناطق واسعة من البلاد وحتى في العاصمة بيروت. والسبب هو هو دائماً: تبادل اتهامات والخروج على القانون الذي من المفترض أن يكون المرجعية التي يحتكم اليها المتخاصمون لفض النزاعات. أما عقلية انّ لا أحد يقبل حكم القانون مادام يدينه أو يمس أحد افراد طائفته فمعناها احتكام كل الى «قانونه» الخاص «وكل اللي براسو موال يغنيه» ما يعني أن أي أزمة ممكن ان تقود البلاد الى فوضى قد لا يُقدر على كبحها.
ما حدث في الأسبوع الماضي ليس المرة الأولى التي يُحتكم فيها الى السلاح في شوارع لبنان فقد مرت على بلاد الأرز حروب وكروب وخلنا ان الجميع تعلم من دروس الماضي وأنهم سيلتزمون سقف القانون الى ان امتدت يد الغدر مرة أخرى لتغتال وسام الحسن أحد أهم رجالات الأمن اللبناني. ورغم أن المصاب جلل فعلى كل اللبنانيين أن يحكّموا القانون وينتظروا التحقيقات في الجريمة النكراء، فلا داعي لإلقاء التهم جزافا بهدف ارباك الشارع السياسي وتحقيق مكاسب بسياسة «قميص عثمان».
قد يبحث البعض عن شماعة الخارج ليبرر كل حالة فلتان لكن المؤكد أن أي خارج مهما كانت قوته فلن ينجح في اللعب بالداخل لو لم يكن هناك استعداد من بعض الداخل للبيع والشراء. صحيح أن قوى المصالح الدولية تتحرك في كل مكان لكنها تعجز دائماً عن تمرير أجنداتها كلما كانت الإرادة الداخلية قوية، لذلك سنحاول ان نتلمس خلال حديثنا هذا الدور الذي لعبه ويلعبه بعض «زعماء» الداخل اللبناني في ظل تزايد توسع سوق السمسرة السياسية.
بارونات سياسة الأزمات: اللي بيأكل خبز السلطان بحارب بسيفو
ليس لبنان بالبلد الغني بثروات معدنية أو بترولية ولم يكن يملك حقولا من الغاز عندما كانت القوى الاستعمارية تخطط لتقسيم المنطقة، كما ان هذا البلد الصغير لا يمتلك عمقاً وامتداداً جغرافيا أو حجماً ديمغرافياً يمنحه ثقلا سياسيا في معادلات الشرق الأوسط، فما الذي جعله إذاً طرفاً في لعبة الكبار؟ هناك عاملان مهمان جعلا من لبنان في الاول ورغم انفه طرفاً في لعبة السياسة الإقليمية والدولية بالمنطقة، لكن في الاثناء تعلم كثير من زعماء الطوائف قواعد اللعبة واتقنوها ليصبحوا «معلمين» وأهم لاعبيها وعرابيها في المنطقة.
أولا، تركيبته الإثنية: يتكون لبنان من أقليات ارتبط بعضها تاريخيا بمصالح الاستعمار الفرنسي الذي كان الأوسع انتشارا في البلاد العربية في تاريخها الحديث. وحرصا من فرنسا على استثمار علاقاتها بأحلافها في لبنان قامت بـــ«تركيب» نظام حكم تكون فيه الطوائف المرتبطة بها صاحبة الأمر والنهي في البلاد، ولتُبقي لنفسها اليد الطولى فيها جعلت فرنسا من حماية الاقليات الدينية «مسمار جحا» وسبباً تتحجج به لتبرير التدخل في شؤون لبنان متى شاءت، مما دفع بالعديد من المجموعات المذهبية اللبنانية التي أحست بأنه وقع تهميشها واستُفرد بالبلاد من دونها أن تبحث لنفسها هي الأخرى عن أحلاف بالداخل والخارج بغرض حماية نفسها. وبهذه الطريقة بدأت تتكون أحلاف داخلية بين الطوائف التي لها مصالح مشتركة وبينها وبين أطراف خارجية، لها هي الأخرى مصالح في لبنان وفي المنطقة، لذلك موّل الخارج أحلافه وخاصة الزعامات منهم الذين أصبح بعضهم بفعل خبز السلطان لسان حاله داخل وخارج لبنان. وبذلك استقر لبنان على خط أزمات المنطقة، وبعد عقود «من هات وخذ» ترسخ ارتباط كثير من الطوائف ورجال السياسة بالخارج وبدول وأحلاف متصارعة لا ناقة لأغلب اللبنانيين في صراعاتها ولا جمل، ولكن لبعض «زعامات» طوائف لبنان فيها نوقا وجمالا وقوافل وتجارات.
ثانياً، موقع لبنان الجغرافـي: من حظ لبنان الذي قد يجده البعض عاثراً بسبب ما عاشته البلاد من حروب وويلات نتيجة موقعها على خط زلازل الصراعات الإقليمية والدولية في حين يعتبر بعض آخر نفس الموقع حظاً حسناً بسبب ما حققوه من أرباح في ظل أزمات البلد. قدرُ لبنان انه وُجد في اكثر مناطق العالم تفجّرا حيث تشهد هذه المنطقة من الشرق الاوسط ومنذ وجود الأمم والدول والإمبراطوريات صراعات لا تنتهي تتخذ أحيانا طابعا إقتصادياً وأحياناً أخرى طابعاً دينياً.
وقد ازدادت المنطقة تأزماً واشتعالاً منذ حوالي النصف قرن نتيجة تفجر الصراع العربي-الاسرائيلي بسبب القضية الفلسطينية وقيام حروب سنوات 48 و67 و73 التي كانت لها اثار سلبية على دول وشعوب المنطقة كما كانت سببا في اشتعال بُؤر صراع جديدة كان لبنان إحداها. حروب ولدت أخرى فأصبحت هذه المنطقة التي هي مهد الحضارات ومصدر الثروات ومهبط الديانات على كف عفريت، لا يخمد فيها صراع إلاّ ليشتعل آخر.
في ظل هذه الظروف والأزمات ازداد تطور وتوطّد تحالف أصحاب المصالح من القوى الخارجية والإقليمية وكثير من قُوَى الداخل اللبناني التي كانت تتصيد الفرص لتحقيق الأجندات المرسومة لها بمزيد تعميق الإنقسام الداخلي والطائفي. وساهمت علاقات الارتباط والتبعية الى توظيف السياسة اللبنانية في غير صالح لبنان والمنطقة وجعل لبنان مسرحا لصراعات سياسية ودينية ومذهبية لا تنتهي، ركيزتها عقيدة المال والمصلحة كمبدأ أساسي في التعامل سواء كانت مصلحة أفراد أو طوائف أو أحزاب بحيث يصبح عمل كل فرد أو طائفة «إلْهُمْ» إنّها فلسفة أنا وبعدي الطوفان.
وقد تم تكليف عدد ليس بالقليل من رجالات السياسة في لبنان للإشراف على إدارة أزمات الداخل وتوجيهها ضد بعض الدول كلما طُلب منهم ذلك. هي إذاً سلسلة من المصالح المرتبطة ببعضها، أفراد أو طوائف مستفيدة من بارونات السياسة، يحاربون بسيوفهم. وبارونات مستفيدين من قوى اقليمية وخارجية يحاربون بسيوفها من أجل تنفيذ أجنداتهم في المنطقة العربية.
ورغم الجهد المبذول لتوحيد صفوف الشعب اللبناني حول قضاياه الحقيقية ورغم حملات التوعية التي قام بها كثير من شرفاء لبنان وحرصهم على ان يرتفع وعي كل مواطن لبناني فوق وعي الطائفة، ليكون الفرد في خدمة الوطن لا خدمة الأفراد أو الطوائف، لكن للأسف الشديد يجد هذا الطرف صعوبات كبيرة لنشر وعي يُكرّس عُلو الوطن فوق كل الطوائف نتيجة تعمق ظاهرة الانتهازية فكانوا «كمن جاب الديب تيعلمو القراية قالو: قول ألِفْ، قال عنزة». وهذا دليل على مدى تأثيرالدور التخريبي الذي لعبته المؤسسة الرجعية التي عملت في المقابل وبكل اصرار وعبر اعلام داخلي وخارجي مكثف وموجّه للداخل على تشويه الوعي الوطني وتعميق الحس الطائفي عبر إغراء الأفراد بالمال وربطهم بالمصالح حتى يصبح المَثَل «مصلحتي .. وفخار يكسّر بعضو» شعار الجميع، ويجد أصحاب هذا التيار آذانا صاغية من السُذج والمُغرّر بهم ممّن لا خبرة لهم ومن المعوزين أو من المخدوعين بشعارات دينية لفقهاء السلاطين وبائعي صكوك الجنة الذين يعمل كثير منهم وفق أجندات لا تخفى على أحد.
يدرك كثير من هؤلاء الذين ارتفعوا فوق سقف الطائفية أنّ بارونات السياسة، أو بالأصح تُجّار السياسة في لبنان، ومن أجل مصالحهم ومنافعهم المادية مستعدون أن يفعلوا أيّ شيء، حتى أنهم قبلوا ان يكونوا طرفا في مطبخ سياسي لبناني له امتدادات إقليمية ودولية تطبخ فيه الأزمات لضرب وإضعاف الداخل اللبناني وتصدير أزماته لضرب أطراف اقليمية ضمن اجندات يقع تحريكها وفق خطط وتكتيتيكات مسطّرة مُسبقاً، حيث يقع افتعال الأزمات والمشاكل في الزمان والمكان المحددين لها لتوجيه الانظار أو ضرب أو تشويه خصوم.ورغم أن تلك الازمات قد تبدو فجائية للبعض إلاّ انها معلومة لتجار السياسة ومخطط لها من قَبل، وأطرافها «حافظين درسهم».
إنّ النظام اللبناني الحالي والمُرَكّب طائفياً جعل من بلاد الأرز خاصرة رخوة مكنت أطرافا داخلية ممثلة في بعض زعامات الفساد والمصالح من تجار السياسة ومن اطراف من دول اقليمية وقوى استعمار دولية من تحريك مكونات النسيج الطائفي اللبناني واللعب على تناقضاته لخدمة اهداف تلك الاطراف التي كثيرا ما كنت تتحرك ضمن احلاف موحدة الاهداف وتحت عناوين ومسميات مختلفة. ورغم ماخلفته منظومة الحكم الطائفي التي وضعت إبان الترتيبات الاستعمارية من مآسي وحروب بين الطوائف على مدى العقود الماضية وما تسببه الآن من احتقان داخل الشارع السياسي اللبناني، فإن الأمور بدأت تتجه نحو التغيير وبدأ الوعي الوطني يزداد في صفوف الاجيال الشابة مما يؤشر لبداية تجاوز ضيق أفق التعصب المذهبي وسقوط كثير من «يتوبيا» الطائفية المقيتة التي كانت الى وقت قريب من «المقدسات» غير القابلة للنقاش.
فهل يستحي الذين «استكرشوا» من التمعش من الطائفية «على دمهم» ويراعوا الله في شعوبهم قبل فوات الأوان وقبل أن يصبحوا عار وسُبّة يشار اليها بالبنان وبالقول «شابت لحاهم والعقل لِسّا ما جاهُم».
سياسة النأي بالنفس: اللّي مايعرف الصَّقْر يشويه
أعلن لبنان سياسة النأي بالنفس عما يحصل في ربوع الشقيقة الكبرى سوريا، ورغم أنّ هذا الاعلان قد صرح به للصحف والفضائيات والمواقع الالكترونية والتزم به دبلوماسياً،إلاّ أنّ بعض الشخصيات الرسمية ومن بعض وزراء الدولة اللبنانية ومسؤوليها من الذين يناصبون الدولة السورية العداء لم يلتزموا بسياسة النأي المعلنة بل إلتزموا سياسة «النق»الإعلامي المكثف والممنهج، واستغلوا التركيبة الطائفية لبعض القرى والبلدات اللبنانية الحدوية ليحولوها الى قاعدة لإنطلاق الهجمات العسكرية لما يسمى الجيش الحر ولكثيرمن المجموعات المسلحة التي أُفْتِي لها بأن ساحة سوريا هي «ساحة جهاد» وباب دخول الجنة.. فتدفق الكثير من المسلحين والسلاح غير الشرعي عبر حدود دولة كان من المفروض أن تلتزم أكثر بضبط حدودها حتى يتحقق النأي بالنفس عملياً. ولكن تغافل الدولة عن فعل بعض اللبنانيين وتجار السلاح غير الشرعي وغض الطرف عنهم يعتبر كمن صلى ونسي الوضوء فعليه الإستغفار والاعادة. وكذلك على الذين مارسوا القتل كفارة الدماء التي اريقت والبيوت والمستشفيات ومدارس الاطفال التي هدمت من طرف الذين لم يلتزموا بالنأي ودخلوا دولة شقيقة ليقتلوا مواطنيها ويدمروا مكتسبات شعبها.
وقد اثبت تقرير الأمم المتحدة الدور الدموي الذي مارسته بعض المجموعات المسلحة التي تسربت إلى سوريا من حدود تركيا ولبنان وهو ما اثبتته أيضاً الشهادات والإعترافات التي وثقتها بعض الفضائيات للمسلحين المنتشرين داخل الأراضي اللبنانية وعلى طول الحدود مع سوريا، والذين يؤمنون بأن «النأي بالنفس»إعلان للاستهلاك الاعلامي لا أكثر، وبأنهم سيواصلون جهادهم دون الالتفات او الإلتزام بأيّ قرارات، لأنهم:
أولاً: يتمتعون بضوء أخضر معناه سيروا واقتلوا الخلق واحرقوا الزرع واهدموا الحجر لذلك لم يفرقوا بين ثكنة ومسجد وكنيسة فاستهدفوا الادارات العامة والمستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد.. وكأني بلسان حال السوريين الذين يرون أخوتهم تسفك دماؤهم وبيوتهم تهدم يقولون «البيت بيت أبونا والغُرْب بيقتلونا».
ثانياً: لا يؤمنون بسلطان الدولة بل بطاعة امرائهم الذين لهم في أعناقهم بيعة.
ثالثاً: تعصبهم الطائفي ورغبتهم في التشفي أعمت بصيرتهم فما عادوا يفكرون في احترام حقوق الانسان وإنسانية الآخر، وهو امر مرفوض في كل الشرائع المدنية والدينية لذلك كانت فظاعاتهم فوق كل وصف.
كان على كل الأطراف التي والت الطعن في سوريا عبر ارسال الأسلحة والمسلحين من لبنان أن تدرك أن مصلحة الشعب اللبناني لا يمكن أن تكون إلا مع سوريا قوية وموحدة وغير طائفية، وانّ ما يُعمل عليه من محاولات لتفكيك وإعادة تركيب الدولة السورية على اساس طائفي يعني قيام دولة ثالثة طائفية في الشرق الاوسط بعد لبنان والعراق . إنّ قيام دولة سورية متعددة الرؤوس يعني زرع لبذرة الفتنة و صراع المصالح وانقسام الناس حول «زعاماتهم» مما يعني إيجاد أرض خصبة لإندلاع النزاعات ثم تطورها لتصبح مسلحة ودموية.
من العقل أن يكرس لبنان الطائفي إلتزاماً حقيقياً بالنأي بالنفس عبر حماية حدوده مع سوريا وجعلها آمنة بمنع حركة عبور السلاح والمسلحين الى سوريا، أما غير ذلك فقد يفتح المنطقة على صراعات طاحنة لن يقدر لبنان المأزوم اصلا على تحملها . إنّ سقوط الدولة السورية يعني انفراط البلاد وانتشار فوضى السلاح من والى لبنان الذي لن يكون بمنأى عن آثارها المدمرة فقد يقرر «أمراء» المسلحين توجيه السلاح ضد لبنان، وقتها ستكون «جنت على نفسها براقش».
رغم كل المؤاخذات التي يمكن ان تذكر بحق النظام السوري، والتي قد يكون بعضها صحيح، فإنّ سوريا كانت دوما من الحصون الواقية للبنان وساهمت في حماية السلم الأهلي فيه لسنين.
يا جماعة الخير، لماذا انقلب كثير منكم كل هذا المقلب بعد ان كان كثير منكم يصطف في دمشق لتقبيل الايادي وطلب الرضاء؟ إنّ انفراط عقد الدولة السورية قد يكتوي به لبنان أكثر من غيره فإذا اتجه الوضع في سوريا نحو فوضى «خناقة»، أحسن سيناريوهاتها قيام نظام طائفي فتتحالف كل طائفة سورية مع اختها في لبنان ما يعني اعادة تركيب الدولتين من جديد لكن بعد ان تأكل حروب المذاهب الاخضر واليابس واسوأ الاحتمالات صوملة المنطقة لا قدر الله. إنّ دخول لبنان على خط الأزمة السورية سلبيا يؤكد أن بعض «رجال السياسة» ليسوا إلاّ مجموعة من الهواة لا يدركون حجم المخاطر التي قد ينزلق اليها البلد فيكونوا كالذين لم يعرفوا الصقر فشووه ثم تفطنوا لفعلهم فعادوا فبكوه لكن «بعد خراب مالطه».
نعتقد أن كثيراً من القابضين على الجمر من شرفاء لبنان، لا يزالون يعترفون بالجميل ويتذكرون احتضان الشعب السوري لهم في كثير من محنهم فهم حريصون على سلامة كل اهله بمختلف طوائفهم ولا يريدون أن يكونوا مثل أهل الخسة وناكري المعروف الذين «أكلوا الهدية وكسروا الزبدية». اهل المروءة هؤلاء هم الذين حموا وطنهم لبنان من التصدع رغم نظام المحاصصة والطائفية التفتيتي الذي يمنع قيام دولة لبنان المبنية على حقوق المواطنة لا حقوق الطوائف، شأنها شأن اغلب دول العالم الديمقراطية التي يكون فيها الدين لله والوطن للجميع. إنّ كثيرا من هؤلاء الشرفاء لا يرغبون في ان يتحول لبنان الى خنجر لطعن العرب في الظهر لانهم يدركون أن الصقر صقر والدجاجة لا يمكن ان تكون إلاّ دجاجة ولو طارت وعلّت.
Leave a Reply